أولى

محق الدولة الجديدة واجب أخلاقي…

‭}‬ د. كلود عطية
قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي التي تعمل بصمت بعيداً عن الضجيج الإعلامي ونشر الدعايات الوهمية والأخبار الشعبوية الكاذبة… تنشر وبعمق الإيمان بعقيدة المفكر المعلم الزعيم أنطون سعاده كلّ كلمة وموقف ورؤية استشرفها لتلامس الأحداث الحقيقية الواقعية.. من لبنان الى الشام والعراق والآن فلسطين التي تعيد الى الأذهان ما قاله الزعيم عن المسألة الفلسطينية منذ عشرات السنين…
في خطاب الأوّل من آذار عام 1949 قال سعاده: “إنّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن أن يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمّة بفضّة من اليهود… إنّ لنا في الحرب سياسة واحدة هي سياسة القتال. أما السياسة في السلم فهي أن يسلّم أعداء هذه الأمّة بحقها ونهضتها».
هي الحقيقة التي يبحث عنها الضالّون في السياسة وفي المعارك المصيرية لتحديد الهوية القومية ومحاربة الطامعين المحتلين للأرض باسم هويات دينية وعلمانية وفاشية وأشكنازية وحريدية وغيرها… والنتيجة هي تزاوج حيواني بين يهود الداخل والخارج… شرّع لنا سياسة الصراع والقتال حتى تطهير أرضنا الواحدة المقدسة…
في الخطاب الذي ألقاه في أوّل حزيران عام 1949، قبل استشهاده بثمانية وثلاثين يوماً قال الزعيم: “تقوم اليوم في الجنوب دولة جديدة غريبة كنت أترقّب قيامها… ولكني كما أعلنت قيام تلك الدولة أعلن اليوم محق تلك الدولة عينها، ليس بقفزة خيالية وهمية، بل بما يعدّه الحزب القومي الاجتماعي من بناء عقديّ وحربيّ يجعل من سورية قوة حربية عظيمة تعرف أنّ انتصار المصالح في صراع الحياة يقرَّر بالقوة بعد أن يقرّر بالحق.”
ومن لا يطلب الآن محق الدولة المحتلة المصطنعة المركبة المجرمة؟ إلا أنّ القوة العظيمة التي تحدث عنها سعاده لا تشمل الفئات المستسلمة التائهة عن طريق الحق والخير والجمال.. كما لا تشمل الجماعات المشتتة أفكارها ومشاعرها ومواقفها.. ولا تلك التي تدّعي القوة والمواجهة لكسب التأييد وتحقيق المصالح الضيقة وتسجيل النقاط في ملعب السياسة اللبنانية القذرة.. محق «الدولة اليهودية» المحتلة يحتاج إلى القوة المترافقة مع الوعي والانسجام الفكري والصبر والصمت والبصيرة المقاومة…
“إنّ محق الدولة الجديدة المصطنعة هو عمليّة نعرف جيداً مداها. إنها عملية صراع طويل شاق عنيف يتطلّب كلّ ذرة من ذرات قوانا لأنّ وراء الدولة اليهودية الجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل المال وتمدّ الدولة الجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها”. وما الزيارة الأخيرة للرئيس الأميركي المتصهين بايدن إلى فلسطين المحتلة الى جانب القيادة الصهيونية إلا تأكيد لاستشراف المعلم ومحاضراته وكلماته وخطاباته السياسية الصراعية الوجودية…
“إنّ الدولة اليهودية تخرّج اليوم ضباطاً عسكريين وإنّ الدولة السورية القومية الاجتماعية التي أعلنتها سنة 1935 تخرّج هي أيضاً بدورها ضباطاً عسكريين… هذا ليس آخر جواب نعطيه لليهود لأنّ الجواب الأخير سيكون في ساحة الحرب”. والحزب لم يخرج يوماً من ساحات الحرب.. بل هدّد أمن الجليل برؤية قيادته ونضال الأمين الرئيس وكلّ المؤتمنين على مسيرة الصراع والمواجهة.. وبالتالي لا يمكن الحديث عن ساحات جديدة للحرب والحزب.. وتحديد مواقع متلاصقة مع العدو.. والحزب كان ولا يزال في كلّ مكان حيث تطلب الدماء والمزيد من الشهداء.. فهذا الاتصال حتمي وتاريخي لا تزعزعه هرطقات إعلامية معادية…
“إنّ لنا اتصالاً باليهود مشرّفاً هو اتصال الحرب والنار بيننا وبينهم، هو اتصال الأعداء بالأعداء وهذا الاتصال مشرّف بلا شك».
وها هو الاتصال يتجدّد يوماً بعد يوم بالحديد والنار.. بل بالفكر والثقافة والكلمة.. بالصورة واللوحة الملوّنة وبالدماء.. هي اللوحة المعلقة في بيوت القوميين… الذين رفعوا شعار الزوبعة لتحقيق الأهداف الصراعية الأخلاقية المحقة.. لتنطلق المقاومة من كلّ بيت وكلّ عائلة وكلّ رفيق آمن بفكر سعاده الصراعي وعمل على تطبيق هذا الفكر بالقول والفعل بعيداً عن تحقيق السكوبات الإعلامية والمشاهد المثيرة للاستغراب في زمن الحرب والمواجهة المصيرية…
علنا نعود الى ثقافة الصراع بالعقل والتفكير الصحيح… لفضح ما يسمّى بـ «إسرائيل» الوهم.. والكشف عن الصراع الاتني والديني في ما يسمّى بـ «المجتمع اليهودي الإسرائيلي» الذي لم يستطع أن يؤلف مجتمعاً واحداً منسجماً.. وهو يضمّ الآلاف من مجرمي العالم من اليهود.. هي الخطة اليهودية ودولتها الجديدة المصطنعة التي كشفها سعاده على حقيقتها، والتي قامت بعقد ما يسمّى باتفاقيات الهدنة مع عدة دول في أمّتنا والعالم العربي عام 1949، وكشف سعاده لهذه الخطة المنكرة بذاتها، وتبعاتها على الأمّة باستمرار أجيالها، وإطلاقه التهديدات الواضحة لحكام الدول السورية التي تفكر في سلوك هذا الطريق، لا سيما في عبارته المدوية: «إنّ اليد التي تمتدّ لتوقّع الصلح مع اليهود تقطع من العنق»، وما أكثر هذه الدول التي تحوّلت الى دول الفضيحة العربية المستسلمة الجبانة.. التي خاطبت العالم بلغة العدو الصهيوني وباعت فلسطين علناً من على منابر الإعلام المتصهين.. لتعيد التأكيد على أننا أمة سورية واحدة لا تمتّ الى العرب المتخاذلين بصلة…
*عميد الثقافة والفنون الجميلة في الحزب السوري القومي الاجتماعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى