الماضي ينير طريق المستقبل…
} عمر عبد القادر غندور*
أطلق الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في إطلالته المشهودة في يوم تكريم شهداء الحزب الذين ارتقوا للشهادة على طريق القدس، عنواناً جديداً للصراع المتواصل مع دولة الاحتلال الصهيوني، ومنوّهاً بالصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني الذي لا نظير له في العالم بالثبات والصمود والجبروت…
واكد سماحته انّ الولايات المتحدة هي التي تخوض حروب «إسرائيل» منذ 75 سنة بالأصالة والوكالة وهي التي تحمي دولة الصهاينة ما اضطرها بعد عملية «طوفان الأقصى» الى استنفار أساطيلها وقواعدها لحماية الدولة التي زرعتها لحماية مصالحها بالتكافل مع الدول الاستعمارية في أوروبا والغرب عامة.
ولذلك نقول انّ سماحة الأمين العام يريد أن يركز على الأصل أولاً وليس على الوكيل، ومن واجبنا اليوم أن نوضح لمن خانته الذاكرة، ولمن لا يعلم بالأساس انّ الكيان الصهيوني كان حاجة استعمارية غربية لبلادنا العربية والإسلامية بلسان الرئيس الأميركي جو بايدن في تصريح موثق ومصوّر قال فيه قبل 52 عاماً «لو لم تكن إسرائيل موجودة لكنا أوجدناها»!
أما الحروب المتلاحقة منذ العام 1948 إلى اليوم والمجازر التي تتعهّدها إسرائيل في دماء العرب والفلسطينيين وآخرها المجازر بحق النساء والأطفال وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها وعلى نحو يدمي الحجر، لا يستحق قراراً يدعو الى وقف المذابح بقرار من مجلس الأمن، وكلّ ذلك يبقى تفاصيل في ضوء فيضان الكراهية الأجنبية لبلادنا وللمسلمين خاص.
لذلك ينبغي مراجعة التاريخ كالاطلاع مثلاً على كتاب المؤرّخ البريطاني ستيفين رونسيمان الذي يقول «انّ وقائع الأحداث منذ قيام إسرائيل حتى اليوم تسير على خط واحد من الأحداث التي أدّت إلى نشوب الحروب الصليبية في القدس ومن ثم سقوطها»، مع انّ هذا الرأي لا يشكل ايّ مفاجأة لـ «الإسرائيليين»، ومع ذلك فإنّ الكتاب ممنوع في «إسرائيل»!
لذلك أكثر ما يقلق السلطة والأحزاب السياسية والجيش الإسرائيلي هو المقارنة بين الصليبيين والصهاينة وبين مملكة القدس و»إسرائيل»، إلا انّ المقارنة تفرض ذاتها من خلال المحطات التالية:
أاولاً: جاء الصليبيون وكذلك الصهاينة من الغرب وبتمويل ودعم منه.
ثانياً: وجد الصليبيون وكذلك الصهاينة في الانقسامات العربية مداخل سهلة للمنطقة.
ثالثاً: اعتبر الصليبيون أنفسهم «جيش الغرب» ورأس حربة الدفاع عنه.
رابعاً: برّر الصهاينة احتلالهم لفلسطين وتوسعهم الاستيطاني فيها وحولها بحجة تحقيق وعد إلهي لهم بإقامة دولة يهودية «مملكة الله على الأرض» وبناء هيكل يظهر فيه المسيح المنتظر وينطلق منه لإنقاذ العالم وتحقيق ما عجز الصليبيون عنه.
خامساً: هناك قوة أميركية داخلية لا تتمثل في اللوبي الأميركي فقط ولكنها تتمثل أكثر بالحركة المسيحانية الصهيونية التي يشكل جمهورها 70 مليون مواطن أميركي يمثلون القاعدة الانتخابية التي يتزعّمها الرئيس السابق دونالد ترامب، وتؤمن هذه الحركة الدينية السياسية بالعودة الثانية للمسيح، ومن شروط هذه العودة إقامة «إسرائيل» على أنقاض المسجد الأقصى، لاعتقادهم انه لن تبقى على الأرض عقيدة دينية أخرى سوى المسيحية الإنجيلية وهي عقيدة تسفهها الكنائس المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية والكنيسة الإنجيلية، وفي عقيدتهم ضرورة قيام «إسرائيل» كقاعدة أمامية للدفاع عن «الثقافة الغربية» في مواجهة «الهمجية الإسلامية»، وهو تماماً ما تقوم به «إسرائيل» من خلال شيطنة الإسلام في العالم وتصوير المجتمعات العربية على أنها معادية للقيم الانسانية والديمقراطية.
ولذلك ينبغي الاطلاع على مخططات أعدائنا الصهاينة وقبلهم الصليبيون الذين احتلوا فلسطين ايضاً بحجة استعادة الصليب المقدس والهيكل المقدس، وفي الواقع لم يكن هناك صليب غير صليب كنيسة المهد ومحراب سيدة نساء العالمين مريم، ولا هيكل «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيّنا لكم الآيات إنْ كنتم تعقلون- 118 آل عمران»
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي