لن يموت حقّ وراءه مقاوم…
} منجد شريف
تستمرّ وحشية العدو الإسرائيلي بهمجيتها وبربريتها، وآلة القتل الجماعية، ضدّ شعبٍ أعزل، كلّ ذنبه أنه ولد في بقعة جغرافية هامة جداً، كانت ولا تزال هدفاً استراتيجياً للصهيونية العالمية، بينما هي منذ الآف السنين أرض عربية.
كما يستمرّ الدعم الغربي المفتوح، وفي مقدمة الداعمين الولايات المتحدة الولايات المتحدة الأميركية، بالعتاد والبوراج وأيضاً بالمواقف، في افتئات صارخ على حق الشعب الفلسطيني، في العيش بأرضه بسلام، وفي عدم تدنيس مقدساتنا.
«إسرائيل» كانت بالأمس واليوم الوكيل الإستعماري لضمان مصالح الدول الغربية في مواردنا الطبيعية، ولضمان عدم الإزدهار في البلاد العربية، التي مزقوها على مقاس الصهيونية، ليستفردوا بفلسطين، بعدما صار الوطن العربي ممالك وسلطنات وإمارات ودول، لا يجمعها شيء سوى بيانات الإستنكار، بينما الواجب أن يكسروا الحواجز ويلتحموا بالقضية الفلسطينية، قبل أن تطالهم اللعنة التي طالت أسلافهم من الذين لاذوا بالصمت وتقيّدوا بما يُسمّى موازين القوى الدولية، والموضوعة فقط لتبقى فلسطين وكلّ الأوطان العربية سدحاً مدحاً لهذا الوكيل الإستعماري، والعدو اللدود للبشرية وللإنسانية وللسلام.
لن يفيد الحياد وإنْ لم تكسر جغرافيا سايكس بيكو، فسنبقى في الزمن والتوقيت الإسرائيلي، يستحلّ فينا القتل بكلّ بلد من البلدان العربية، ليمعنوا فينا سرقة لخيراتنا، وخير دليل على ذلك ما توصلت إليه نتائج الحفر في البلوك رقم ٩، فأيّ مجنون سيقتنع بأنّ إسرائيل ومعها مَن معها من حلفاء ورعاة وداعمين، سيسمحون لنا بأن نكون بلداً نفطياً على تخومها، إلا إذا انتزعنا حقنا انتزاعاً وأجبرنا العدو على أن يسلّم بهذا الحق…
من منا لا يعلم بأنّ الأزمة الإقتصادية في بلادنا وإنفجار المرفأ ليسا من أفعال الصهيونية وضمن مسلسل مؤامراتها وجرائمها على العالم؟
أما دعاة «الاستقلال والسيادة» من أبناء بلدنا الذين ضقنا ذرعاً في تحمّل ترّهاتهم وحماقاتهم فنقول لهم:
إنكم اليوم أمام محك حقيقي فلن يكون هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد، وورقة التين التي تسترون بها عوراتكم بحجة الإستقلال والسيادة قد سقطت! أنتم اليوم على مفترق طرق في أن تعودوا إلى رشدكم، لأن لا عاصم من الخطأ في الاختيار والتقدير وفي أين يجب أن تكونوا، فإنْ أمعنتم في قول الرياء المجافي للحقيقة وللعقل والمنطق، فستلعنكم السماء قبل لعنة الأرض.
«إسرائيل» تعيش اليوم مشكلة وجودها فلا بقاء للشر إلى الأبد، ومهما تواترت إليها المواقف الداعمة والمؤيدة، فجميعنا يعلم أنّ لكلّ شيءٍ صداه، وصدى الشر سيرتدّ على أصحابه، فلن تذهب دماء العرب وكلّ الشهداء الذين ارتقوا خلال مراحل الصراع التاريخي مع هذا الكيان الزائل هباءً، فلم يسلم بلد عربي من شرّهم، وهم يعلمون أنّ التجزئة التي فبركتها معاهدة سايكس بيكو ما كانت إلا من أجل زرعهم وسط عرب آسيا وأفريقيا، لتكون فاصلاً بشرياً يحمي مصالح الإستعمار القديم، ويمنع الازدهار في البلاد العربية، فكانت مواجهة الرئيس الخالد جمال عبد الناصر، فصلاً من فصول ضرب الوحدة العربية، وكذلك إجهاض الوحدة بين العراق وسورية فصلاً آخر، وغيرها من المؤامرات على الوطن العربي من خلال حكام منوّمين عن حاضر الأمة وموجودين في مناصبهم للإدانة فقط خوفاً على عروشهم ومراكزهم.
لن تبقى «إسرائيل» على قيد الوجود، هذه نبوءة قرآنية، ونبوءة المنطق الذي يشي بالكثير من المعطيات الإيجابية لجهة زوالها، وخير دليل على ذلك «طوفان الأقصى»، الذي يجب أن يتحوّل طوفاناً عربياً للنيل من هذا العدو الغاشم، قتلة الأنبياء، وقتلة الأطفال، وقتلة الشعوب… والأمل الكبير اليوم في هذه الحرب الكبيرة، ضدّ هذا العدو المتجلبب بالآلة العسكرية الغربية وبالمواقف الداعمة، وقد انهزم في الميدان مرات ومرات، وكلّ طلعاته الجوية وقصفه المدنيين لن يعود عليه بالمكاسب السياسية ولا برفع المعنويات لجيشه المنهار، وفضلاً عن هزيمته العسكرية، هو مهزوم نفسياً في مرتزقته الذين غادروا ويغادرون، فالبلاد ليست بلادهم ولن تكون، وانها الساعة التي لطالما تجاهلوها، وأنّ فلسطين لن تكون أبداً دولة لليهود، لا وألف لا، الأرض لأبناء فلسطين والبلاد لأهلها.
بإنتظار أن يقول الميدان كلمته، فالأنفاس محبوسة لننتظر ما تخبّئه لنا الأيام من مفاجآت تعادل طوفان الأقصى، ضمن خطة محكمة وموضوعية تحتم الهزيمة، ورفع الحيف عن الشعب الفلسطيني الأبي، وعن كلّ الأحرار في العالم من الشرفاء، والذين وقفوا مع الحقّ ولم تأخذهم لومة لائم، ففلسطين عاصمة التاريخ ولن تكون إلا عربية وعربية وعربية حتى ينقطع النفس، وستزهر كلّ الدماء التي سقطت عبر التاريخ وكلّ الشهداء، بأنّ النصر هو الثمرة لكلّ تلك التضحيات والدماء، ولنا ملء الثقة بأنه لن يموت حقّ وراءه مطالب… واليوم نقول مقاوم.