قدسية الدماء
} عبير حمدان
بين النور والظلام فارق عمر، فالحق نور والباطل عتمة تعمي القلوب قبل العيون، بين النور وسواد النفوس المتخاذلة هوة كبيرة مُحال ردمها…
شتان بين يمثل الناس ويهب الوطن الدماء الشريفة المقاومة، وبين من يدّعي أنه ممثل للشعب بعناوين الاعتدال التي تخفي طيّ سطورها الارتهان والتبعية وفق منسوب التمويل المشبوه، شتان بين الحرّ والذليل، وشتان بين صوت البارود في قلب العدو والحديث عن النأي بالنفس من قبل بعض من يظنّون أنفسهم «سياديين وتغييريين».
نحن قوم نهب الآباء والأبناء بما في نبضنا من إيمان بأنّ القضية لا يُنصرها إلا قدسية الدماء في سبيل تحرير كلّ ذرة من ترابنا وكم هو ثمين هذا التراب، كم هو عظيم بما يعانق من أقمار ورجال أشداء قالوا سنكون حيث يجب أن نكون… وكانوا مجد الأمة وعزّها.
نحن أهل الأرض التي يسمو زرعها نحو السماء ولا تنكسر أشجارها وإنْ أصيبت تبقى واقفة ومتجذرة وثابتة وبهية، هي الأرض التي ستلفظ المحتلّ وكلّ من يخضع له ويهادن ويراهن على دبلوماسية كاذبة وقرارات أممية ساقطة…
إنه نهج التصدي الذي لا يدرك حروفه إلا الأحرار، وحين يرتقى أبناء القادة شهداء في سبيل الوطن يزداد اليقين بأنّ الثقة في مقاومتنا في مكانها، هذا النهج الذي يتصاعد ويصبح أسلوب حياة في الميدان وفي كافة تفاصيلنا اليومية، النهج المقاوم بما يتضمّن من مفاهيم الكرامة والعنفوان والإنسانية، هذا النهج الذي إليه ننتمي وبه نتمسك ومنه نستمدّ قوّتنا في كلّ تفصيل من تفاصيل يومياتنا، في طريقة تعبيرنا، في نصوصنا، في قصائدنا وموسيقانا، في أسلوب تربيتنا لأجيال من البديهي أن تعي كم كانت كلفة النصر كبيرة، وكم هو ضروري الحفاظ على هذا النصر وكلّ ما تحقق من إنجازات.
هذا النهج هو وجه الوطن المستقلّ والقادر والمقارع لكلّ أشكال الاستعمار وهو الحريص على مفهوم السيادة الفعلية، هو الواقع المناقض للبطولات الإنشائية الافتراضية، وهو الذي لم يسقط من يده يوماً البندقية نصرة للقضية المركزية.. نهج يتخطى حدود الاستعمار ويوحد الدماء من البحر الى النهر من الشام الى لبنان الى فلسطين والى كلّ الميادين…