معركة الطوفان تكشف هزيمة العدو وتآمر المطبّعين
} سعادة عاصم المصري
مشهد السابع من تشرين الأول 2023، حدثٌ سيظلّ راسخاً في الذاكرة، فهو أكد حقيقة ثابتة، بأنّ إرادة شعبنا عصية على الانكسار، وأن الاحتلال مهما طال فهو إلى زوال.
في السابع من تشرين الأول، استطاعت مقاومة شعبنا في غزة، أن تحطم الأسطورة ـ الوهم، الاستخبارية والعسكرية الصهيونية، فقد رأينا الجنود والمستوطنين الصهاينة يقعون أذلاء في أسر المقاومين الأبطال، عدا عن الذين قُتلوا على أيدي المجاهدين.
«الجيش الذي لا يُقهر»، بحسب الدعاية الصهيونية والتي ردّدها وروّجها المستسلمون والمطبعون والمتآمرون على فلسطين، تمّ قهره على تخوم قطاع غزة في 7 تشرين، كما في بيروت عام 1982 وجنوب لبنان طيلة سنوات الاحتلال. فهذا العدو الصهيوني، الذي عاث تدميراً وإرهاباً في بلادنا، وقتلاً لأطفالنا ونسائنا ورجالنا، قد تجرّع كأس الهزيمة، وهو يكاد لا يحصي عدد قتلاه، ويتكتم على الخسائر التي تكبّدها خلال 48 يوماً على أيدي مقاومة شعبنا.
صحيح أنّ العدو الغاصب، قد شنّ عدواناً وحشياً على قطاع غزة، ومارس سياسة الأرض المحروقة، مستهدفاً المستشفيات والمدارس ودور العبادة ومراكز الأمم المتحدة، وارتكب أفظع المجازر بحق أهلنا في غزة، والتي نتج عنها ارتقاء ما يزيد على الخمسة عشر ألف شهيد، جلهم من الأطفال. لكن هذا العدوان الوحشي لم يُزل الصورة التي ترسّخت بأنه عدو مهزوم وأنّ أجل احتلاله بات أقرب من أيّ وقت مضى.
عدونا الوجودي لن يستطيع محو صورة هزيمته، مهما زاد من وحشيته وغطرسته ومجازره وعنصريته، ومثله المتآمرون على فلسطين والمقاومة، وتحديداً أنظمة التطبيع العربي، فهؤلاء لن يستطيعوا التلطي خلف وهم «الجيش الذي لا يُقهر» ليروّجوا للسلام المزعوم مع كيان الاغتصاب الصهيوني.
معركة الطوفان، التي رسمت خطوطَها المقاومة، هجوماً ودفاعاً وصموداً، لم تنته بعد، فهي معركة مفتوحة، لكنها بالتأكيد كشفت الكثير من الحقائق، وأهمّها بأنّ فلسطين هي قضية سورية في الصميم، لذا رأينا المؤازرة والمناصر لغزة وفلسطين، من لبنان، عبر التظاهرات والوقفات دعماً وإسناداً، والمقاومة التي دكت مواقع الاحتلال وقدّمت الشهداء. ومن الشام التي شهدت مظاهرات حاشدة والعديد من عمليات الإسناد وجعل القواعد الأميركية أهدافاً، إلى مظاهرات أبناء شعبنا في الأردن، إلى مظاهرات العراق وعمليات المقاومة التي وجهت الضربات للقواعد الأميركية، إلى الكويت بكافة فئاتها الشعبية التي لم تنأَ بنفسها عن دعم أهلنا في غزة وفلسطين. فمجموعة كبيرة من الجمعيات الخيرية الكويتية نظمت حملة «فزعة لفلسطين»، ناهيك، عن أبناء سيناء الذين نظموا تظاهرات يومية، يُضاف إلى ذلك موقف رئيس البرلمان القبرصي الذي اعتبر أنّ من يدير «إسرائيل» هم جزارون، وأنّ هجماتهم على غزة هجمات إرهابية.
كما كشفت هذه المعركة، أنّ قضية فلسطين، هي قضية عادلة، حيث رأينا اليمن قيادة وشعباً وجيشاً ينتصر لغزة بالمظاهرات والصواريخ والمُسيّرات، ورأينا الجزائر أيضاً رسمياً وشعبياً تنتصر لفلسطين، وتونس كذلك، وحشوداً تتظاهر في العالم العربي، وفي أوروبا وأميركا وكلّ مدن العالم، لكن في المقابل فإنّ حكومة الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها الأوروبيين، وأنظمة التطبيع العربي، كانت كلها في صف «إسرائيل» سواء في العلن أو في السر. غير أنّ المفارقة هي أنّ أدوات أنظمة التطبيع العربي، شكلوا بوقاً للعدو الصهيوني، وبعض وسائل الإعلام التي تشغلها هذه الأنظمة، مارست الحياد، لا بل الانحياز إلى العدو الصهيوني. وقد امتلأت شاشاتها بالناطقين باسم الاحتلال وهم يصفون المقاومة بالإرهاب، كما ضجّت بالعديد من الكتاب والصحافيين العرب المتأسرلين الذين لا يختلف خطابهم عن الصهاينة، تشجيعاً لاستمرار العدوان والقصف على أطفال غزة، وأنّ فلسطين ليست قضيتهم.
لهؤلاء ولأميركا والغرب الاستعماري والأنظمة المطبعة نقول: كفى انحيازاً للمجرمين الصهاينة قاتلي الأطفال، كفى دعماً لهم وتآمراً على فلسطين والفلسطينيين. إنّ فلسطين كلّ فلسطين، هي أرضنا وحقنا، فخذوا الصهاينة المحتلين إلى عواصمكم ومدنكم، ما دمتم صهاينة بالفعل والممارسة…