آخر الكلام
العودة إلى المربع الفلسطيني
الياس عشّي
المشهد الثالث
التقط «الحجاج» المشهد الجديد الذي أثاره المقاتل الفلسطيني، وفتح قوسين للحديث عن المدارس السياسية وأساليبها، فقال:
ـ لكلّ مدرسة، أيها الرفقاء، أسلوبها، ينسحب ذلك على الأدب، والرسم، والموسيقى، وكلِّ الملكات الفنية، وينسحب أكثر على السياسة.
فسياسة «فنّ الممكن» مراوغة تزعمها رئيس أسبق لوزراء بريطانيا اسمه «دزرائيلي»، وهو يهودي؛ وله باع طويل في تأسيس الكيان الصهيوني.
وسياسة «حافة الهاوية» لمعت مع بداية الحرب الباردة، وكان صاحبها وزير خارجية الولايات المتحدة «دالاس».
وسياسة «الخطوة خطوة» فَخٌّ ابتكره «العزيز» كيسنجر، وزير خارجية الولايات المتحدة في السبعينيات من القرن العشرين. هذه السياسة قادت العرب إلى التراخي، والترهّل، والأزمات، والانكسارات الحادّة، والاتفاقات الجزئية (كامب ديڤيد – أوسلو – وادي عربة – واي ريڤر*).
أسجل ذلك كي أصل إلى المدرسة الواقعية في السياسة السورية:
فمنذ أن استقلّت البلاد العربية حكمنا مغامرون، وجماهيريون، ودجّالون، وآنيّون، وسماسرة، وعساكر، دون أن يؤسّسوا طريقة وأسلوباً؛ كانوا الأولاد الشرعيين للحظة انفعال، وكانت قراراتهم أكثر انفعالية، فقادونا إلى كوارث مدمّرة.
ويعتبر الرئيس حافظ الأسد أوّل زعيم عربي يعمل لمدرسة واقعية تتصف بالاتزان والرصانة، ويجعلها في صدارة السياسة الإقليمية والدولية. وقد برزت واقعيته، خلال ثلاثين عاماً، في أكثرَ من موقف:
(وإلى غد في مشهد رابع).