مقالات وآراء

محورية سورية في الصراع الشرق أوسطي

‭}‬ د. حسن مرهج*
تعوّدنا أن نُحلل الواقع كما هو وبعيداً عن الأمنيات، فالواقعية السياسية في قراءة المشهد تُحتم علينا تقديم معطيات ووقائع واضحة، وتحديداً في القضايا المصيرية والتي لها تأثير مباشر على مستوى الشرق الأوسط، وعلى اعتبار أنّ الحرب التي شُنّت على سورية لم تكن في سبيل إصلاحات أو حريات أو ما شابه، بل هذه الحرب شُنت لإداراك القوى العالمية بأهمية سورية الموقع والدور، في عموم التوازنات الإقليمية والدولية، وما يمكن أن يتفرّع عن ذلك لجهة الملفات السياسية والعسكرية والاقتصادية، والأهمّ أنّ سورية دائماً ما كنت عائقاً في وجه المخططات التي تُحاك لعموم المنطقة، هذا الأمر الذي جعل من الدولة السورية نقطة توازن والتقاء للمشاريع الإقليمية والدولية.
محورية سورية في الصراع الشرق أوسطي تتمثل في دورها كدولة مهمة في المنطقة وتأثيرها على الأحداث والديناميكيات الإقليمية، إذ تُعتبر سورية محوراً جغرافياً وسياسياً حاسماً في الصراعات التي تجري في المنطقة، بما في ذلك الصراع بين «إسرائيل» والفلسطينيين، والتوترات بين إيران وبعض الدول الخليجية، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ سورية تاريخياً لعبت دوراً رئيساً في هندسة الكثير من الوقائع الإقليمية، لكن الصراع الذي شهدته سورية منذ عام 2011، كان نقطة تحوّل في المشهد الاقليمي، كما أنّ طبيعة الحرب على سورية وغاياتها وأهدافها لم تتمكن من إقصاء الدور السوري وتأثيراته الإقليمية والدولية.
وفى هذه المحورية، فإنّ تأثير سورية يشمل أبعاد سياسية وأمنية، ففي المستوى السياسى، تؤثِّر سورية على توزع القوى الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط، فقد لعبت سورية دوراً حاسماً في توازنات الشرق الأوسط بسبب موقعها الاستراتيجي وتأثيرها على المنطقة بشكل عام. فعلى سبيل المثال، تعتبر سورية جارة لـ «إسرائيل» ولديها تأثير كبير على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما أنها تتحكم في مصادر مهمة للطاقة مثل النفط والغاز الطبيعي، مما يجعلها لاعباً رئيسياً في قطاع الطاقة في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، تدعم سورية فصائل المقاومة والدول المناهضة للمشروع الأميركي في المنطقة، وهذا الأمر كان له الأثر الكبير في تغيير الخطط الأميركية مرات ومرات، مما أثر في شكل الصراعات والتوترات في الشرق الأوسط.
بالإضافة إلى ذلك، يؤثر الصراع المستمرّ في سورية على الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام. بناءً على ذلك، يجب أن تعمل الدول الإقليمية والدولية على استغلال دور سورية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، ويجب أن تتوسّع الجهود الدبلوماسية لإيجاد حلّ سياسي للصراع في سورية ودعم الجهود المبذولة لإحلال السلام في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كما يجب أن تعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والطاقوي بين سورية والدول الأخرى في المنطقة لتحقيق التوازن والاستقرار.
يُعدّ دور سورية في توازنات الشرق الأوسط أمراً حاسماً ومحورياً. فعلى الرغم من أنّ الصراع الدائر في سورية قد أدّى إلى تدهور الأمن والاستقرار في المنطقة، إلا أنّ سورية لا تزال تلعب دوراً مهماً في تشكيل التوازنات الإقليمية، ويمكن ايجاز ذلك بما يلي:
أولاً، يجب أن نذكر دور سورية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فسورية تعتبر داعماً قوياً للقضية الفلسطينية وحقهم في إقامة دولة مستقلة، إذ تستضيف سورية العديد من المنظمات والجماعات الفلسطينية، وتعمل على تعزيز الوحدة والتضامن بين الفلسطينيين، ويُعتبر هذا الدور محورياً في توازنات المنطقة، حيث يؤثر على العلاقات بين «إسرائيل» والدول العربية والمسار السياسي للصراع.
ثانياً، يُعدّ الدور الاقتصادي لسورية أمراً حاسماً في توازنات الشرق الأوسط. فسورية تمتلك موارد طبيعية هامة مثل الغاز الطبيعي والنفط، وتعدّ هذه الموارد مصدراً هاماً للدخل الوطني والقوة الاقتصادية. يتأثر التوازن الاقتصادي والطاقوي في المنطقة بتطورات الاقتصاد السوري، ولذلك فإنّ دور سورية في هذا المجال يعتبر محورياً.
ثالثاً، يؤثر الصراع السوري على الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام. فالتدخلات الخارجية والتصعيد في سورية قد أدّت إلى تفاقم الأزمة وانتشار التهديدات الأمنية، ما يعني أنّ استعادة الأمن والاستقرار في سورية هو أمراً حاسماً لتحقيق التوازن في الشرق الأوسط.
بشكل عام، يمكن القول إنّ سورية تلعب دوراً محورياً في توازنات الشرق الأوسط بفضل دعمها للقضية الفلسطينية وتأثيرها الاقتصادي والأمني في المنطقة، وعليه يجب أن تعمل الدول الإقليمية والدولية على استغلال هذا الدور لتحقيق السلام والاستقرار في سورية والمنطقة بشكل عام.

*خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى