سقطت الأسطورة… إنها اللحظة المناسبة
} منجد شريف
سطرت غزة طوال الأيام المنصرمة، أسطورة الصمود الجبار لشعب الجبارين بالتزامن مع النصر الكبير لأبطالها الميامين، بينما يحاول العدو الصهيوني استعادة المبادرة إلى حدّ ما في القصف العشوائي، لكنه لن يتمكّن من تغيير وجهة الهزيمة الكبيرة التي لحقت به، ولن يمحو آثار الذلّ الذي طاله من الهجوم المفاجئ والصاعق في طوفان الأقصى…
تلك العملية الجريئة والمهمة في بعدها العسكري، إذ كيف يمكن لجيش قيل إنه لا يُقهر أن يصبح على تلك الصورة من الضعف والوهن وعدم الجاهزية، فكان القصف العشوائي للتعويض بالخسائر البشرية ما خسره بالمواجهة، ولاستعادة الثقة بالجيش عند «المجتمع الإسرائيلي» الذي ما لبث يتساءل عن وجود هذا الجيش عندما وجدوا أنفسهم بين أيادي المقاومين، غير أنَّ عملية طوفان الأقصى خرجت عن كونها عملية عسكرية خلف خطوط العدو وفي عقر تحصيناته، لتصبح هاجساً يقضّ مضاجع كلّ الإسرائيليين، بعد الخسائر الكبيرة التي تكّبدتها إسرائيل، وجراء القدرة الكبيرة التي أظهرها المقاتلون الفلسطينيون من كتائب القسام وباقي الفصائل.
إسرائيل هي جيش لديه دولة، ولا يستطيع جيش مهما بلغت قوته أن يبقى محافظاً على هذه القوة إلى الأبد، وذلك المجتمع المتعسكر منذ نشوء الدولة، لن يبقى متعسكراً مدى الحياة، فهناك تحوّلات في البنية الاجتماعية للأجيال المتعاقبة، فلن يبقوا على ذات الثبات والبأس والعقيدة، ومن جيل إلى آخر يتلاشى الكثير من مقومات القوة، في مجتمع بُني على الحروب والصراعات والإرهاب والفتك، فلن يستطيع الصمود إلى الأبد بذات الجاهزية، وخير دليل على ذلك ما برهنته عملية طوفان الأقصى، التي أعطت الدليل القاطع أنّ «المجتمع الإسرائيلي» الذي يتشكل منه ما يُسمّى «جيش الدفاع»، لم يعد لديه القدرة القتالية، وأنّ حروب الغدر التي تميّز بها لم تعد ممكنة، بسبب الصعوبات الاستخبارية في الكشف المسبق للأحداث والقدرة على الالتفاف عليها.
فقد ولى زمن التفوّق وثبتت معادلة جديدة، أنّ قواعد الاشتباك تبدّلت وأنّ الصهاينة لم يعد لديهم الطمأنينة في الاستمرار على ذات الوتيرة التي اعتادوا عليها.
الصراع اليوم في مكان آخر، والآتي من الأيام سيثبت أنّ إسرائيل نمر من ورق، لأنّ الزمن اليوم اختلف، وحتماً سيتغيّر العالم الذي تحكمه الصهيونية، بأدواتها المتنوعة، من دول ومنظمات وجمعيات مموّلة ومبرمجة لتعطيها الحقّ وتمنحها الغفران في كلّ أعمالها الإرهابية.
عملية طوفان الأقصى خطوة هي في الاتجاه الصحيح لتحرير فلسطين، إذا ما كانت خطة محكمة ولها فصولها المتدرّجة، لأنها اللحظة المناسبة في تاريخ الصراع العربي ـ «الإسرائيلي».