اليمن علامة فارقة في تاريخ العرب
يبدو حجم التعلق اليمني بالقضية الفلسطينية على درجة من الصدق والإخلاص، إلى حد يعتبره بعض المتفذلكين في السياسة سذاجة، لأنه وفقاً لسياسة مكيافيلي حيث المصالح فوق المبادئ وحيث الغاية تبرر الوسيلة، والقضايا مجرد وسائل، والغايات مصالح، يثير اليمنيون الاستغراب بكيفية تلبيتهم لنداء الخروج المتكرّر لأجل فلسطين مئات المرات خلال أعوام الحرب التي شنّت عليهم بكل ضراوة من الشقيق العربي الأقرب، لكنهم لم يتعبوا ولم يتردّدوا وثابروا رغم كل آلامهم وجراحهم على الظهور بهوية فلسطينية أقرب للرومانسيّة، بينما الأكثر تعبيراً عن بقية الأصالة العربية التي نسيها الكثير من العرب.
خلال الحرب على غزة والمذبحة المفتوحة بحق أهلها، لم يتأخر اليمنيون واكتفوا بمجرد التوافق بين قوى محور المقاومة على فعل الممكن للتعبير عن الانخراط في هذه الحرب، وكل ساحة تقرّر ما تستطيع، فقرروا الذهاب الى الحد الأعلى، وهم منذ خمسة أيام لا يتوقفون عن إرسال الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة، بمثل ما يكرّرون الاستجابة لنداء قيادتهم للتظاهر لأجل فلسطين، وهي اليوم تظاهرة متفجّرة، وهم يواجهون شبكات صدّ عربية قبل أن تصل صواريخهم وطائراتهم إلى فلسطين وتنقل سلامهم الى غزة، لكنهم واثقون أنهم سوف يصلون يوماً، وتنفجر صواريخهم وطائراتهم المسيرة بمنشآت الكيان ومستوطنيه وجنوده.
الرسالة وصلت إلى فلسطين، وأحس الفلسطينيون بصدق اليمن، وحجم الظلم الذي لحق بهم، وكيف أن بعض الفلسطينيين شاركوا بهذا الظلم عندما صدقوا الأوصاف التي أطلقت على اليمنيين، واتهموا بتخريب الأمن القومي العربي، الذي تبين أنه أمن الكيان تحميه شبكات الدفاع الجويّ المودعة أميركياً لدى الدول العربية.
اليمن دخل معادلة أمن الخليج، ثم معادلة أمن الطاقة، واليوم يتحوّل الى لاعب إقليمي، ببركة فلسطين والدماء التي هب اليمن لنصرتها، بعدما تخاذل سائر العرب عن ذلك.
التعليق السياسي