أولى

المقاومون يساندون بعضهم في مواجهة «حرب الجبناء»

‭}‬ أحمد بهجة
لم يستطع كيان العدو حتى اليوم، وهو لن يستطيع أبداً، استيعاب الهزيمة الكبرى التي تعرّض لها في 7 تشرين الأول الفائت على أيدي أبطال المقاومة الفلسطينية الذين تعملقوا في تنفيذ عملية «طوفان الأقصى»، وهي بحدّ ذاتها حدث عظيم جداً في مسار الصراع ضدّ هذا العدو الغاشم، لم يسبق أن حصل مثلها منذ العام 1948.
بقيَ العدو وجيشه واستخباراته طوال اليوم الأول في حالة ذهول وصدمة، وقبل أن يطلق رصاصة واحدة أطلق حملة الندب والصراخ والاستغاثة، وبدأ على الفور بمطالبة رعاته وأوّلهم الولايات المتحدة بأن يزوّدوه بالذخائر والعتاد والأموال، بل أكثر من ذلك مطالبتهم باستقدام أساطيلهم للوقوف إلى جانبه في هذه المحنة القاسية والمدمّرة التي يواجهها.
في اليوم الثاني، بعدما تلقى الوعود بالدعم المطلق والمساندة الكاملة، بدأ الردّ على «طوفان الأقصى» ولكن ليس على المقاومة التي لا يزال إلى اليوم عاجزاً عن مواجهتها مباشرة، بل أتى الردّ على المدنيين بشكل وحشي وهمجي وبربري على مرأى ومسمع كلّ العالم، الذي لم يحرك ساكناً لوقف هذا العدوان الإجرامي الذي لم تسلم منه التجمعات السكنية المكتظة في المدن والقرى الفلسطينية على امتداد قطاع غزة، كما لم يتورّع العدو المجرم عن استهداف أماكن تجمع النازحين حتى لو كانوا في المدارس والكنائس والمساجد وصولاً إلى المستشفيات التي لا يتخيّل عقل أحد أنّ هناك في القرن الـ 21 بين البشر مَن هم قادرون على محاصرة مستشفى وقطع الكهرباء والوقود عنه ووقف إمداد المرضى بالأوكسجين، لا سيما الأطفال منهم، بل حتى تدمير المستشفيات على مَن فيها كما فعل بالأمس جيش العدو الغاشم بمستشفى الشفاء…!
هذه الأفعال والارتكابات لم يعد يصحّ وصفها فقط بالإجرامية والهمجية والوحشية… ربما ينطبق عليها القول بأنها «حرب الجبناء»، وربما أيضاً يجب على علماء اللغة العربية أن يجدوا تعبيراً آخر لأنّ الأمر وصل إلى ما هو فوق الوصف، ورغم ذلك نجد أنّ قمماً عربية وإسلامية ودولية ومنظمات كـ جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة وغيرها لا تفعل شيئاً إلا إصدار بيانات الشجب والاستنكار من دون أيّ إجراء عملي على الأقلّ في ما يتعلق بإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، من مواد إسعافية وطبية وغذائية ووقود ومياه وغير ذلك من المقوّمات التي تسمح في الحدّ الأدنى بعدم توقف الحياة في القطاع…!
على أيّ حال، كان قادة المقاومة الفلسطينية منذ البداية يعرفون جيداً أنّ غالبية الدول العربية لا تستطيع وربما لا تريد الوقوف إلى جانب غزة وفلسطين وشعبها في مواجهة العدو الصهيوني الذي طبّعت معه أنظمة عربية في العلن وفي السرّ، ولذلك رأينا أنّ القائد العسكري لـ «كتائب الشهيد عز الدين القسام» محمد الضيف، وفي بيانه الأول والوحيد مباشرة بعد تنفيذ عملية «طوفان الأقصى» صبيحة السابع من تشرين الأول الفائت، لم يخاطب أيّ دولة عربية أو إسلامية أخرى بل توجه فقط إلى دول وقوى المقاومة وسمّاها بالإسم قائلاً: «يا إخوتنا في المقاومة في لبنان وسورية والعراق واليمن وإيران هذا هو اليوم الذي ستلتحم فيه الجبهات»…
وقد لبّى أركان محور المقاومة النداء، وها هي جبهة الجنوب اللبناني مفتوحة منذ اليوم الثاني لـ «طوفان الأقصى»، حيث تتصاعد وتيرة المواجهات بشكل مضطرد، وهناك أكثر من سبعين شهيداً ارتقوا خلال هذه المواجهات، كما أنّ المقاومة تدخل يومياً أسلحة جديدة إلى الميدان، وتشغل أكثر من ثلاث فرق من جيش العدو ومعها مَن معها من أطقم سلاح الجو والقبة الحديد والباتريوت وأجهزة الإغاثة والإسعاف، إضافة إلى إجبار عشرات آلاف المستوطنين على مغادرة المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، على بعد 7 كيلومترات وهناك في الإعلام «الإسرائيلي» مَن يقول إنّ إخلاء المستوطنات تمّ على بعد 12 كيلومتراً من الحدود اللبنانية…
وهذا ما يحسب له العدو ألف حساب، خاصة أنّ خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم السبت الفائت أبقى على جانب كبير من الغموض، وجعل العدو يستمرّ واقفاً على رجل ونصف، وهذا ما انعكس على الفور في تصريح وزير الحرب في كيان العدو يؤاف غالانت الذي هدّد بتدمير بيروت كما يفعل مجرموه في غزة، ما يعني «حرب الجبناء» أنفسهم الذين يعجزون عن مواجهة المقاومين الأشداء البواسل.
ومع جبهة الجنوب اللبناني هناك جبهات الجولان السوري المحتلّ والعراق واليمن، حيث تتواصل عمليات إطلاق الصواريخ والمُسيّرات باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة على امتدادها من إيلات إلى طبريا…
على أنّ غزة وفلسطين تبقى هي العنوان الأبرز الذي لا يعرف العدو ومَن معه كيف يخرجون من رمالها المتحركة التي ستغرقهم جميعاً… بينما سيخرج شعبنا الفلسطيني الأبي منتصراً على كلّ شيء حتى على الآلام والمواجع والجراح الكبيرة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى