أولى

السيد نصرالله اليوم: تكريم الشهداء ورسم المعادلات وإبقاء الغموض

‭}‬ رمزي عبد الخالق
وضع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله العنوان الأصحّ للحرب التي انطلقت مع عملية «طوفان الأقصى» حين طلب من إعلام المقاومة اعتماد تسمية الشهداء الذين ارتقوا منذ 7 تشرين الأول بـالشهداء على طريق القدس، ثمّ قرّر جعل إطلالته المرتقبة اليوم مناسبة لتكريم هؤلاء الشهداء الأبرار.
التوقيت إذن هو توقيت الشهداء، وليس أيّ أحد آخر، لأنّ السيد لا يؤخذ باستفزاز من هنا أو من هناك، بل عنده وعند قيادة حزب الله لكلّ أمر تدبيره المدروس بعناية وتوقيته المحدّد بدقة.
يمكن القول إنّ الجزء المؤكد من مضمون الخطاب اليوم هو المتعلق بالحديث عن الشهداء ودورهم الطليعي في صناعة الانتصارات، وهم الذين لهم حصة بعد أيام حيث يحيي حزب الله مناسبة «يوم الشهيد» في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني من كلّ عام.
والمؤكد أيضاً أنّ السيد سيعطي حيّزاً واسعاً في خطابه للحديث عن هذا الإجرام الوحشي المتمادي الذي يرتكبه جيش الاحتلال بحق أبناء شعبنا في غزة، لا سيما الأطفال والنساء والشيوخ الذين ارتقوا شهداء على طريق القدس… وهو إجرام غير جديد على الكيان المعادي الذي قام على القتل والعدوان منذ مجازر دير ياسين ودير البلح التي لا يزال العدو يستهدفها إلى اليوم، حيث ارتقى عدد من أبنائها شهداء بالأمس ليلاقوا أجدادهم الذين ارتقوا في العام 1948.
لن يمرّ استهداف العدو للمدنيين بشكل عابر في خطاب السيد اليوم، بل سيكون الموقف حازماً وجازماً وتصعيدياً وتحذيرياً في مواجهة استمرار العدو بنهجه الإجرامي البربري، متفلتاً من أيّ ضوابط قد يُحكى عنها على الصعيد الدولي، خاصة أنّ ما يُسمّى «المجتمع الدولي» أو «العالم الأول» رأيناه كيف هرع مذعوراً لإنقاذ قاعدته الأمامية في بلادنا، وكيف وصل إلى أدنى درجات الانحطاط حين أتى رؤساء دوله ومسؤولوها بالجملة والمفرّق إلى كيان العدو لدعمه وإمداده بما يحتاج لكي يُمعن في عدوانه وإجرامه.
كذلك سيعطي السيد أهمية كبيرة للهبّة الشعبية العارمة والمساندة للمقاومة في فلسطين ولبنان، وهو ما نراه يومياً في سائر أنحاء العالم العربي وفي معظم دول العالم، لا سيما الدول التي اتخذت قرارات بقطع العلاقات مع كيان العدو، وهو ما لم تفعله دول عربية، ومن الجيد أنّ الأردن استفاق قبل يومين على هذه المسألة واستدعى السفير من «تل أبيب»!
أمــا مضـمون الأجــزاء الأخرى من الخطاب فإنّه يدخل في إطار التكهّنات والتوقعات، وأيضاً يســتدعي بعض الأسئلة لا سيما في ما يتعلق بالموقف من مجريات المواجهات الدائــرة مــع العــدو الصهيوني، سواء في جنوب لبنان أو في غزة، والمآلات التي يمــكن أن تذهب إليها.
طبعاً… سوف يرسم السيد نصرالله المعادلات الحاسمة، ويجيب على طريقته عن كلّ الأسئلة والهواجس، باستثناء هواجس العدو الذي يجب أن يبقى قلقاً ومرتبكاً وحائراً وخائفاً، وفي هذا المجال ليس هناك أقدر من السيد للاضطلاع بهذه المهمة، وهو الذي يتقن إلى حدّ الإبداع فنون الحرب النفسية التي لطالما دوَّخ بها قادة العدو وأركانه القدامى والجدد…
لذلك لن يُفصح السيد اليوم عن كلّ شيء، خاصة أنّ المعارك لا تزال دائرة، والحاجة قائمة إلى الإبقاء على بعض الغموض، وبالتالي لن يعلن الحرب لأنّ الحرب معلنة بالفعل وتدور رحاها في ميادين غزة وجنوب لبنان. وإذا كان المنتظرون يريدون معرفة ما إذا كانت الحرب ستتوسّع ومتى سيبدأ الضغط على الأزرار التي تطلق الصواريخ باتجاه كلّ مواقع العدو ومنشآته المختلفة على امتداد أرضنا الطيبة في فلسطين، فهذا أيضاً من غير المتوقع أن يعلنه السيد اليوم، حتى يبقى العدو واقفاً «على رجل ونصف»، والأهمّ لأنّ المقاومين الأبطال في غزة الذين سطروا الإنجاز الأسطورة في 7 تشرين الأول، لا تزال أيديهم هي العليا في الميدان، وقد تبلغوا في رسالة بليغة من أقرانهم مجاهدي المقاومة في لبنان بأنّ الأيدي هي على الزناد، والجهوزية تامّة للتلبية في أيّ وقت، والنصر موعدُنا والصبحُ قريب…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى