صفقة التبادل والهدنة تبدأ الإثنين إذا أقرتها حكومة نتنياهو اليوم ووافقت القسام غدا المقاومة تصعد العمليات من جبهتي لبنان وغزة والحصيلة عشرات الآليات والجنود بوريل يحمل صيغة أوروبية لتنشيط الحل السياسي… وجنوب أفريقيا تدعي قضائيا
} كتب المحرّر السياسيّ
تقول التقارير المتقاطعة عند متابعة مسار التفاوض حول صفقة تبادل الأسرى والرهائن وإعلان هدنة لثلاثة أيام تتضمّن إدخال المواد الإنسانية إلى غزة، أن الاتفاق قد أنجز بصورته النهائية، ويتضمّن وفق ما تقول التقارير الإفراج عن 70 أسيرًا إسرائيليًا مقابل 150 أسيرة وقاصرًا فلسطينيًا على عدة دفعات خلال أيام الهدنة، وأن الموافقات المبدئية قد صدرت من الجهات المعنية دولياً وإقليمياً وإسرائيلياً وفلسطينياً، وتنتظر تصديق حكومة الاحتلال اليوم، وبعد التصديق ستعطي القسام موافقتها غداً.
ما يُحيط بالصفقة من غيوم داخل الكيان يضع مصير حكومة بنيامين نتنياهو على كفّ عفريت، بعد أن أدّى مجرد القبول بدخول صهريجين من الوقود يومياً الى المنظمات الانسانية الأممية الى تصدّع الحكومة، لكن الجميع في المعارضة والموالاة والقيادات السياسية والعسكرية يدركون أنه ليس باستطاعتهم الرفض ما دامت حرب الأربعين يوماً لم تنجز نصراً بائناً، وما دام الكيان قد تحول الى محمية أميركية لا يستطيع رفض توجيهات واشنطن.
في الميدان العسكري كان اليوم الحادي والأربعون من الحرب أسودَ بالنسبة لجيش الاحتلال، حيث سجلت جبهة الحدود اللبنانية أعلى رقم لعدد عمليات ينفذ في يوم واحد مع بلوغ الرقم 14 عملية تضمنت استهداف تجمعات للجنود ومواقع دبابات وعتاد إلكتروني، بينما أعلنت قوات القسام إصابة وتدمير 20 آلية ومقتل مؤكد لتسعة جنود، واعترف الاحتلال بأنه لم ينجز السيطرة على شمال غزة وأن الحديث عن العمليات نحو الجنوب هو إعلان مبدئيّ لجهة أن لا منطقة محرّمة في الحرب على حماس.
سياسياً، وصل إلى المنطقة مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وافتتح زيارته بلقاء من رام الله بالإعلان عن وثيقة سياسية أوروبية لإنهاء الحرب وفتح المسار السياسي، تقوم على ثنائية تعويم السلطة الفلسطينية لتتولى الضفة الغربية وغزة دون ذكر مصير القدس الشرقية، من جهة، ومن جهة مقابلة الحديث عن حل الدولتين دون ذكر القدس مرة أخرى ولا حق العودة ولا مصير الاستيطان، بما يبدو أنه مجرد إطار نظري لخلق مناخ مؤاتٍ لوقف الحرب والنزول عن الشجرة، بينما بالتوازي كانت دولة جنوب أفريقيا بشخص رئيسها تتخذ صفة الادعاء أمام المحكمة الجنائية الدولية على كيان الاحتلال لارتكابه جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية وجرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني، وتحدّث المدعي العام في المحكمة عن وجود الدعوى وبدء التحقيق، وكانت بوليفيا وجزر القمر وجيبوتي قد انضمّت إلى جنوب أفريقيا في تقديم الدعوى.
وواصلت المقاومة في لبنان قصف مواقع وتجمعات قوات الاحتلال الإسرائيلي في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأعلن حزب الله في بيانات متتالية استهداف تجمع لجنود الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من مثلث الطيحات وتجمع آخر بالقرب من موقع المرج وتجمع لجنود الاحتلال بالقرب من ثكنة راميم (قرية هونين اللبنانية المحتلة) بالأسلحة المناسبة وحقّق فيها إصابات مباشرة. كما استهدف موقع المالكية بالأسلحة المناسبة وحقّق فيه إصابات مباشرة. وأعلن حزب االله أيضاً استهداف تجمع لجنود العدو في مستعمرة يرؤون (قرية صلحا اللبنانية المحتلة) بالأسلحة المناسبة وحقق فيه إصابات مباشرة. كما استهدف تجمعاً للجنود الإسرائيليين في موقع الضهيرة بالأسلحة المناسبة وتحقيقه فيه إصابات مباشرة. وتجمعات لجنود الاحتلال «الإسرائيلي» في موقعي الضهيرة والراهب.
