الاحتلال يقصف مجمع الشفاء في غزة تمهيداً لاقتحامه بحثاً عن صورة نصر القمّتان العربية والإسلامية أمام تحدّي الخروج من البيانات اللفظية لخطوات عملية السيد نصرالله اليوم بين حاصل مفاوضات التهدئة ومسار التصعيد لإعلان الموقف
} كتب المحرّر السياسيّ
تؤكد العمليات العسكرية المحمومة لجيش الاحتلال في غزة أن اليومين المقبلين حاسمان، في رسم صورة المشهد الميداني، حيث الحكومات الغربية، وفي طليعتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تستشعر حجم الخسائر التي تصيب شعبيتها بسبب الدعم الأعمى الذي تقدّمه لتغطية جرائم جيش الاحتلال ووحشيّته، ما يعني أن الوقت ينفد والحاجة لإظهار صورة نصر واضحة تبرر لحكومة بنيامين نتنياهو القبول بمسارات التهدئة وتبادل الأسرى والرهائن. وقد شهدت ساعات الليل تصعيداً استثنائياً في محيط مستشفى الشفاء الذي أعلنته حكومة نتنياهو وقيادة جيش الاحتلال هدفاً للحملة العسكرية على قطاع غزة، وقالت إنه مقر القيادة الخفي لقوات القسام، ورفضت الاستجابة لنداءات إدارة المستشفى بدخول فرق تحقيق دولية من الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الصحة العالمية للتحقق من اتهامات جيش الاحتلال. وقد جمع الهجوم على مجمع الشفاء بين القصف الوحشيّ الذي يستهدف النازحين الذين تجمّعوا فيه ويقدرون بخمسين ألف نازح، وبين تقدّم الدبابات والمشاة في محاولة لتطويق المستشفى والتقرّب منه، بينما قالت مصادر قوات القسام مع بدء الهجوم إن وحداتها قامت بنصب الكمائن وتحريك التشكيلات القتالية للتعامل مع قوات الاحتلال بالأسلحة والطرق المناسبة. وفي منتصف الليل أكدت قوات القسام أنها تكبّد الاحتلال خسائر فادحة، وأن جثث جنوده تملأ المكان، من حي النصر إلى مخيم الشاطئ؛ بينما تقول مصادر تتابع مجريات الوضع الميداني إن الليلة حاسمة في معركة غزة، وإن المقاومة سوف تكتب صفحة جديدة لانتصاراتها، وإلحاق المزيد من الخسائر بجيش الاحتلال.
سياسياً، مساران يتحرّكان بالتوازي، مسار التفاوض حول إعلان هدنة لثلاثة أيام يرافقها تبادل الأسرى والرهائن، بدأ في الدوحة بلقاء رئيس الحكومة القطرية مع رئيسي جهازي المخابرات الأميركي والإسرائيلي، ويتابعه في القاهرة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. والمسار الثاني هو انعقاد القمة العربية تليها القمة الإسلامية في الرياض، حيث التحدّي باتخاذ مواقف ذات جدوى بعيداً عن البيانات اللفظية التي لا تقدم شيئاً، وفيما تسعى دول مثل الجزائر والعراق وسورية ولبنان لرفع سقف موقف القمة، يبدو رهان دول أخرى على تقدّم مسار التفاوض لإعفاء القمة من مواجهة خيار الخيبة والفشل أو قبول تبني مواقف واضحة لمواجهة خطر العدوان على غزة والدعم الأميركي المفتوح للعدوان. بينما في القمة الإسلامية فهناك تحدٍّ من نوع آخر، خصوصاً مع وجود إيران التي يمثلها رئيسها السيد إبراهيم رئيسي، وقد عبر وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان عن موقفها باعتبار أن تفادي توسّع الحرب لم يعُد ممكناً.
الوضعان الميداني والسياسي سوف يحضران في خلفية الكلمة المنتظرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم، في إحياء يوم الشهيد، في ذكرى تفجير مقرّ الحاكم العسكري الإسرائيلي، قبل 41 عاماً، حيث ستكون الكلمة محطة فاصلة لرسم الخيارات في ضوء معادلة الاحتمالات المفتوحة، وفق مراقبة أداء جيش الاحتلال ومسار العدوان على غزة من جهة، والسلوك تجاه الجبهة اللبنانية، خصوصاً الاعتداءات على المدنيين من جهة أخرى، وفقاً للمعادلة التي وضعها السيد نصرالله في كلمته يوم الجمعة الماضي.
