دلالات المعارك الضارية في شمال غزة واضطرار العدو لقبول صفقة تبادل أسرى
} حسن حردان
وصف الإسرائيليون المعارك في أحياء الزيتون وجباليا وغيرها، بأنها ضارية وشديدة، ولهذا يقع هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى الصهاينة، كما أنّ القتال المستمرّ في بيت حانون وبيت لاهيا، يدلّل على تمكن المقاومة الفلسطينية من إيقاع هذا العدد من القتلى الإسرائيليين الذي بلغ، باعتراف الناطق الإسرائيلي، خلال يومين نحو عشرين ضابطاً وجندياً، فيما واصلت المقاومة قصف تل أبيب ووسط الكيان، إلى جانب قصف مستوطنات غلاف غزة، وهذا يُعدّ مؤشراً قوياً على انّ قدرات المقاومة لم تضعف.. الأمر الذي ينسف كلّ الادّعاءات الإسرائيلية عن نجاح جيش الاحتلال في إضعاف المقاومة، التي تحسن استخدام إطلاق صواريخها في التوقيت المناسب والذي يحول دون أن ينعم الكيان الصهيوني بالأمن والاستقرار، مما يدلل على ما يلي:
أولاً، انّ المقاومة لا تزال قوية وقادرة، ولا يمكن فرض الشروط عليها في ايّ صفقة تبادل للأسرى، وهو ما كان العدو يراهن عليه لكن من دون جدوى…
ثانياً، يؤشر إلى أنّ المقاومة لديها القدرة على خوض معركة طويلة النفس.. وتمسك بزمام المبادرة في الميدان وتتحكم بمسرح المعركة.
ثالثاً، انّ الكيان الصهيوني بات يعاني من كلفة الحرب المادية والاقتصادية، وعائلات الأسرى يزداد ضغطهم لإعطاء الأولوية لعقد صفقة تبادل أسرى.
على انّ تصريحات الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة أكدت الآتي:
1 ـ تدمير وإعطاب 60 آلية عسكرية منها 10 ناقلات جند خلال 72 ساعة… ما يدلّل على حجم الخسائر التي يُمنى به جيش الاحتلال يومياً…
2 ـ ثقة بقدرة المقاومة على التحكم بالميدان ونجاح استراتيجيتها في استنزاف العدو على نحو كبير، وانّ المقاومين يحضّرون المفاجآت في الميدان.. ويشنون الهجمات ولا يكتفون بالتصدي والدفاع، وما الهجوم الذي نفذه 25 مقاوماً على جنود العدو في مستشفى الرنتيسي ونجاحهم في قتل العديد منهم إلا دليل على إمساك المقاومة بزمام المبادرة في الميدان والتحكم بإدارة حرب استنزاف قاسية ضد قوات الاحتلال.
3 ـ تأكيد على المعنويات العالية التي يتمتع بها المقاومون، ومعهم أهالي شمال غزة الذين قرّروا البقاء وعدم النزوح وهم يرون إنجازات المقاومة في الميدان.. وان لا مكان آمناً في كلّ قطاع غزة…
4 ـ رسم خريطة الاشتباكات من مسافة صفر في التوأم والزيتون والنصر وبيت لاهيا وجباليا، والشيخ رضوان، ومحيط مستشفى الرنتيسي الذي اتخذت منه قوات الاحتلال قاعدة عسكرية، ما يعني أنّ كلّ هذه المناطق التي زعم جيش الاحتلال انه سيطر عليها لا تزال مسرحاً للقتال الضاري.. وليست مناطق سيطرة، وإدارة المعركة بهذا المستوى والخسائر الكبيرة في صفوف العدو وآلياته، انعكس على مسار التفاوض بشأن شروط صفقة لإطلاق جزء من الأسرى، وإعلان هيئة البث الإسرائيلية أنّ «إسرائيل» أعطت الضوء الأخضر للموافقة على صفقة التبادل مع حركة حماس، وتنتظر ردّها، وبالتالي التسليم بشروطها، التي تشمل إطلاق متبادل لجزء من الأسرى، ووقفاً لإطلاق النار لمدة خمسة أيام، بعد أن فشل جيش الاحتلال في تحقيق إنجاز في الميدان، يمكّنه من تحسين شروطه في الصفقة..
من هنا فإنّ إقرار المتحدث العسكري الإسرائيلي بالقتال الشرس الذي يدور في شمال غزة، إنما هو دليل على مدى الورطة الكبيرة التي بات فيها، بعد أن أغرقته المقاومة في رمال غزة…