أولى

عتبة تاريخ جديد…

‭}‬ مأمون ملاعب
أكثر من مئة عام والصهيونية تعمل بكلّ جهد على تطويع العالم. كلّ الإعلام الغربي العالمي بأيديهم يطبّل ويزمّر لهم. كلّ قيادات الغرب وأتباعهم، حتى من عرب ومسلمين، يثرثرون مديحاً لـ (إسرائيل) ويزحفون لمساعدتها أو لنجدتها عند أيّ خطر يتهدّدها. خمسة مرشحين عن الحزب الجمهوري للرئاسة في الولايات المتحدة يتنافسون في ما بينهم من هو الأكثر تأييداً لـ (إسرائيل)، حتى أنّ أحدهم جعلها قبل الولايات المتحدة نفسها، وكلهم أيّدوا إجرامها وإرهابها في فلسطين.
وصلنا الى مرحلة في العالم وكأنّ رفض العنصرية هو رفض معاداة السامية فقط ولا بأس أن يكون دعاة السامية هم الأشدّ عنصرية على وجه الأرض. رفض الكراهية تعني أنه ممنوع أن تهاجم بكلمة (إسرائيل) أو اليهود، أما حرق القرآن والإساءة للنبي فلا يصنّف ضمن الكراهية، بل ضمن حرية التعبير. وصلنا إلى مرحلة بات فيها معظم أفلام السينما وحتى الكرتون ومعظم المسلسلات التلفزيونية الغربية تمدح كلّ ما يمتّ إلى اليهود بصلة وتسوّق خططهم، حتى أنّ كتب القراءة المدرسية المنتجة غربياً تحمل نصوصاً في كلّ الصفوف مدحاً باليهود. وصل النفوذ اليهودي إلى حدّ أنّ بعض مشاهير كرة القدم من غير اليهود زاروا فلسطين المحتلة طلباً للتبرّك بحائط البراق.
العالم اليوم يقدّم رئيساً لأوكرانيا يتبجّح بيهوديته ويصف أوكرانيا بـ (إسرائيل) الثانية. وزير خارجيه أقوى دولة على الأرض اليوم يسارع إلى الاجتماع مع مجلس وزراء العدو مصرّحاً أنه معهم بصفته يهودياً دون أيّ استنكار من أيّ مسؤول أميركي على ازدواجية الانتماء، إنْ لم نقل أحاديته لصالح (إسرائيل)، ورئيسه أيضاً سارع إلى الأرض المحتلة في محاولة استيعاب الصدمة التي تلقاها العدو وهو الذي بلع وعوده الانتخابية، بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران نزولاً عند الرغبة الصهيونية، وهو الديمقراطي الذي كان نائباً للرئيس أوباما عام 2015 حين وُقع الاتفاق الذي انسحب منه الجمهوري ترامب مراضاة لـ (إسرائيل).
تجنّد العالم الغربي لـ «تحرير» سورية من نظامها بحجة حماية الشعب السوري ولم يرَ هذا العالم كم أنّ «قانون قيصر» يوفر لهذا الشعب من حماية! ادّعت الولايات المتحدة ومعها الغرب محاربة داعش والنصرة وبناء على ذلك احتلت أجزاء من العراق وسورية حيث آبار النفط وحرمت الشعب السوري موارده وتركت السوريين يلتحفون برد الشتاء! وما زالت هجمات الإرهابيين تنطلق من مواقع سيطرة الأميركيين ضدّ الجيش السوري والمواطنين.
عالم الغرب يتعايش مع الكذب والنفاق والخداع إلى درجة أنّ حكومة فرنسا لا تجرؤ على الإفراج عن الأسير جورج العبدالله المنتهية محكوميّته حتى لا تزعج (إسرائيل) ومع ذلك تدّعي السيادة والقضاء النزيه.
لم يكتفِ النفوذ الصهيوني والغربي بتحييد مصر عن الجبهة بل حوّلها إلى معين للعدو يشارك بالحصار ويلاحق المقاومين في سيناء. أقاموا لدولة مثل الإمارات جيشاً وسلّحوه، بمال الإمارات طبعاً، وكذلك مع المملكة السعودية، لا ليساعدوا في تحرير فلسطين طبعاً بل ليحاربوا من أجلهم في اليمن! وألزموا دول الخليج على صرف مليارات الدولارات لا لإعمار ولا مساعدات إنسانية خصوصاً في فلسطين بل لتدمير سورية والعراق!
في عالم اليوم يعتلي مندوب (إسرائيل) منصة الأمم المتحدة ويمزّق وثيقة قدّمها له الأمين العام للأمم المتحدة توثق انتهاك (إسرائيل) للقانون الدولي محتقراً الأمم المتحدة، وكلّ دولة عضو فيها، ويطالب هو ودولته باستقالة الأمين العام أو إقالته، لقد تعدّى الخطوط الحمر…!
7 تشرين الأول 2023 عتبة تاريخ عالمي جديد… سقط الوهم. استفاق العالم مع صيحات المقاومين القادمين من غزة، ليس عليهم أن يكونوا محكومين بثقافة الصهيونية. انتفض العالم يصدح: الحرية لفلسطين… وانقشعت الكراهية والعنصرية والعنجهية. الحرية لفلسطين، (إسرائيل) دولة إرهابية. الحرية لفلسطين، لا نصدّق تبريراتكم ولا ادّعاءاتكم، الحرية لفلسطين رفضاً للهيمنة الصهيونية و»إنجازاتها» على مدى عشرات الأعوام، انقشع الغبار عنها قبل أن ينقشع عن المعركة. الكوفية الفلسطينية أصبحت رمز كفاح الإنسان من أجل إنسانيته، من أجل الحرية، ومن أجل العدالة. الكوفية الفلسطينية لم تبقَ فلسطينية فحسب بل رمز مواجهة الاستكبار والاستغلال. تحوّلت إلى رمز العنفوان والإرادة الصلبة في مقاومة الطغيان والظلم. الكوفية الفلسطينية رمز انتصار الإنساني على الشيطان.
7 تشرين الأول عتبة تاريخ جديد. عالم يستفيق وعالم قلق. (إسرائيل) في قلق وجودي، الولايات المتحدة وأذنابها في هلع من تصوّر عالم بلا (إسرائيل)، بعض الحكام العرب مرتعدون، قد يأتي يوم يحاكمهم لابس الكوفية، لا باب للتوبة.
7 تشرين الأول 2023 عتبة تاريخ عالمي جديد صنعه أصحاب كوفية وحوّلوها إلى علم للأمم المتحدة في عصر سقوط الصهيونية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى