هل دقت ساعة تحرير جسر الشغور؟
ناصر قنديل
تقول الغارات وعمليات القصف المدفعي والصاروخي المكثف التي تستهدف منذ ظهر أمس تجمعّات المسلحين في منطقة جسر الشغور وما حولها، وكذلك التنسيق العالي بين الطيران السوري والروسي في عمليات القصف، إن الأمر ليس مجرد رد ناريّ شديد على مناطق الجماعات الإرهابية يهدف لإيقاع خسائر في قياداتها وصفوفها بصورة تقول إن انتقاماً ما قد تمّ للشهداء الذين ارتقوا في جريمة استهداف الكلية الحربية، وانتهت بعشرات الشهداء والجرحى من العسكريين والمدنيين، لأن الاستهداف محدّد، وهو يطال موقع الحزب التركستاني الإسلامي الذي يمثل الإيغور الصينيين المتطرفين الذين يتخذون بالتنسيق مع جبهة النصرة منطقة جسر الشغور قاعدة لهم.
هذا يعني أولاً أن القيادة العسكرية والأمنية في سورية قد انتهت من التقييم وتقدير الموقف، وحدّدت الجهة التي تقف وراء استهداف الكلية الحربية، وهي الحزب التركستاني الإسلامي، وأن القيادة السياسية السورية وافقت على هذا التقدير والتحديد، وأن التحليل والتحقيق اللذين أجرتهما القوات الروسية أوصلا إلى نتائج متطابقة، وأن القرار اتخذ بالرد على مواقع هذا الحزب الإرهابي الصيني بالتشارك بين القيادتين العسكريتين السورية والروسية، وفي خلفيّة الردّ اعتقاد بأن عملية استهداف الكلية الحربية ترجمة لقرار أميركي بمحاولة تعطيل مفاعيل زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى الصين، وتجميد التفاعل الصيني العالي المستوى بإعلان الشراكة الاستراتيجية بين الصين وسورية، وذلك من خلال القول للسوريين إن كلفة التعاون مع الصين عالية وعليهم إذا مضوا فيها وراء رئيسهم الاستعداد لدفع هذه الكلفة الدموية، والقول للقيادة الصينية إن سورية ليست آمنة، وإن ما ينتظر الخبراء الصينيين والشركات الصينية التي سوف تأتي إلى سورية هو ما شهدته الكلية الحربية في حمص.
الأكيد أن روسيا تشارك سورية التقدير بأن الشراكة مع الصين هي محطة تحوّل لا يمكن التهاون مع أي مسعى لتعطيلها، لأن موسكو تدرك أنه في حلف مواجهة الهيمنة الأميركية فإنه بمقدار ما تمثل روسيا القوة العسكرية الضاربة، فإن الصين تمثل الركيزة الاقتصادية الصلبة، وفي سورية تحقق الكثير عسكرياً لكن بكلفة اقتصادية كبيرة، وإذا كان الأميركيون قد استنهضوا الإرهابيين الصينيين لإيصال الرسالة التعطيلية لمسار الشراكة الاستراتيجية الصينية السورية، فإن الدفع بهذا المسار الى الأمام يحتاج إلى أكثر من مجرد الردّ الناري، وإن الرسائل التي يجب إيصالها للأميركي والجماعات الإرهابية التي تعمل تحت رعايته، هي أن كلفة اللعب بالنار مرتفعة، والكلفة أكبر بكثير من العائدات المرتقبة لأي عملية. والرد هنا من عيار أن الجهات التي تتولى التنفيذ سوف تشطب عن الخريطة. فالرسالة المطلوبة للسوريين هي أن دولتهم قوية بجيشها وتحالفاتها، وأن الشرعية الأخلاقية التي منحتها دماء الشهداء للقيام بالردّ قد جرى توظيفها بصورة تخلق ردعاً يمنع تكرار ما يشبه الاستهداف الإجرامي، وتقول للصين إن الجهة التخريبية التي استهدفت العلاقات قد دفعت ثمن التخريب وجودها العسكري وإنهم في سورية آمنون، وتقول للأميركي إنه تسبب بالألم عبر حجم الجريمة، لكنه دفع ثمنها بخسارة فريق كان يعتمد عليه جرى شطبه، وخسر معه جزءاً من الجغرافيا التي كان يستند اليها في أعمال التخريب، وتقول للجماعات التي تلوذ بالأميركي وتتورط بأعمال إجرامية إن رأسها سيكون ثمن العبث، وإن الأميركي لن يفعل لإنقاذها شيئاً.
جسر الشغور كانت محطة نوعيّة في مسار الحرب الإرهابية على سورية، فهناك كانت البداية عبر استهداف المقار الأمنية السورية بصورة وحشية، وسقط 120 من الشهداء في شهر حزيران 2011، وجسر الشغور صلة وصل جغرافية بين الساحل والداخل عبر طريق دولي يربط اللاذقية بحلب يعبر من جسر الشغور، وثمة ما يقول اليوم إن ساعة تحرير جسر الشغور قد دقت.