تتجه الأنظار إلى خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وما سيطلقه من معادلات جديدة ومستوى التصعيد الذي سيبلغه، في ظل سخونة الجبهة الجنوبية التي أقرّ كيان الاحتلال الإسرائيلي بقسوتها، حيث يتكبّد العدو خسائر فادحة بشرية وفي الآليات العسكرية، في مقابل كثّف العدو اعتداءاته على لبنان مع توسيع منطقة الاشتباك ما دفع بالمقاومة إلى تنفيذ عمليات نوعية في عمق الأراضي المحتلة.
وأشارت مصادر ميدانية لـ»البناء» الى أن «مستوى عمليات المقاومة في الجنوب يتحرّك وفق مجريات الوضع الميداني في غزة ووفق مستوى الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان»، موضحة أن «عمليات المقاومة ترتفع وتيرتها تدريجياً وستتطور خلال الأيام المقبلة بحال لم يتمّ التوصل الى هدنة إنسانية في غزة».
ونشر الإعلام الحربي في «حزب الله» مقطع فيديو، تحت عنوان «بعض من بأسنا.. ولن يتمّ الاكتفاء بذلك»، تضمّن مشاهد انتشار عناصر «حزب الله» عند الحدود اللبنانية الجنوبية وتنفيذ العمليات ضد الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى مشاهد من الأسلحة والعدّة والعتاد وعمليات المراقبة.
الى ذلك، أكّد ضابط في «حزب الله» أنّ «العمليات بدأت في منطقة مزارع شبعا وامتدّت لتشمل كل المواقع بمسافة تتجاوز 100 كلم»، وذلك في مقابلة مع قناة «الميادين» في تقرير مصوّر من الحدود الجنوبية.
ولفت الضابط إلى الانتشار الإسرائيلي، حيث أوضح أنّ «على الجبهة الجنوبية منتشِر بمنطقتين، منطقة الجولان ومنطقة الجليل فرقتين، فرقة الجليل 91 وفرقة الجولان، فيها مجموعة من الألوية المقسومة لكتائب والمنتشرة سرايا على الخط. بعد عملية طوفان الأقصى بالسابع من تشرين الأول الإسرائيلي زاد من استعداداته على الجبهة بشكل كبير جداً، عزّز بفرقة 146 على الخط الثاني وأيضًا بمجموعات كبيرة من الاستخبارات ومن وسائط الدفاع الجوي والوسائط النارية المدفعية والصاروخية على الجبهة، يعني الاسرائيلي يوم سبعة تشرين الأول كان بجهوزية عالية جداً وبتعزيز كبير جداً على الجبهة اللبنانية».
وشدد على أنّ «الإنجاز الأكبر كان جذب جزء كبير من القوات الإسرائيلية من الداخل إلى الجبهة اللبنانية»، معتبرًا أنّ «جذب القوات الإسرائيلية خفّف الضغط على إخواننا في غزة».
وكشف الضابط أنّ «الإنجاز الأساسي هو إعماء عيني العدو ومنعه من الرؤية»، كما أفاد عن إصابة عدد كبير من دبابات الميركافا وإعطابها بالصواريخ الموجّهة، كما أنّ من «الإنجازات الأساسية تدمير جزء كبير من المواقع الإسرائيلية».
وأكّد «استهداف الداخل الإسرائيلي وتعطيل عمل القبّة الحديدية في كثير من الأماكن»، موضحًا أنّ «المقاومة ردت على العدو الذي اعتدى على منطقة إقليم التفاح بتوسيع شعاع النار ونوعيّة الرد».
ولفت الضابط في رسالة إلى السيد حسن نصرالله إلى أنّ «ما راكمته المقاومة من عدّةٍ وعتادٍ وعتيد وجهوزيةٍ واستعداد منذ العام 2006 سينفجر غضبًا وحممًا على العدو الغاصب الذي لم يرَ منه سوى القليل القليل حتى الآن، والآتي أعظم وتحت الأمر».
