إنه الميدان وليس قافية شعر ونظم ديوان
} خضر رسلان
يتمحور حديث البعض سواء في الاستراتيجيا والنقاش السياسي او في قراءة ونظم القصائد والأشعار بين تضخم الـ «أنا» حيث يرى البعض منهم أنّ له فرادة في الإبداع لا يطاوله فيه أحد من سياسيين وعسكريين ونخب وشعراء نظموا قصائد تبدّى فيها الخيال المنجب التي تنطلق في خيالهم من الذات إلى الآخر بحيث تحوّلت البراعة التي ظهرت فيها فرادتهم سواء منها الشعرية او السياسية، الى تضخم في الذات متوهّمين انها تعبّد لهم الطريق نحو إنتاج خطاب لا تجاريهم فيه بحور الشعر وقصائد المتنبي والسيف والليل والبيداء التي يدّعون معرفتها! لذلك فقد اشرأبّت أعناقهم وهم الموزعون بين بلاد الضباب وصحارى الانعام الى قرار فتح الجبهات وقيادة المواجهات. ولمَ لا فالأمر عندهم سيان ما بين نظم شعر وكتابة الديوان وبين رسم خطط حروب وقيادة الميدان… هزلت… هزلت.
السيد نصرالله… انظروا الى الميدان
السابع من اكتوبر 2023 كان موعداً مع التاريخ حيث الطوفان الذي انفجر وسلك مساره كالسيل الجارف وعبر… عبر نعم عبر إلا أنه أفاض من سيله الكثير من الدروس والعبر عند الصديق والعدو والحليف والمتردّد فبلغت القلوب الحناجر ورغم الآلام والجراح فقد تقدّم ميدان فلسطين على ما عداه حيث كشفت ميادينها حقائق ستكون لها ارتداداتها في الآتي من الأيام وهي التالية:
1 ـ أظهرت مفاعيل ما يجري من ارتكابات في فلسطين سقوط أقنعة ما كان يُسمّى منظومة القيم الغربية التي بان زيفها ونفاقها وأنها لم تكن إلا جسر عبور يُراد من خلالها استغلال الشعوب وإخضاعها ونهب ثرواتها.
2 ـ أفرز الميدان الفلسطيني حقيقة مواقف الدول والشخصيات بشكل واضح ورمت الكرة بشكل صريح في ملعب القوى الفلسطينية بشكل عام والمقاومة بشكل خاص فلا يستوي من جاهر بالعداء للكيان الصهيوني قولاً وفعلاً وقدّم التضحيات، وبين من يطلق الخطب والشعارات دعماً لفلسطين والإبقاء على مقرات وسفارات الصهاينة مع الرعاية والحماية وما خفي أدهى وأعظم.
3 ـ من أبرز إفرازات طوفان الأقصى إعادة التأكيد على فاعلية الميدان ودورها في الخطاب السياسي كما أشار سماحة الأمين العام لحزب الله الى وجوب أن تبقى العيون على الميدان وانّ سياستنا في المعركة الحالية يحدّدها الميدان وهو الذي يفعل، وهذا الميدان التي تديره غرفة عمليات مشتركة تضمّ كلّ قوى المقاومة ثبت فاعليتها في كلّ المواجهات من حرب تموز الى وحدة الساحات والتي تحدّد المهمات والمسؤوليات وفق معايير شديدة التعقيد تجعل في الكثير من الأحيان الامرة والتحكم لأصحاب الميدان المباشر.
خطاب الميدان الذي أكد استراتيجية الغموض البناء التي تتبنّاها المقاومة منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى ويديرها السيد نصرالله بالتنسيق والتكامل التام مع غرفة العمليات المشتركة وفق ظروف وتناقضات ليس من السهل إدارتها حيث عليها إبقاء وتيرة القلق سائدة لدى الصهاينة والأميركيين، وفي نفس الوقت بث الأمل من خلال ساحة المساندة للشعب الفلسطيني، يُضاف الى ذلك مراعاة ضرورة إرساء عوامل الطمأنينة للداخل اللبناني، انها تناقضات حساسة وشديدة التعقيد تحتاج الى حكمة وبصيرة واستشراف لمستقبل سيزهر نصراً بفضل دماء وتضحيات الميدان الذي وحده سيحدّد المسار والمصير.