دبوس
دروس مستفادة من الطوفان
لقد تعزّزت النظرية التي لطالما نادينا بها وأشبعناها تمحيصاً وتفحيصاً، وهي انّ مقتل هذا العدو الجبان يكمن في القتال المتقارب، ألف مقاتل شجاع في حالة الهجوم نجحوا في إزالة فرقة غزة، والتي تربو على الخمسة عشر ألف جندي وضابط من الوجود، بين قتيل وأسير وجريح وهارب، وهو إنجاز يتحدّى كلّ نظريات الحرب في انّ المهاجمين يجب ان يكونوا أضعافاً مضاعفةً للمدافعين حتى يستطيعوا الانتصار…
أستطيع ان أدّعي استطراداً انّ لجوء هذا الإنسان المريض الشاذ الصهيوانجلوساكسوني الى الإبداع في عالم تكنولوجيا القتل عن بعد هو ردّ فعل نفسي شرطي لتعويض حالة الجبن الجيني التي تصبغ كيانه، ولذلك فإنّ على استراتيجيينا السعي دائماً لإجباره على القتال عن كثب.
كانت هنالك هديّتان تنزّلتا علينا من السماء من دون حساب، الأولى، ذلك الإدراك الكوني للحقيقة، والذي تمثّل في هذا الخروج الهادر للناس في شوارع كلّ مدن العالم، يقول بالفم الملآن، انّ العالم بدأ يعي الحقيقة، بالرغم من السيطرة المطلقة للتحالف الصهيو انجلوساكسوني على الإعلام الكلاسيكي، والثانية، تلك الإرادة الأسطورية المذهلة لشعب يذبح كلّ دقيقة، وتقطّع أوصال أطفاله بلا رحمة، ولكنه يخرج من بين الأنقاض، أكثر تحدّياً وتمسّكاً بالنهج المقاوم، انّ حذاء امرأة من نسائنا الماجدات هو في معيار الخير والحق والحضارة كما نفهمها، هو أوزن من كلّ وجود هذا التحالف الصهيو انجلوساكسوني.
مع كلّ الألم والمعاناة في كلّ ثانية وفي كلّ دقيقة، ونحن نرى أطفالنا في غزة تلملم أشلاءهم في البيوت وفي الشوارع وفي المستشفيات، إلّا أنني شخصياً أفهم تماماً القرار العبقري الذي اتخذته قيادة المقاومة في الجبهة الشمالية بخوض حرب منخفضة الوتيرة تلحق بالعدو خسائر موجعة يومية، وتبقي على جزء كبير من قواته مثبّتةً في الشمال، وتلغي احتياطه الاستراتيجي بحيث يكون النيل منه متاحاً بدون مقدرة العدو على ردف قواته في الجبهات في حالة اندلاع حرب شاملة.
سميح التايه