المخاطرة بخسارة الأردن دون ربح غزة
– قبل أن تبدأ الحرب البرية على غزة لرد الاعتبار لصورة جيش الاحتلال المهزوم بعد زلزال طوفان الأقصى، تحوّلت تداعيات العدوان الهمجي المجرم على غزة وما يخلفه من قتل ودمار الى رافعة لنهوض شعبي عربي وغربي، يظهر في الشارع الأردني في طليعة الحضور.
– الأردن هو واحد من الكيانات الوليدة من تقسيمات سايكس بيكو، لكنه بقي رغم التقسيم تتمة تاريخية وجغرافية لفلسطين، بصورة أشدّ مما برز عليه الحال بين سورية ولبنان والعراق بعد التقسيم. فالضفة الغربية هي عهدة أردنية قبل حرب عام 67 ومثلها القدس الشرقية، والمقدسات لا تزال عهدة أردنية رغم الاحتلال، وسكان الأردن غالبيتهم من نازحي العامين 48 و67، وسكان شرق الأردن عروبيون أقحاح، والحركة الوطنية في الأردن امتداد للتشكيلات المقاومة الفلسطينية التي غابت واجهاتها العلنية بعد أحداث العام 1970 وخروج الفصائل الفلسطينية من الأردن، أما الحركة الإسلامية في الأردن فهي توأم حركة حماس لم ينفصلا تنظيمياً إلا مؤخراً.
– بالتوازي الأردن هو قاعدة أميركية رئيسية في خطط المنطقة، ولحكومته ومخابراته أدوار إقليمية لا غنى عنها في السياسات الأميركية نحو سورية والعراق وفلسطين. والحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة تزيد عن 300 كلم وهي أطول حدود عربية، يعترف قادة جيش الكيان أنه يستحيل ضبطها من قبلهم اذا انهار الضبط من الجانب الأردني، والفوضى في الأردن تعني تغييراً جيوستراتيجياً في المنطقة، سواء بالنسبة للوضع في سورية أو فلسطين، بحيث يسقط أمن كيان الاحتلال، وأمن الاحتلال الأميركي في سورية، ويسقط الحصار على سورية.
– مظاهر النهوض الشعبي الأردني التي أملت تعديلاً فورياً على خطاب الحكومة وتحركاتها، تقول إن شيئاً كبيراً يحدث، وإن ما يجري هو نتيجة استشعار هذا التحول الكبير، والأميركي لا بد يستشعر ذلك، ويدرك أنه بين خياري المضي قدماً في إطلاق يد القتل الإسرائيلية، فلا يربح غزة وربما يخسر الأردن، خصوصاً عندما تندلع شرارة الحرب الكبرى في المنطقة وتفتح الحدود، أو يأخذ على اليد الإسرائيلية ويقول لقادة الكيان كفاكم انتقاماً وآن أوان العودة الى قواعد الاشتباك والتفاوض على تبادل الأسرى وفك الحصار.
التعليق السياسي