أهمية ونتائج حرب الاستنزاف ضدّ جيش الاحتلال
} حسن حردان
نجحت المقاومة في لبنان، ووفق خطة ذكية، في شنّ حرب استنزاف، متصاعدة يومياً، كماً ونوعاً وتأثيراً، ضدّ جيش الاحتلال الصهيوني على طول الجبهة مع شمال فلسطين المحتلة وبعمق يصل من 5 إلى 7 كلم، وجسّدت بذلك تضامنها ومساندتها للشعب الفلسطيني ومقاومته، قولاً وفعلاً، ورسمت طريق التضامن المطلوب عربياً وإسلامياً، والذي يجب أن يقترن بخطوات عملية وعدم الاكتفاء ببيانات التنديد والاستنكار، لامتصاص غضب الشارع العربي والإسلامي، فإذا لم تكن الحكومات قادرة على ترجمة أقوالها بخوض القتال إلى جانب المقاومة الفلسطينية، فأقله أن تستخدم سلاح قطع كلّ أشكال العلاقات مع كيان الاحتلال، ووقف ضخ النفط له وللحكومات الغربية التي تدعم العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني…!
على انّ حرب الاستنزاف التي تخوضها المقاومة ضدّ جيش الاحتلال وكيانه، تمكّنت حتى الآن من تحقيق جملة نتائج عسكرية واقتصادية وسياسية هامة تسهم في تخفيف الضغط عن قطاع غزة من ناحية، وتزيد من حجم الخسائر الصهيونية من ناحية ثانية، وتربك حكومة الحرب في عدوان من ناحية ثالثة.. وأهمّ هذه النتائج التي حققتها عمليات وهجمات المقاومة، هي:
أولاً، تدمير البنية التحتية الأمنية والاستخبارية للمراقبة والتجسّس التي أقامتها قوات الاحتلال على مدى سنوات طويلة، وبالتالي إصابة العدو بالعمى الأمني والاستخباري التامّ لناحية مراقبة حركة ونشاط المقاومين.
ثانياً، إيقاع خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال، بقتل العشرات من ضباطه وجنوده، وجرح المئات حسب بيانات المستشفيات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة التي تحدثت قبل أسبوع، عن ما يفوق الـ 1403 من الجرحى تمّ استقبالهم، في حين أقرّت الصحف الإسرائيلية بقساوة حرب الاستنزاف التي تتعرّض لها «إسرائيل» على الجبهة الشمالية، وانّ المستوطنات الشمالية التي تمّ إخلاؤها أصبحت ساحة معركة حقيقية. ما يعني اعترافاً ضمنياً بالحجم الكبير للخسائر وأثرها على الكيان..
ثالثاً، تدمير وإعطاب عشرات الدبابات والمدرعات، والآليات والمواقع العسكرية..
رابعاً، إجبار سلطات الاحتلال على إخلاء عشرات آلاف المستوطنين من المستوطنات الصهيونية القريبة من الحدود مع لبنان، ونقلهم إلى مناطق أكثر أمناً.. مما يكلف الكيان خسائر يومية مادية، واقتصادية، نتيجة كلفة تأمين إقامة مؤقتة للمستوطنين، وشلل الحركة الاقتصادية في معظم المناطق القريبة من الجبهة مع لبنان..
خامساً، اضطرار جيش الاحتلال إلى حشد جزء كبير من قواته في الجبهة الشمالية، يُقدّر بثلاث فرق، إضافة إلى طيرانه الحربي، والمروحي والمُسيّر، ومنظومات دفاعه الجوي، لمواجهة هجمات المقاومة، وتحسّباً لاحتمالات تصاعد المواجهة على نطاق واسع، الأمر الذي يخفف من قدرات جيش الاحتلال على جبهة قطاع غزة، ويرفع تكاليف حربه، ومضاعفة خسائره المادية والاقتصادية، وهو ما دفع جهاز الأمن الصهيوني للاضطرار إلى دراسة تسريح جزء من الاحتياط لخفض الكلفة الاقتصادية التي باتت ترهق الكيان..
سادساً، تعزيز صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته، والتأكيد لهم بأنهم ليسوا وحدهم يواجهون العدوان وانّ المقاومة في لبنان لن تسمح باستفرادهم أو تقف مكتوبة الأيدي وتكتفي بإدانة العدوان والتضامن بالتظاهرات وإنما أيضاً هي منخرطة في المعركة وهي جزء منها، وكما قال قائدها سماحة السيد حسن نصرالله، انّ المقاومة ستقوم بما يتوجّب عليها من واجب المساندة والتضامن ووفقاً لما تقتضيه المعركة وتطوراتها في قطاع غزة، مؤكداً العمل لأجل تحقيق هدفين، وقف العدوان وانتصار المقاومة الفلسطينية وبالأخص حركة حماس.. على انّ هذا الانخراط العملي للمقاومة في المعركة وخوضها حرب استنزاف من العيار الثقيل ضدّ جيش الاحتلال أحدث تحوّلاً هاماً في الصراع العربي الصهيوني، وقواعد هذا الصراع، لأول مرة، حيث أكدت المقاومة من خلال ذلك وحدة الساحات والمواجهة.. وهو الأمر الذي انعكس بالتأكيد في رفع معنويات المقاومين الفلسطينيين، وعزز من تصميمهم على خوض القتال الضاري ضدّ قوات الاحتلال وصولاً الى تحقيق النصر في هذه المعركة.. الأمر الذي يثبتونه كلّ يوم في ميدان مواجهة جنود الاحتلال الذين توغلوا في بعض مناطق شمال غزة، وإيقاع الخسائر الكبيرة في صفوفهم.. وهو ما أكدته مشاهد الفيديو التي تعرضها كتائب القسام كلّ يوم كبرهان قاطع على نجاحها في تحويل غزة إلى مقبرة لجنود العدو ودبابات الميركافا..
وهو ما اعترف به ضابط إسرائيلي نقلت عنه وسائل إعلام إسرائيلية قوله، إنّ حزب الله تسبّب في إجلاء 70 ألف إسرائيلي من المستوطنات على الحدود الشمالية، وأنّ الحزب حقق بعض الإنجازات الكبيرة على مستوى الوعي في المعارك الجارية. وتابع الضابط الإسرائيلي أنّ «حزب الله تسبّب في إبقاء مئات الآلاف مهدّدين بالنيران الصاروخية حتى خليج حيفا». وأردف: «على الحدود الشمالية تدور حالياً حرب استنزاف شديدة بوتيرة عالية مع وقوع العديد من الحوادث كل يوم».