نتنياهو عاد إلى الحرب بدعم أميركي: التفاوض سوف يجري تحت النار المقاومة في اليوم الأول للجولة الثانية: عمليات نوعية وقصف صاروخي مكثف عبد اللهيان: سمعت من قادة المقاومة في بيروت أن الرد سيكون أشدّ وأقسى
} كتب المحرّر السياسيّ
لم يستطع بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الجمع بين وحدة حكومته والحاجة بعد زلزال السابع من تشرين الأول لصورة التفوق العسكري من جهة، وقبول شروط المقاومة لمواصلة عمليّات تبادل الأسرى، وفق معادلة الانتقال الى صفقة شاملة أو صفقات مجزأة، تحت عنوان الكل مقابل الكل. وكما كان متوقعاً عاد الى جولة ثانية من الحرب، دون أن يمتلك وصفة تحقيق إنجاز في هذه الجولة وظروف الحرب زادت سوءاً بالقياس للجولة الأولى. ومرّة يرفع شعار إقامة حزام أمني يعلم باستحالة بقائه ويعرف أنّه بلا جدوى، كما يعلم أنه سوف يعود مجدداً إلى هدنة جديدة وصيغة للتبادل وفق شروط المقاومة، كما حدث في الجولة الأولى، عندما كان يتحدّث عن استعادة المحتجزين والأسرى بالقوة، ثم قبل بالتبادل.
واشنطن التي تدرك لا جدوى العودة للحرب، قدّمت لنتنياهو الدعم السياسي والعسكري الذي يحتاجه للجولة الجديدة، فقدّمت ذخائر تدمير وقتل جديدة، وقال مسؤولوها إنهم يتفهمون ما يسمّونه حق «إسرائيل» بالدفاع عن النفس، وهو التوصيف الأميركي لحرب الاحتلال على الأطفال.
على ضفة المقاومة في غزة حمل اليوم الأول من الجولة الثانية، عشرات العمليّات المكثفة في استهداف مواقع الاحتلال، سواء بالهجمات المباشرة أو بقذائف الهاون، أو بالطائرات المسيّرة، بينما أطلقت الصواريخ على أغلب مدن عمق الكيان، فنالت تل أبيب نصيبها عدة مرات. وقال المراسلون في قنوات التلفزة الإسرائيلية إن العديد من الصواريخ وصل وإن أصوات انفجاراتها كانت أقوى من السابق، مع التكتم على الإصابات، علماً أن جيش الاحتلال اعترف بأكثر من عشر إصابات بين جنوده شمال غزة وفي غلاف غزة.
على ضفة محور المقاومة حمل اليوم الأول من الجولة الثانية، عودة الحيويّة إلى عمليات المقاومة عبر حدود لبنان الجنوبية، وأعلنت المقاومة الإسلامية تنفيذ العديد من الهجمات على طول الخط الحدودي، واستهداف تجمعات جنود الاحتلال، واستهداف مواقع لقيادة العمليات، بينما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان «خلال زيارتي الأخيرة لبيروت، سمعت من قادة المقاومة أن الرد سيكون أشد وأقسى في حال استئناف العدوان وسيجعل العدو يندم».
وفي اليوم الثاني من انتهاء الهدنة التي تمدّدت وتجدّدت مرات عدة على مدى 7 أيام، ومع استئناف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على غزة وتجدّد القتال والمعارك العسكرية، انعكس الوضع على الجبهة الشمالية مع لبنان التي اشتعلت بعدما استهدفت المقاومة في لبنان مواقع الاحتلال الإسرائيلي على الحدود، فردّ العدو الإسرائيلي باستهداف عدد من القرى الحدودية، ما أدّى إلى سقوط شهيد وثلاثة جرحى في غارة استهدفت منزلاً في بلدة الجبين.
هذه التطوّرات الأمنية أمس، تؤشّر الى مرحلة جديدة من القتال سترفع نسبة الخطر من التدحرج الى حرب واسعة النطاق بين حزب الله وكيان الاحتلال وسط تحذيرات ورسائل تهديد ينقلها ديبلوماسيون غربيون وعرب إلى لبنان، وفق معلومات «البناء» بأن «إسرائيل» بصدد توجيه ضربة عسكريّة لحزب الله ولبنان في أي وقت لتغيير المعادلة والوضع الذي أنشأه حزب الله على الحدود بعد 8 تشرين الأول الماضي. وآخر هذه الرسائل حملها مبعوث الرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، خلال جولته على المسؤولين في اليومين الماضيين.
