متدرّجات المرحلة وعناوينها الأساسية
} نمر أبي ديب
بلغت التطورات الميدانية في حرب غزة مراحل متقدمة من الفعل الفلسطيني الاستثنائي، والدموية الإسرائيلية التي يُراد من خلالها استكمال «مشروع التهجير» تمهيداً لفرض أمر واقع جغرافي متمثِّل في احتلال «الضفتين»، والانتقال السياسي والأمني والعسكري إلى مرحلة ما بعد «القضية الفلسطينية»، التي باتت مرتبطة بشكل أو بآخر بمجمل النتائج المترتبة على «حرب غزة»، ما قد يعيد من وجهة النظر الأميركية «الإسرائيلية»، خلط أوراق المنطقة على طاولة «المستجدّ الفلسطيني»، الذي يمثِّل بالتوازي مع مركزية القضية خط التوازن العربي المقاوم، الضامن من وجهة نظر الفريق الممانع لـ «زمن الانتصارات».
المواجهة السياسية والعسكرية مع كيان الاحتلال، لمرحلة ما بعد «طوفان الأقصى»، لم تتضح بعد عناوينها وجوانبها الوجودية في مخيّلات وتصوُّر القوى الحاضنة وحتى الداعمة لكيان الاحتلال، للدول المستثمرة اليوم في دموية المشهد الفلسطيني، المرفق باستنفار سياسي قائم على مبدأ تحقيق وتنفيذ العناوين الأساسية التي شملتها «صفقة القرن الأميركية»، في مقدمتها «التطبيع»، الذي عملت مجمل الإدارات الأميركية السابقة المتعاقبة على تمريره ولا تزال نعمل على ذلك حتى في خضمّ «حرب غزة»، وهنا يكمن البعد الاستراتيجي للوجود الأميركي السياسي والعسكري في المنطقة وأيضاً دور الكيان الغير معلن بعد الذي وجد في استهداف غزة، وأيضاً في محاولة إسقاطها فرصة لإنهاء القضية الفلسطينية، على «بياض استراتيجي» مع مجمل الدول العربية التي أكَّدت في مواقفها المعلنة من عدوان غزة على «ازدواجية سياسية»، تراوحت بين عدم القدرة العربية على التصعيد العسكري وسقف المطالب المتعلقة بضرورة إدخال المساعدات الطبية والغذائية للقطاع.
كشفت الحرب الأميركية «الإسرائيلية» المعلنة على «غزة»، النقاب عن «أربعة عناوين أساسية استراتيجية» تتحكم في مسار ومصير المنطقة بدءاً من السقف الزمني الغير معلن بعد، الذي وضعته أميركا نفسها للعملية العسكرية «الإسرائيلية» في غزة، والكلام يتناول ما نشرته وصرَّحت به صحيفة «نيويورك تايمز» التي أكَّدت نقلاً عن مسؤولين أميركيين أنّ لدى الجيش الإسرائيلي وقتاً محدداً لتنفيذ عملياته العسكرية، وهنا نتحدث عن «سقف زمني قابل للتمديد»، تتحكم به عوامل عديدة أبرزها «نسبة الوعي العالمي» لحقيقة ما يحدث في غزة.
ثانياً… الموقفان المصري والأردني من مخطط التهجير «الإسرائيلي» وتدفق النازحين الفلسطينيين، الذي أعاد إلى الذاكرة السياسية عملية «مرج الزهور» بتاريخ 17 كانون الأول 1992، حين اتخذ الكيان الإسرائيلي قراراً بإبعاد 416 ناشطاً فلسطينياً من «حماس والجهاد» إلى منطقة «مرج الزهور في جنوب لبنان»، وهنا تجدر الإشارة إلى المقدمة الأمنية التي شكلها قرار الاستبعاد الاسرائيلي في حينه وما كان يمكن أن يستتبعه من قرارات مشابهة لو تهاون لبنان، أو سمح في إدخال المبعدين من حماس والجهاد إلى أراضيه، بالتالي ما تشهده غزة اليوم هو جزء لا يتجزأ من مشروع «إسرائيل الكبرى»، القائم على معادلة الاحتلال، في الدرجة الأولى، وأيضاً على أولوية «إفراغ غزة إذا تعذَّر الاحتلال»، ما يؤكد بالمعطى الاستراتيجي استمرارية النهج، كما العمل الدائم على تمرير مشروع التهجير في أزمنة مختلفة ومحطات عديدة اصطدمت فيها محاولات اليوم في جدار الرفض الأردني والمصري.
ثالثاً: الموقف الروسي، حيث القراءة تتضمّن ما أشارت إليه المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، حين اعتبرت أنّ تهديد إسرائيل باستخدام «قنبلة نووية» ضدّ قطاع غزة «غير مقبول» و»استفزازي».
يأتي كلام زاخاروفا، في مراحل مفصلية من المواجهة الغير مباشرة بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية، إذ يؤكد كلام زاخاروفا على جملة عوامل أساسية من بينها:
ـ خيوط وخطوط الترابط الاستراتيجي في ميادين المواجهة المختلفة.
ـ الكلام الذي أدلت به زاخاروفا بمثابة رسالة روسية نقلت بدبلوماسية إلى المعنيين العسكريين والسياسيين في «حرب غزة»، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية تحت عنوان، «الخطوط الحمر في الجبهة الفلسطينية»
رابعاً: المفاعيل الاستراتيجية التي قامت عليها الإطلالة الأولى لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، التي رسم من خلالها خطوط المحاور المتشابكة على الساحة الفلسطينية والاقليمية، مؤكداً على مبدأ التكامل الأمني والعسكري في حرب غزة، وأيضاً على خطوط المواجهة الاقليمية، التي رفع من خلالها سقف الحراك العسكري الاسرائيلي إلى مستوى المواجهة مع حماس، كما وضع الحضور الأميركي في المنطقة إلى خانة حزب الله، في مشهد استثنائي بامتياز حدّد من خلاله «سيد المقاومة» احتياط وفائض الجولة الأولى إنْ حدثت، والكلام يشمل حتى اللحظة روسيا الاتحادية وكوريا الشمالية إضافة إلى إيران، ما فتح باب الاجتهاد والتساؤل، عن احتياط الفريق الآخر عن مصير الوجود الأميركي في المنطقة وأيضاً «إسرائيل» في مراحل دخول الاحتياط المقاوم مسرح الحرب الساخنة.
ما بين العناوين الأساسية التي باتت تتحكم في مسار المنطقة ومصيرها، والنتائج الاستراتيجية المترتبة على «حرب غزة»، جولات استثنائية سطرتها المقاومة بحكم «الموازين العسكرية الجديدة» واليقين النابض بحتمية النصر…