خطاب النفس الواثقة الهادئة
} مختار نُمير
وحده سماحة السيد حسن نصر الله هو الذي يستطيع ان يشهد هذه المذابح ويتابع كلّ هذا التدمير، الذي يطال اخوة لنا في فلسطين وغزة، وان يكون بهذا الهدوء، وكلّ هذه الثقة، وبرغم رمزية المناسبة يوم الشهيد، وهو يوم تدمير مقر الحاكم العسكري في صور، وخلّف أكبر عدد من القتلى لقوى العدوان في العام 1982، وتحية للشهيد الذي نفذ العملية (أحمد قصير).
وقد كان خطاب السيد الأخير من أكثر الخطابات التي استمعنا إليها هدوءاً، حتى ولو كان على وقع الأحداث، حيث بدا الرجل شديد الهدوء وشديد الثقة وعميق الإيمان بنصر الله، وبدأ بالآية الكريمة (انّ الله اشتري من المؤمنين أنفسهم…)
توقع الجميع ان يكون الخطاب عالي النبرة شديد الحماسة، تتخلله هتافات تنادي بالموت للحكومات الداعمة للكيان، والموت للكيان نفسه، إلا انّ سماحته كان هادئاً شديد الهدوء واثقاً شديد الثقة، وهذا لا يتأتى إلا اذا كان سماحته يمتلك من الإيمان واليقين بالله ومن المعلومات التي تؤكد له انّ الوضع الميداني في غزة مطمئن حتى الآن، وأنّ المقاومة منتصرة، بل ومتفوّقة برغم إعلانه انّ قوات نخبة النخبة للكيان هي التي تقاتل الآن وتفشل، ولعلّ هيئة الثقة والهدوء التي ظهر بها السيد تؤكد للجميع الحال الذي عليه الميدان، في المنازلة الميدانية.
نعم هناك بكلّ أسف مذابح يندى لها ضمير البشرية، لكن ضريبة الدم دائماً مدفوعة سواء بادرت وهاجمت القسام العدو أم لم تهاجم.
وحيا السيد نصرالله المقاومة اليمنية والعراقية المشاركة لنصرة غزة والصواريخ اليمنية على أم الرشراش (إيلات) والمقاومة العراقية التي ترسل صواريخها على القواعد الأميركية في العراق وسورية، باعتبار انّ من يقود الحرب على غزة هو الأميركي سواء علي الصعيد العسكري أو السياسي، وبرغم ان الأخبار تناولت اعتراض (بكلّ أسف) شبكات الدفاع الجوي العربية للصواريخ اليمنية والعراقية، إلا أنّ هدوء السيد لم يرد ان يفتح باباً للاختلاف، وهذا يؤكد مرة أخرى انّ المقاومة في غزة على أرض صلبة منتصرة، وتؤدّب العدو بطريقة لم يمرّ بها منذ نشأته حتى الآن.
كانت هناك رسائل سريعة وجهها سماحته وبسرعة:
1 ـ انّ المقاومة في جنوب لبنان تمتلك صواريخ بركان التي قد تزن نصف طن من المتفجرات، وجرى استخدامها لأول مرة بعد خطابه في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي.
2 ـ انّ المقاومة الإسلامية ترسل وللمرة الأولى طائرات مُسيّرة هجومية، وطائرات لاستنفاذ صواريخ القبه الحديدية واستنزاف العدو في هذا المجال.
3 ـ انّ العدو لن يتحمّل الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية.
4 ـ هذه معركة الكرامة وتراكم الإنجازات والانتصارات استعداداً للنزال الأكبر.
5 ـ أشاد سماحته بالبيئة الحاضنة للمقاومة، وصبرها ورضائها بما تدفعه من ضريبة الدم من الأطفال والسيدات وكبار السن.
6 ـ انّ أداء جبهة لبنان ترتفع وتيرتها باعتراف العدو وانّ الميدان ورجاله هم من يحدّدون مدى وعمق وقوة المواجهة.
7 ـ أنّ سورية المحاصرة بالعقوبات، المحاصرة بقانون قيصر لا تزال حاضنة لقوى المقاومة.
8 ـ التاريخ يعرف وحشية العدو من دير ياسين ولم يمنع هذا التوحش الفلسطيني من التمسك بحقوقه.
9 ـ من أشلاء شهداء الأطفال ستنطلق أجيال من المقاومة تنهي الكيان.
10 ـ مسؤولو الصهاينة يريدون إخضاع الشعوب في المنطقة، وإسقاط إرادة المطالبة بالحقوق المشروعة.
11 ـ الدعم المادي والمعنوي لإيران يمنح قوى المقاومة القوة والقدرة على مواجهه الكيان.
12 ـ أميركا وتابعها الإنجليزي الوحيدان اللذان يدعمان همجية ووحشية الكيان، وإذا أرادوا وقف الحرب عليهم ان يوقفوا المجازر في غزة.
13 ـ استشهاد المواطنة (سميرة أيوب) وحفيداتها الثلاث في جنوب لبنان بقصف صهيوني، فإنّ المقاومة لن نتسامح معه وأبلغناهم ذلك.
14 ـ جيلنا سوف يصلي في المسجد الاقصى وأحمد الله أني من هذا الجيل.
15 ـ أنهى السيد نصرالله الخطاب بقوله وتأكيده أنّ النصر النهائي آتٍ آتٍ آت.
من كلّ ذلك… وهدوء السيد ونفسه المطمئنة والتي لم تستدعِ ان يعلن توسيع العمل العسكري، فإنه يؤكد على الخطوط الحمراء التي رسمها في الخطاب السابق في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر عن التدخل الواسع مرهون باحتمال بدء تعرّض القسام للهزيمة، أو تعرّض الشعب الفلسطيني لمذابح لا يمكن معها السكوت او القيام بعمليات التهجير القسري.
غير ذلك علينا أن نطمئن انّ المقاومة في غزة لا تزال بخير…
ولم ينس سماحته أن يؤكد على أهمية الدعاء لله بالنصر للمقاومين، وهو جانب هام فيما بدا على السيد من هدوء وثقة لشدة إيمانه بالله وبحتمية النصر، ولهؤلاء المشككين المتخاذلين نقول: نحن مع السيد، نؤمن بأنّ النصر آتٍ آتٍ آت…