وكانت المقاومة الإسلامية واصلت عملياتها أمس، وأشارت في بيان إلى أن «مجاهديها استهدفوا تجمعًا لجنود العدو الصهيوني قرب موقع العاصي (مقابل ميس الجبل) بالصواريخ الموجهة وحقّقوا فيه إصابات مباشرة». كما استهدفت موقعي الضهيرة وبركة ريشة الإسرائيليين بالصواريخ الموجهة، وكذلك مستعمرة المطلة بصاروخ موجّه. ونفذت المقاومة هجوماً ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي بواسطة ثلاث مسيرات هجومية، فاستهدفت الأولى ثكنة يفتاح قديش (قرية قدس اللبنانية المحتلة) فيما استهدفت الطائرتان الأخريان تجمعًا مستحدثًا في شرق مستعمرة حتسودت يوشع (قرية النبي يوشع اللبنانية المحتلة) وحققوا فيهما إصابات مؤكدة، كما استهدفت موقع الجرداح.
ونشر الإعلام الحربي في «حزب الله»، مشاهد عملية استهداف ثكنة يفتاح قديش (قرية قدس اللبنانية) التابعة للجيش الإسرائيلي ونقطة تجمع آليات إسرائيلية قرب مستوطنة راموت نفتالي (قرية النبي يوشع اللبنانية) بالمسيرات الانقضاضية.
واعترف، جيش الاحتلال في بيان، بإصابة ثلاثة جنود إسرائيليين بجروح خطيرة جراء إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على موقع عسكري في منطقة المنارة، كما اعترف بإصابة جندي بجروح خطيرة وجندي آخر بجروح متوسطة نتيجة سقوط طائرة بدون طيار. كما أعلن المتحدث باسم جيش الإحتلال دانيال هاغاري، أن «3 طائرات بدون طيار اخترقت أجواء الجليل الأعلى قادمة من لبنان».
وواصلت قوات الإحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها على جنوب لبنان، واستهدفت بالطيران الحربي المعادي المنطقة المفتوحة بين الهبارية والفرديس في العرقوب، وأطراف عيتا الشعب وكفرحمام وياطر وقصف مدفعي طاول أيضاً أطراف عيتا الشعب ويارون. كما أغارت على محيط بلدة كفرشوبا. فيما استهدف قصف مدفعي خراج بلدتي العديسة وكفركلا حيث استخدم العدو القنابل الحارقة. وفي صور سجل قصف مدفعي على منطقة اللبونة، الناقورة. كما استهدفت قوات العدو مستشفى ميس الجبل.
وشدّد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على «أننا نعرف مصلحة أمتنا وطريقة تحقيق أهدافها، ونؤدي تكليفنا كما ينبغي ان يؤدى هذا التكليف، انتصاراً لغزة وشعبها ووقفاً للعدوان الصهيوني الغاشم والمتوحش، وإحباطاً لكل أهدافه، وستنتصر غزة وشعبها في نهاية المطاف».
وأكّد «أننا في الموقع الذي إن غادرناه نسهم في ترك العدو يفعل ما يشاء وهو يستقوي بحماة دوليين يشجعونه، ويبرمجون عدوانه، ويدفعون عنه كل ضغط دولي، ويحيدون من يحيدون عن إدانته وعن مواجهته وحتى عن استنكار عدوانه على غزة وشعبها وأهلها».
ولفت رعد الى أنّ «المقاومة لن تترك هذا الشعب ولن تترك أهل غزة وستستمر في الضغط من اجل وقف العدوان على طريقتنا، نتحرّك حيث يجب ان نتحرك ونقف حيث يجب أن نقف، ونضغط حيث يجب أن نضغط».
على صعيد آخر، وبعدما سرَت معلومات عن إنزال جوي أميركي بطائرات تحمل أسلحة وذخائر وعتاد عسكرية أفرغتها في مطار حالات في الشمال مساء أمس الأول، أوضحت قيادة الجيش، أن «بعض وسائل التواصل الاجتماعي تناقلت معلومات عن هبوط طائرات عسكرية أجنبية في أحد المطارات التابعة للجيش اللبناني»، موضحةً أن «جزءًا من حركة الطيران في المطار هو حركة روتينية لنقل المساعدات العسكرية إلى الجيش اللبناني، ويضاف إلى ذلك نقل جميع التدريبات النهارية والليلية الخاصة بالقوات الجوية في الجيش إلى حامات».
على صعيد آخر، كشفت وزارة الخارجية الفرنسية أننا «مررنا رسائل لإيران وللبنان حتى لا ينزلق الأخير نحو الصراع».
وعشيّة توجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى المملكة العربية السعودية للمشاركة في القمة العربية، أعلنت رئاسة المجلس الوزراء أنّ ميقاتي بصدد الدّعوة إلى جلسة حكوميّة، مُعمّمةً جدول الأعمال.