وأشار لودريان في حديث تلفزيوني أمس، إلى أنّ «لا شيء يمنع إمكانيّة حصول تصعيد دراماتيكي للوضع الأمني في لبنان، ونحثّ لبنان و»إسرائيل» على ضبط النّفس، لأنّ أيّ تصعيد ستكون له عواقب مأساويّة على الجميع»، مبيّنًا أنّ «فرنسا ليست منحازة لإسرائيل».
وكشف أكثر من مصدر سياسيّ وديبلوماسيّ لـ»البناء» عن مؤشرات ورسائل دبلوماسيّة تصل عبر مبعوثين وسفراء عرب وأجانب تحذّر من نية حكومة الاحتلال من شنّ ضربات قاسية استباقية لحزب الله وللبنان كاستهداف مراكز عسكريّة للحزب أو عملية اغتيال لقيادات في المقاومة أو استهداف مرافق حيوية في لبنان، لتحقيق هدفين: الأول استعادة هيبة جيش الاحتلال المنهارة بعد 7 تشرين الأول والخمسين يوماً الماضية ويستطيع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تقديمه للرأي العام الإسرائيلي كإنجاز يمكنه من خلاله استعادة الأمن الى منطقة الشمال وبالتالي تأمين عودة آمنة للمستوطنين المهجرين، والهدف الثاني توجيه رسالة الى حزب الله بأنه لا يمكنه توسيع عملياته العسكرية ضد مواقع الاحتلال وعلى المستوطنات واللعب بقواعد الاشتباك والمعادلات وأن يبقي جبهته الداخلية بمنأى عن الاستهداف. لذلك وفق المصادر يمكن أن يقوم العدو بمغامرة غير محسوبة بتوسيع الحرب ضد لبنان لتعديل القرار 1701 بما يضمن أمنه من خلال إبعاد حزب الله وفرقة الرضوان عن الحدود أو بالحد الأدنى الضغط على الحكومة اللبنانيّة لإلزام حزب الله باحترام القرار 1701».
إلا أن مصادر عليمة وعلى صلة بالمقاومة تؤكد لـ»البناء» أن ما عجز العدو عن انتزاعه وهو في ذروة قوته وهمجيّته خلال الجولة القتالية الأولى لن يأخذه خلال الجولة القتاليّة الثانية، وهو يجرّ أذيال الهزيمة والخيبة في غزة ولبنان.
وعلّق الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي على تزايد الحديث عن ضرورة تعديل قرار مجلس الأمن الدولي 1701 وإنشاء منطقة عازلة، بالقول «إن مجلس الأمن الدولي هو الذي أصدر القرار، ولذلك لا يمكن بدء أي مناقشات حول مستقبله إلا من خلال مجلس الأمن والدول الأعضاء فيه». وأكد تيننتي في حديث إذاعي أن «ركائز القرار 1701 لا تزال سارية»، مُشدداً على أن «الأولوية تبقى في منع التصعيد، وحماية أرواح المدنيين، وضمان أمن حفظة السلام». ورداً على سؤال عما إذا كنا سنشهد اجتماعاً ثلاثياً قريباً في الناقورة، قال «حتى الآن لا توجد مؤشرات على اجتماعات مقبلة. ومع ذلك، فإن بعثة اليونيفيل، بقيادة الجنرال أرولدو لاثارو، تشارك بنشاط في الجهود المبذولة للحدّ من التوترات، لتجنب خطر نشوب نزاع أوسع. وقد تمّت كل هذه الجهود من خلال التواصل الثنائي مع الجانبين من دون عقد اجتماع ثلاثي».
على الصعيد الميداني، أعلنت المقاومة الإسلامية، في سلسلة بيانات متتالية، أن مجاهديها استهدفوا تجمعًا لجنود العدو في محيط موقع جل العلام بالأسلحة المناسبة. كما قصفوا تجمعًا آخر لجنود العدو في محيط موقع المرج بالأسلحة المناسبة. وكذلك استهدف مجاهدو المقاومة الإسلاميّة ثكنة راميم بالأسلحة المناسبة. كما استهدفت نقاط انتشار جنود الاحتلال الإسرائيلي في محيط موقع راميا بالأسلحة المناسبة وحققوا فيها إصابات مباشرة. وموقع المرج للمرة الثانية بالأسلحة المناسبة وأوقعوا فيه إصابات مؤكدة.