واستهدف المجاهدون أيضًا موقعي بركة ريشا وموقع العاصي ودبابة في محيط مقرّ قيادة الفرقة 91 في برانيت وموقع رويسات العلم بالأسلحة المناسبة وتمت إصابتها إصابة مباشرة. كما استهدفت تجمعًا لجنود العدو بمحيط موقع المطلة بمحلقتين هجوميتين ومجموعة مؤللة صهيونية في حرج المنارة.
ولاحظ خبراء عسكريون ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية التي تنفذها المقاومة الإسلامية في لبنان يوم أمس وأهمية المواقع والأهداف وحجم الخسائر التي يتكبدها جيش الاحتلال. ويشير الخبراء لـ»البناء» الى أن «وتيرة عمليات المقاومة مرتبطة بارتفاع وتيرة المعارك في غزة وكثافة المجازر الإسرائيلية في غزة وتقدم جيش الاحتلال في العملية البرية. ويتوقع الخبراء تصاعد عمليات المقاومة في الأيام المقبلة مع تحوّل الشمال الى جبهة استنزاف لكيان الاحتلال». وأكد الخبراء أن صمود المقاومة الفلسطينية سيفرض على كيان الاحتلال التراجع والرضوخ للتفاوض على تبادل الأسرى، وشدد الخبراء على أن جيش الاحتلال لن يستطيع تحقيق أهدافه العسكرية في غزة.
ومع تصاعد الخطر من الجنوب على كيان الاحتلال، كشفت أوساط مطلعة لـ»البناء» عن «ضغوط إسرائيلية – أميركية على مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة لإعادة مناقشة ودرس القرار الدولي 1701 وآليات تطبيقه وقواعد عمل وصلاحيات اليونفيل في جنوب الليطاني، وسط اعتراضات نقلتها الحكومة الاسرائيلية لمجلس الأمن ولقيادة قوات اليونفيل في الجنوب عن حرية حركة حزب الله العسكرية في المنطقة واستخدام الحدود لشنّ هجمات ضد مواقع الجيش الإسرائيلي وإطلاق الصواريخ على المستوطنات». ونقل دبلوماسيون أوروبيون للحكومة اللبنانية أكثر من رسالة على ضرورة تدخل الحكومة والجيش اللبناني لتعزيز انتشارها والقيام بدورها لضبط الحدود ومنع قيام عناصر مسلّحة من شن هجمات عسكرية وإطلاق صواريخ على شمال فلسطين المحتلة.
وشدّد رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم السيد خلال تشيّيع الشهيد حيدر علي نون على طريق القدس، في موكب شعبي في مدينة بعلبك، أن «المقاومة في فلسطين بعد 40 يومًا لم تمسّ بقدراتها العسكرية والجهادية، وهؤلاء الشهداء سقطوا أمام العالم المتوحش، وكلما سقط طفل في فلسطين سقط بنيان من الحضارة والإنسانية والأخلاق في العالم، وكلما تهدّم بيت تهدّمت الأبنية الوهمية للحضارة الكاذبة، وكلما سقط طفل يولد آلاف الأطفال، وكلما تهدّم بنيان من بنيانكم لا يستطيع أحد بنائه، إنكم ستهزمون، وشكرًا لكم على ما أظهرتم وانكشفتم على أن ليس لكم صديق وحليف، قتلتم مستقبلكم ومصيركم عندنا، وبعد غزة لا مستقبل لكم في منطقتنا؛ لأنّكم وحوش ومجرمون». وتابع أن: «جيوشكم قد تتمكّن من أن تهزم جيوشاً، لكنها لن تتمكن من هزيمة شعوب ملأ قلبها الإيمان، بكل الأحوال بالحسابات الإلهية هذه المظلومة التي تواجهها فلسطين لا يمكن أن تنتهي إلا بالانتصار على الأعداء وانتصار الشعوب والمقاومة والمجاهدين».
على صعيد آخر، يبدو أن فرص التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون تراجعت بعد تطوّر المشاورات السياسية لا سيما على خط حزب الله – التيار الوطني الحر للبحث عن حل يُرضي التيار ويتفادى الفراغ في المؤسسة العسكرية.
