المقاومة مستمرة وأيضاً المفاجآت…
} منجد شريف
لا تزال الضربات الانتقامية الصهيونية من زلزال طوفان الأقصى تتوالى تباعاً، ولا يزال العدو الإسرائيلي يُمعن في غزة قتلاً وتدميراً، ليزيد من عدد الضحايا في بورصة القتل المتعمّد، ليوازن في الخسارة البشرية التي مُنيت بها «إسرائيل» في الطوفان، والذي شكل لها مفاجأة من العيار الثقيل، وهي خسارة كبيرة جداً في تاريخها الإجرامي.
فكان استهدافها للمدنيين العزّل وسيلتها الفضلى، مخترقة كلّ الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية، وليس آخرها جريمتها في المستشفى المعمداني، والتي جسّدت وحشية هذا الكيان وتفلّته من العقاب، وليس أدلّ على ذلك من الموقف الأميركي في زيارة بايدن الأخيرة، وما نتج عنها من موقف أعطى من خلاله صك براءة للعدو الصهيوني، وجادّ في دعمه المعنوي، في كلام استفز الغالبية من الشعوب العربية في مختلف بلدانهم، وقد اعتدنا على تلك المواقف والتي تشبه ما حلّ بالكثير من البلدان، ولا سيما في لبنان، وكأنّ جريمة المستشفى المعمداني جاءت لتحاكي جريمة المرفأ في لبنان، ذات التدمير وذات التعمية، وذات التبني ومن ثم التنصّل منها.
كان الموقف الأميركي شيكاً على بياض، ليمعن العدو في مسلسله الإجرامي وهو متفلت من كلّ عقاب دولي، طالما أنّ صكّ الغفران الأميركي في جيبه، وها قد رأينا بالأمس «الفيتو» الأميركي في مجلس الأمن الدولي ضدّ مشروع القرار الروسي الذي حاز على الأصوات المطلوبة، بما يعني الاستمرار في عمليات الإجرام والقتل والتخريب الصهيوني في غزة.
والمتابع يرى بأمّ العين، كيف أنّ مجزرة المعمداني مرَّت في بعض الإعلام مروراً سريعاً ولم يتمّ التركيز عليها لتعرّي ذلك العدو أمام العالم وتظهر حقيقة وحشيته وبربريته غطرسته.
وحدها المقاومة في لبنان التحمت مع العدو في الجبهة الشمالية، وأسقطت له العديد من القتلى والجرحى والخسائر المادية في آلياته وتحصيناته، كما ارتقى لها العديد من الشهداء، في مواجهة أقرّ فيها العدو بأنها حرب حقيقية، يخوضها في مواجهته حزب الله.
إنّ ما تقوم به المقاومة هو الأمر الطبيعي في نصرة الحقّ ورفع الحيف والباطل، وهو الترجمة الفعلية للعلاقة الطبيعية بين جميع القوى في المحور من الفصائل المقاومة، علماً بأنّ عملية الأقصى كانت عملاً بطولياً، قامت به كتائب القسام في سرية بالغة وكان هذا أهمّ أسرار نجاحها، لكن هذا لم يمنع بأن تلتحم المقاومة مع العدو في اشتباك مفتوح، لا يعطي العدو حريته في تركيز جبهته على غزة، وليمنع الغزو البري، الذي سيكون من نتائجه لو حصل استعار الجبهات وتوسع دائرة الاشتباكات فيها.
يعيش نتنياهو اليوم عقدة فشله، ولم يعد لديه الكثير ليفعله، بعدما رسم له حليفه الأميركي الخطوط الحمر لتحركه، ودخول غزة فيما لو فشل سيرتب عليه مسؤولية جديدة لفشل آخر، يضاف الى فشل التصدي لعملية طوفان الاقصى، هذا ما يجعل مستقبله السياسي يتخبّط وربما ستكون هذه الخاتمة لحياته السياسية، وربما ينتظره السجن أيضاً، فيما لا يزال طيرانه يدكّ غزة ليطيل أمد الحرب ليؤخر المحاسبة التي تنتظره عند توقف القصف، وهذا ما يؤكد بأنّ ما قبل عملية الأقصى ليس مثل ما بعدها، وان كان المؤمل من تلك الغارات الحصاد في السياسة، فإنها لم تضف في المشهد غير الخزي والعار، فلا تهجير لسكان غزة ولا الضفة، ولا إخراج لحماس من القرار السياسي، بل على العكس من ذلك، وليس أمام نتنياهو والغرب سوى وقف العدوان والرحيل والتسليم بحق شعبنا الفلسطيني بأرضه وخيراته ومستقبل أجياله بالعيش الكريم، بعدما ذاقوا مرّ الويل منذ احتلال فلسطين وحتى اليوم، أما غير ذلك فمزيد من المواجهات، ومزيد من المفاجآت في معركة حتماً سيكون النصر فيها لأبناء فلسطين والأمة…