أولى

«إسرائيل» تترقَّب الرأس وحزب الله يترقب الذيل!

‭}‬ د. علي أكرم زعيتر
إنه اليوم الثاني والعشرون على بدء معركة طوفان الأقصى. أيام تفصلنا عن اكتمال دورة الشهر الأول للمعركة. يبدو كلّ شيء كما كان. لا شيء جديد البتة، خلا استقرار الأحوال الجوية، وتوالي الأيام. حتى مجزرة مشفى المعمداني التي راح ضحيتها قرابة التسعمئة شهيد دفعة واحدة، ليست بالأمر الجديد، فلطالما عودنا الإسرائيلي المتعطش للدماء على ذلك.
لعلّ الشيء الوحيد الذي يستحقّ منا التساؤل بشأنه هو تأخر الغزو البري. الكلّ يسأل حول ذلك، بمن فيهم صنّاع القرار في العالم والمنطقة. لماذا تأخرت «إسرائيل» حتى الآن في اجتياح قطاع غزة؟
من وجهة نظر إسرائيلية وغربية متواطئة، الأمر يشبه إلى حدّ ما حال جندي جريح في أرض المعركة، إصابته بليغة، وهو ينتظر أحد اثنين: إما وصول عدوه ليجهز عليه. وإما وصول طواقم الإسعاف لنجدته. هذا ما تراه «إسرائيل» على أيّ حال.
في المقابل، فإنّ المقاومة الفلسطينية ترى المشهد من منظور مختلف تماماً. منظور الفارس الذي صدع رأس خصمه في جولة النزال الأولى، وها هو الآن يتحيّن الفرص حتى ينزل مزيداً من الضربات المتلاحقة فيه، عسى أن يفقده توازنه.
وما بين وجهتي النظر هاتين، هناك من يجد نفسه ميالاً لطرح سؤالين اثنين باتجاهين معاكسين، واحد موجه للكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين، وآخر موجه للمقاومة الفلسطينية وحلفائها الإقليميين.
ـ السؤال الأول: لماذا تأخر الاجتياح البري لغزة حتى الآن؟
ـ السؤال الثاني: لماذا لم يوسّع حزب الله حتى الآن دائرة استهدافاته على الجبهة الشمالية؟
من حيث الشكل، يبدو السؤالان كأنهما بحاجة إلى جوابين منفصلين، من جهتين منفصلتين. فيما الحقيقة تقول، إنّ إجابة واحدة من أحد الطرفين كفيلة بإيضاح كلّ شيء، ذلك أنّ عزوف حزب الله عن التدخل الفاعل حتى الآن متعلق بردّ فعل (إسرائيل)، وفي الوقت نفسه فإنّ عزوف «إسرائيل» عن اجتياح غزة برياً متوقف على ردّ فعل حزب الله.
الأمر إذاً مرتبط ببعضه، كأننا أمام حالة شدّ حبال. فإذا ما عمد كِلا الفريقين إلى طرف فشدَّه ساد الجمود، وإذا ما أرخى أحدهما الطرف الممسك به، فقد الآخر توازنه ووقع. هذا هو المشهد العام في المنطقة حالياً.
«إسرائيل» لن تتورّط في غزو بري خشية إطباق حزب الله عليها من الشمال، وحزب الله لن يغير عليها من الشمال قبل أن تتورّط في عمل عسكري بري ضدّ غزة! فمتى نخرج من حالة الجمود هذه؟ ومن يتعب من الانتظار ويفقد صبره أولاً؟
لا يبدو أنّ الخروج من حالة الجمود ممكن في الوقت الحالي. فكِلاهما يترقبان بعضهما، ريثما ينقضّ أحدهما على الآخر. (إسرائيل) تترقب الرأس، والحزب يترقب العَقِب. وما دام الأمر كذلك، فمن الصعب في مكان الإجابة على الأسئلة الآنفة. ذلك أنّ أياً من الطرفين لا يعرف متى تبدأ ساعة الصفر.
وعلى أيّ حال، يبدو أنّ «إسرائيل» ليست على عجلة من أمرها، فقد قالها نتنياهو قبل أيام: إنّ أمد المعركة طويل، ما يعني أنه يتعيّن علينا أن ننتظر طويلاً ريثما يقرّر أحدهما الانقضاض على الآخر…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى