الانتخابات المحلية في العراق بين الاجراء والالغاء…
} محمد حسن الساعدي
على الرغم من الإجراءات التي قامت بها حكومة السيد محمد شياع السوداني في الإعداد والاستعداد لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، والتي من المزمع إجراؤها في 18 من كانون الأول المقبل، من إعداد قانون منسجم مع الوضع السياسي بالإضافة الى تهيئة كلّ اللوازم الضرورية من دعم مادي ولوجستي، وانتهاءً ببدء الدعاية الانتخابية لكلّ القوائم التي ستشارك في هذه الانتخابات، إلا أنّ هناك بعض المخاوف من محاولة عرقلة أجرائها، أو الوقوف في وجه إجرائها، ما يعني انّ هناك نوايا موجودة لدى بعض القوى السياسية المتضرّرة من إجرائها، أو التي لا ترغب بالمشاركة بها، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات عن الهدف وراء المحاولات الغير ظاهرية او الواضحة تجاه تعطيل الانتخابات .
محاولة تعطيل الانتخابات المحلية في العراق لا تدخل في باب معارضة النظام السياسي فحسب بل هي تأتي في سياق عملية التخريب السياسي الممنهج ضدّ هذا النظام، ومحاولة إنهاء أيّ قواعد وأسس ديمقراطية تأسّست عليها هذه العلمية بعد عام 2003، وهو ما يعطي فسحة كبيرة للتدخلات الإقليمية والدولية في أن يكون العراق ساحة حرب مرة أخرى، وصراع داخلي لا ينتهي أبداً، وهو أمر لا يمكن للقوى السياسية بكافة ألوانها أو انتماءاتها ان تعود إليه لشعورها أنّ ما تحقق في الحرب الطائفية الطاحنة التي حصلت في عام 2005 خسّرت البلد وجعلته يتأخر كثيراً في النهوض نحو التنمية في كافة مجالاتها.
الانتخابات المحلية المقبلة يمكن لها أن تحقق تغييراً مهماً على الواقع السياسي عموماً، او على خارطة التحالفات المقبلة، كون القوى السياسية المشاركة تغيّرت حركتها على الأرض، فمنها مَن تقدّم خطوة ومنها مَن تراجع خطوتين، لذلك عدّها البعض من هذه القوى السياسية التي كانت تمتلك مقاعد مهمة فيها او في مجلس النواب «ردّ الاعتبار» وعملت وتعمل على إعادة وجودها في الواقع السياسي، وإن كانت موجودة بموقفها او وقوفها مع حكومة السوداني، إلا انها مصمّمة على خوض هذه المنازلة لإعادة الاعتبار لتيارها عبر صناديق الاقتراع.
الجميع يسعى الى تصدّر المشهد في المحافظات عبر هذه الانتخابات، والتي بالتأكيد ستكون قوية ومؤثرة على هذا الواقع، ولكن يبقى التساؤل الأهمّ حول قدرة هذه القوى السياسية سواءً المشاركة أو التي ترفض المشاركة او التي تختبئ خلف المستقلين والأسماء المحادية والتي تشارك في هذه الانتخابات بأسماء وقوائم مستقلة، في الالتزام بالمنافسة الشريفة وعدم الوقوف في وجه التقدم الديمقراطي في العراق خطوة أخرى جديدة، خصوصاً أنّ الجميع لا يريد العودة الى الخلف وسيقف أمام أيّ محاولات هنا أو هناك لتعطيل هذه الانتخابات، والتي بالتأكيد ستكون القلم الذي سيرسم خارطة الواقع السياسي المقبل.