وظهر تراجع خيار التمديد في الهجوم الذي شنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، حيث لفت جعجع الى أن «باسيل تخطى كل الخطوط الحمراء، مطيحًا بكل المسلمات ومتجاوزًا كل الحدود الدستورية والعرفية، ليس في سبيل كل ما ذكرناه أعلاه، بل بغية التخلص من العماد جوزف عون في قيادة الجيش لاعتبارات شخصية انتهازية بحتة». وأشار في بيان إلى أن «باسيل ضرب بعُرض الحائط كل ما كان سبق وصرّح به، لجهة عدم قبوله بالمراسيم الوزارية التي كانت تصدر منذ سنة حتى الآن لكونها تشكل انتقاصًا من صلاحيات رئيس الجمهورية، إلى اعتباره أن أي تعيينات بغياب الرئيس تنتقص أيضًا من صلاحيات الرئاسة الأولى، إلى إصراره على ضرورة توقيع 24 وزيرًا على كل مرسوم في ظل الشغور الرئاسي، إلى جانب أن يكون للأكثرية المسيحية الرأي الوازن في أي تعيينات مسيحية، وإلا لا تنتهي».
في المقابل رد التيار عبر لجنة الإعلام والتّواصل على جعجع ببيان عنيف، وأشار إلى أنّه «بعد ارتكابه مجدّدًا جريمةً معلنةً ومثبتةً ضدّ الدستور والمبادئ، بتقديمه اقتراح قانون للتّمديد لقائد الجيش، يقوم رئيس حزب «القوّات اللّبنانيّة» سمير جعجع بعمليّة إعلاميّة مفضوحة لتغطيتها، وذلك بتوجيه تهمة افتراضيّة ومختلَقة لرئيس «التّيّار» النّائب جبران باسيل، وبما يشبه الأحكام المسبقة على النّوايا؛ فيما لم يقم رئيس «التّيّار» بأيّ عمل ولم يعلن ما هو موافق عليه وما هو مرفوض منه». وقال: «مرّةً بعد مرّة، يتّضح ألّا همّ لجعجع سوى «النّكاية السّياسيّة»، والقيام تمامًا بعكس ما يقوم به باسيل، ولو ضرب عرض الحائط كلّ مواقفه ومبادئه، مع فارق بسيط أنّه لم يفهم يومًا ما يقوم به رئيس «التّيّار»، والأيّام الآتية ستكشف مجدّدًا من يصيب ويخطئ، ومن هو المبدئي ومن العامل بالأجرة لدى الخارج بالمال والأمن». وشدّدت على أنّ «حقًّا، لقد صَحّ في سمير جعجع القول: «إن لم تستحِ فاصنع ما شئت».
وأشارت مصادر «البناء» الى أن «المشاورات تتركز على تعيين قائد جديد للجيش قد يجرّ الى سلة تعيين شاملة من أعضاء المجلس العسكري ورئيس جديد للأركان، وذلك بعد رفض النائب باسيل رفضاً قاطعاً التمديد للقائد الحالي، وتفضيله تعيين قائد جديد للجيش، مقابل رفض رئيس الحكومة تسلم الضابط الأعلى رتبة في الجيش مهام القائد»، ولذلك بين التمديد وتعيين قائد جديد للجيش اختار باسيل الخيار الثاني، لكن العقدة تكمن في آلية التعيين، توقيع رئيس الحكومة ووزير الدفاع ووزير المال مرسوم التعيين أم توقيعه من قبل الـ24 وزيراً كما يريد باسيل؟ علماً أن الرئيسين بري وميقاتي يرفضان تكريس آلية التوقيع هذه خلال فترة الفراغ في رئاسة الجمهورية. وتشير المصادر الى أن باسيل تجاوز عقدة رفضه السابق لأي تعيين في المناصب العليا بغياب رئيس الجمهورية. وتردد أمس، عن حصول توافق على مدير المخابرات العميد طوني قهوجي. فيما تشير مصادر أخرى لـ»البناء» الى أن الاتجاه الى تعيين قائد جديد للجيش لمدة سنة واحدة على أن يجري تعيين قائد آخر فور انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وتشير مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» الى أن «الكتلة مع أي حل يمنع الفراغ ويعزز الاستقرار في المؤسسة الضامنة للأمن التي تمنح الثقة للجميع». مرجّحة أن يكون الحل عبر الحكومة.
الى ذلك، رفض الرئيس نبيه بري «حملات الافتراء على مقام صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي حيال دعوته الصادقة الى دعم النازحين اللبنانيين». وقال «إن دعوة غبطته لدعم النازحين تعبّر عن موقف رسالي وطني جامع، إنني إذ أنوه بدعوة غبطته في هذا المجال، نستنكر الحملة التي تعرض لها عن سوء فهم ليس إلا».
وفي تطور مهم في ملف انفجار المرفأ، أبطل مجلس شورى الدولة برئاسة القاضي فادي الياس بناء على تقرير القاضي كارل عيراني، قرار وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بالامتناع عن تبليغ السياسيين بجلسات الاستجواب في ملف انفجار المرفأ واصبحت بنتيجته الضابطة العدلية ملزمة بتبليغ الاستنابات الصادرة عن القاضي طارق البيطار.