المُرتضى حوّل غزّة إلى نجمة مؤتمر الأونيسكو في باريس ورؤساء الوفود هنّأوه: فلسطين جرحٌ في ضمير الإنسانيّة آن الأوان ليندمل بإحقاق الحقّ ووضع حدٍّ للاحتلال
حوّل وزير الثقافة القاضي محمد وسام المُرتَضى غزّة وفلسطين عموماً، إلى نجمتيّ الدورة الـ42 للأونيسكو التي انعقدت في العاصمة الفرنسيّة باريس، بفرضه تخصيص دقيقة صمت حداداً على شهداء غزّة من أصل الوقت المحدّد لكلمته التي أسهبَت في الحديث عن العدوان «الإسرائيليّ» الوحشيّ الهمجيّ على الفلسطينييّن، فقال في مستهلّ الكلمة «التزاماً بقيم الأونيسكو وإرضاءً للضمير، ولأنّ الصمتَ أحياناً أَبلَغُ من الكلام، سوف أُخصِّصُ دقيقةً من الوقت المُخصّص لي في وقفةٍ صامتة حداداً على أكثر من عشرة الآف ضحيةٍ للإبادة المتمادية ضدّ غزّة، نصفُهم من الأطفال، وأدعو من يرغب منكم بالمشاركة لأنّ يتفضّل بالوقوف.»
بعدها ألقى المُرتضى كلمته التي عرض فيها للتعاون بين لبنان والمنظمّة منذ نشأتها متحدّثاً عن إنجازاتها وتقديماتها ثمّ قال «لكنَّ خطابيَ اليومَ إليكم، باسم لبنان، ليس بكامله مشرقاً؛ بل هو حاملٌ كثيراً من الجراح التي تنزفُ في قلبِ الوطن وقلوب المواطنين. فالضائقة المعيشيّة الناتجة عن الأزمة الماليّة والاقتصاديّة التي نزلت باللبنانيين منذ خريف العام 2019، ما زالت تتفاقم بفعل عوامل عديدةٍ، لا تبدأ بالحصار الفعليّ غير المُعلَن على لبنان، ولا تنتهي بالأزمة السياسيّة التي حالت دون انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهوريّة بعد سنة كاملة على شغور الكرسيّ الأول، وهذا ما أدى إلى تعطيل مسار الحياة الوطنيّة، وتعثُّرِ إقرار خطّة التعافي التي يُعوِّل عليها اللبنانيون كثيراً لإعادة الانتظام النقديّ والاقتصاديّ في البلد. ويزيدُ الأمر تفاقماً عبءُ النزوح السوريّ الذي لا مجال لإزاحته عن صدر لبنان إلاّ عبر حلٍّ جذري يتمثّل في عودة جميع النازحين إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم في سورية، تطبيقاً لمبادئ حقوق الإنسان التي يلهجُ بها صنّاع القرار في العالم على الدوام، لكنّها لا تُحترمُ إلاّ على وَفْقِ المصالح».
ودعا المنظّمة والدول الأعضاء «إلى إيلاء قضيّة النازحين أعلى درجةٍ من الاهتمام، لتخفيف العبء عن كاهل الوطن الصغير الذي لم يعد قادراً على التحمُّل، ويخص بالنداءِ الدول العربيّة الشقيقة، التي لا تتأخّر عن دعم لبنان في أزماته، أن تقف إلى جانبه في هذه الأزمة غير المسبوقة».
وعن العدوان «الإسرائيليّ» على غزّة قال المرتضى «وهذا يقودني إلى الحديث بشكلٍ صريحٍ في العدوان الوحشيِّ الإسرائيليّ الذي يُمارَسُ ضدَّ الفلسطينيين، لا منذ شهر تشرين الأول (أوكتوبر) الماضي فحسب، بل منذ ثمانين سنة حين تمَّ اغتصاب فلسطين، وهو يتكرّر يوميّاً ضدّ أبناء الجنوب اللبنانيّ على طول الحدود مع فلسطين المحتلّة»، لافتاً إلى أنّ «آلة التدمير الإسرائيليّة لم توفّر في غزّة كنيسةً ولا مسجداً، ولا مستشفى ولا مدرسة، ولا امرأةً ولا شيخاً ولا طفلاً، بحيث قارب عددُ الشهداءِ خلال عشرين يوماً فقط، عشرةَ آلاف شهيدٍ، أغلبهم من الأطفال وجميعُهم من الأبرياء المدنيين العُزَّل، في ظلِّ تأييد رسميٍّ منافٍ للشرائع الدوليّة، سمح بتغطية هذه الاعتداءات الهمجيّة، بحجّة ردّة الفعل على نتائج طوفان الأقصى، فيما ينبغي لمن يتلطّى وراء هذه الحجّة لإباحة القتل اليوميّ، أن يعودَ إلى الفعل الأوّل الذي أنتج كلّ ردود الأفعال المتعاقبة من هنا ومن هناك، عنيتُ احتلالَ فلسطين وتهجيرَ أهلها الأصليين وتدمير منازلهم وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانيّة.»
وأضاف «إنَّ مشاهد الدمار في غزّة، وعيونَ الآف الأطفال التي انطفأت ضحكاتُها تحت وابل القذائف المحرّمة دوليّاً، وصراخَ الأمهات وهنَّ يفتِّشْن عن أشلاء أولادهنَّ وآبائهنَّ وأزواجهنَّ تحت الأنقاض، كلُّ ذلك لم يُحرِّك ذرةً من شعورٍ بشريّ لدى جيش الاحتلال وقادته السياسيين والعسكريين وداعميهم الممعنين حتى اليوم في أفعال القتل والتدمير. لذلك، من على هذا المنبر أشيد، وأدعو إلى تبنّي موقف سعادة الأمين العام للأمم المتحدة السيّد أنطونيو غوتيريتش في هذا الخصوص، ومواقف الكثير من المنظّمات الحقوقيّة الأُمميّة، ومواقف دولة رئيس مجلس النوّاب اللبنانيّ الأُستاذ نبيه برّي، ومواقف الحكومة اللبنانيّة ودولة رئيسها الأُستاذ نجيب ميقاتي، الداعية إلى وقف العدوان وإدخال المساعدات إلى قطاع غزّة المُحاصَر، وإلى حلّ القضية الفلسطينيّة بإعادة الحق إلى أصحابه، لأنَّ كلَّ احتلالٍ يولِّدُ حقّاً شرعيّاً بمقاومته حتى زواله»، معتبراً أنَّ «أزمة فلسطين جرحٌ في ضمير الإنسانيّة آن الأوان لكيّ يندمل بإحقاق الحقّ ووضع حدٍّ للاحتلال وهمجيّته وغطرسته».
وتفاعل رؤساء الوفود المشاركة مع كلمة لبنان حيث قوطع المُرتَضى مرّات عدّة بالتصفيق وقوفاً وتقدّم رؤساء الوفود العربيّة منه بعد انتهائه من إلقاء كلمته لتهنئته ومن بينهم أعضاء في وفود فقدوا أعزّاء لهم في الاعتداءات الوحشيّة على غزّة.