لكي لا تضيع حماس تأييد جمهور حزب الله لها
} نضال حمادة
وأنا أشاهد اليوم حرب طوفان الأقصى وصمود الشعب الفلسطيني في غزة وإبداعات مقاومته؛ وفي نفس الوقت أشاهد الحملة على حزب الله في التواصل الاجتماعي تحديداً من الأردن ومن غزة إضافة الى التصريحات السيئة التي صدرت عن موسى أبو مرزوق بحق حزب الله من مكان سكنه في قطر (قيادات الجهاد لطالما شككوا به) يحضرني أن أذكر بعض ما أورده د . أسامة أبو نحل أستاذ علم التاريخ المساعد في جامعة الأزهر ـ غزة في كتابه (الحكم الأقطاعي لمتاولة حبل عامل في العهد العثماني) عن التحالف بين جبل عامل وفلسطين في التاريخ حيث أورد في الصفحة 6…
وكانت النتيجة المنطقية للتحالف العاملي الفلسطيني نجاح قوى هذا التحالف في إلحاق هزيمة مروعة بجيش الأمير يوسف الشهابي عام 1185هـ/ 1771م في النبطية، عندما شن الأمير المذكور حملة على جبل عامل وما نتج عنه من سقوط مدينة صيدا عاصمة الدولة في يد ظاهر العمر،
وعلى الرغم من هذا النصر الباهر الذي حققه التحالف المذكور، فقد تخلى العامليون عن مساعدة ظاهر العمر مرتين سنة 1189هـ/ 1775م (32)، بعد أن شعروا بالعجز عن مواجهة التطورات السياسية والعسكرية التي تلخصت في مقتل حليفهم علي بك الكبير سنة 1187هـ/ 1773م. وبوادر المصالحة بين تركيا وروسيا وتوقيع معاهدة كوتشوكفينارغا سنة 1188هـ/ 1774م (33)
ولم يكن تخلي العامليين عن حليفهم ظاهر العمر تحدياً له أو إخلالاً بعهدهم معه، بل كان حفاظاً على
جبلهم من التعرّض للدمار والضياع بعد أن تغيّرت موازين القوى في المنطقة، وشعروا أنّ إمارة ظاهر العمر أصبحت على حافة الانهيار والسقوط بعد تعرّضها لعدة ضربات موجعة، سواء من الداخل، بسبب الصراع بين ظاهر وأبنائه، أو بسبب الضغوط العثمانية المتزايدة عليها لإعادة فلسطين خاصة والشام عامة إلى الحكم المباشر للدولة العثمانية وتصالح العثمانيين مع روسيا.
ومما يعزز هذا الرأي أنّ أبناء ظاهر العمر لجأوا بعد مقتله إلى العامليين في ضيافة الشيخ ناصيف النصار، هرباً من وجه العثمانيين.
في كتابه الموثق يذكر المؤرخ الغزاوي انه في التحالف بين الطرفين قبل ثلاثة قرون تقريباً كان للمصالح الإقليمية دورها خصوصاً مع تغيّر الإستراتيجيات الدولية في المنطقة وإنجاز اتفاق المصالحة بين الروس والعثمانيين ما يجعل الدولة العثمانية تستخدم جيوشها لقمعهم وتدمير مناطقهم كما حصل أكثر من مرة.
هنا يمكن لقارئ التاريخ أن يقول ما أشبه اليوم بالأمس في واقع التحالف بين المقاومة في لبنان (جبل)
عامل والمقاومة في غزة (فلسطين) .
ـ الأردن طلب علناً صواريخ باتريوت.
ـ تركيا تصدّر الطعام والخضار للكيان يومياً.
ـ السعودية تعترض صواريخ اليمن المتوجهة لقصف الكيان.
ـ مصر تحاضر غزة أما الأزهر فيلتزم صمت الأموات.
ـ الأساطيل وحاملات الطائرات قبالة الشواطئ اللبنانية.
ورغم كلّ هذا فتحت المقاومة في لبنان جبهة إشغال للعدو جعلته يستنزف ثلاث فرق عسكرية على الحدود مع لبنان ما أراح غزة كثيراً وفقدت المقاومة في هذه المواجهات المستمرة ما يزيد عن الخمسين شهيداً ومائتي جريح.
مع استمرار هذا النزف وهذه والتضحيات في جنوب لبنان على المستوى الشخصي، أنا مصدوم من تصرفات السلفيين وكوادر جماعة الاخوان المسلمين الذين يشنون حملات طائفية بغيضة تستهدف المقاومة وأهلها.
لقد انحازت هذه الطبقة التكفيرية إلى إسرائيل ضدّ حماس بتناولها المقاومة وبحملاتهم الطائفية وللمفارقة أنّ بعض هؤلاء يتحدّث من قلب غزة والبعض الآخر من الأردن دون ان يصدر عن حماس أيّ انتقاد لهذه الحملة الطائفية ضدّ حزب الله والشيعة في لبنان.
ولم تقتصر الحملة على من ذكرنا بل وصلت الى موسى أبو مرزوق رئيس العلاقات الدولية في حركة حماس (الجهاد لا تثق به أبدا) الذي وجه لوماً الى حزب الله من مكان إقامته في الدوحة حيث تتواجد أكبر القواعد الأميركية على الإطلاق، ما أعطى الطائفيين دفعاً معنوياً في حملتهم على التواصل الاجتماعي، وهذا ما أثار موجة استياء كبيرة وسط مؤيدي حزب الله في لبنان وصلت الى حدّ تراجع تأييد البعض لدعم حماس في غزة طالما أنّ في قادتها السياسيين من يتنكر لهذا العدد الكبير من الشهداء اللبنانيين وفي وقت ما زالت المعركة فيه مستمرة .
وفي استطلاع أجرته صحيفة «الأخبار» اللبنانية ظهر التأييد لعملية طوفان الاقصى ضمن المسلمين الشيعة أكثر منه عند المسلمين السنة فيما بلغت نسبة الشيعة المؤيدين لتوسيع رقعة الحرب ٥٠ بالمائة ونسبتها عند السنة ٣٣ بالمائة.
يجب على قادة حماس أن يخرجوا عن صمتهم وينظروا الى مصلحة شعبهم، وأن يتحدثوا على وسائل الإعلام العالمية، ويخبروننا جميعاً أنّ تشويه صورة حزب الله وجمهوره غير مقبول لديهم واختطاف تضحيات جنود حزب الله وتضحيات أهاليهم من حفنة طائفية وإنْ انتمت لجماعة الاخوان المسلمين أمر مُضرّ بمصلحة المقاومة الفلسطينية في غزة وتعدّ كبير على أكبر مناصريها في العالم .
يجب ان يخرج أنصار حماس ويشهرون دعمهم لـ حزب الله كما يفعل براء نزار ريان ابن القائد الشهيد في حركة حماس؛ لو يعلم قادة حماس في غزة إيجابية تغريداته المدافعة عن حزب الله ضمن البيئة الخاضنة للحزب.
في لبنان مجتمع متعدد الأديان والطوائف، وفي لبنان ديمقراطية على مستوى المجتمع سمحت بحرية فريدة للرأي ما مكّن اللبنانيين من تأييد القضية الفلسطينية بالفعل بينما ينعدم الدعم الفعلي في كلّ الدول العربية.
هذه الميزة اللبنانية سمحت ببناء مقاومة ومجتمع يحملها بشكل يثير الإعجاب على كلّ المستويات العسكرية والإقتصادية وعلى مستوى دعم القضية الفلسطينية.
لقد قدّمت إيران والمقاومة في لبنان ومعهم الشيعة في البلدين السلاح والتدريب والمال للمقاومة في فلسطين ولحركة حماس في غزة وهم مستعدون للدعم أكثر ولكن ضمن استراتيجيتنا وقدراتهم،
لقد اختارت حماس توقيت الهجوم فلسطينياً وهذا حقها، وللمحور حق اختيار توقيت الهجوم بما يتناسب مع إمكاناتهم وأوضاعهم لبنانياً وإقليمياً.
لا تفقدوا يا قادة حماس تأييد جمهور حزب الله في لبنان…