وزفّ حزب الله، الشهيد المجاهد وجيه شحادة مشيك «يحيى» من بلدة وادي أم علي في البقاع، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس».
وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن صفارات الإنذار دوّت في معالوت ترشيحا بالجليل الغربي خشية تسلل مسيّرات. كما أفيد عن انفجار صواريخ اعتراضية في أجواء مستعمرة «المطلة» وبلدة كفركلا.
وأفيد عن سقوط قذائف فوسفوريّة في كروم الزيتون في الحي الشرقي المحاذي للجدار في بلدة كفركلا.
وأكدت جهات مطلعة على مجريات الجبهة الجنوبية لـ»البناء» إلى أن «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان واضحاً في خطاباته بربط الوضع في جنوب لبنان بتطوّرات الميدان في غزة، ولذلك التزمت المقاومة في لبنان باتفاق الهدنة في غزة ولم تبادر إلى أي ردة فعل رغم الخروق الإسرائيلية المتعددة للهدنة، لكن مع عودة كيان الاحتلال الى عدوانه من الطبيعي عودة المقاومة الى القيام بواجبها بإسناد المقاومة في غزة باستهداف مواقع الاحتلال على طول الحدود مع فلسطين المحتلة». ولفتت إلى أن المقاومة في لبنان أعدّت لكافة السيناريوات، ومنها قيام العدو بمغامرة عدوانية كبيرة ضد لبنان. وكشفت المصادر أن عدواناً كهذا على لبنان يفجّر حرباً إقليمية، كاشفة أيضاً بأن «ردّ قوى المقاومة في مختلف الساحات سيكون أعنف من الخمسين يوماً الماضية».
وفي سياق ذلك، أشار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع نظيره العماني بدر البوسعيدي، الى أن «استئناف الكيان الإسرائيلي جرائمه الحربية بحق سكان غزة، دليل آخر على عدم اهتمامه بمطالب المجتمع الدولي والرأي العام». ولفت عبد اللهيان، الى أنه «خلال زيارتي الأخيرة لبيروت، سمعت من قادة المقاومة أن الردّ سيكون أشدّ وأقسى في حال استئناف العدوان وسيجعل العدو يندم»، مؤكداً أن «على الدول الإسلامية بذل المزيد من الجهود لوقف هذه الجرائم».
بدوره، لفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش، الى أنّ «العدو الصهيوني استأنف عدوانه على غزة بقرار أميركي، هذه الحرب منذ البداية هي حرب أميركا على الشعب الفلسطيني، وكل المواقف الأميركية ومجريات الأحداث كانت تدل على هذه الحقيقة، وهي أن أميركا ليست مجرد شريك بل هي صاحبة القرار في العدوان، و»إسرائيل» هي أداة تنفذ القرار الأميركي».
ولفت، خلال خطبة الجمعة إلى أنّ «المقاومة في غزة وفي كل المنطقة لن تدع الإسرائيلي يحقق أهدافه في هذه الحرب، ولن تسمح بأن تكون يد الأميركي والإسرائيلي هي العليا في المنطقة»، مؤكدًا أنّ «كل جبهة المقاومة في المنطقة مع غزة وإلى جانبها، بينما العدو مُنهك ومحبط وخائب وليس واثقًا من تحقيق أهدافه، والرأي العام العالمي بالإجمال بات ضده وضد عدوانه وعامل الوقت ليس لمصلحته، ويجب أن يعرف العدو أنّ إرادة المقاومة وإمكانية الصمود لديها هي أكبر وأقوى بكثير من إمكانية الصمود لدى جيشه المنهك والعاجز».
على صعيد آخر، انشغلت الأوساط السياسية بجولة المبعوث الفرنسيّ والأسباب التي أملت عليه العودة إلى لبنان، وبما حمله من مقترحات ورسائل.
وعلمت «البناء» من مصادر واكبت زيارة لودريان أن الأخير جاء لهدفين: الأول الضغط على الحكومة والمسؤولين اللبنانيين بضرورة تجنب التصعيد على الحدود الجنوبية وإقناع حزب الله بضرورة تفادي توسّع الحرب. والهدف الثاني هو تذكير اللبنانيين بأن فرنسا لم تنس لبنان ولا زالت حاضرة، وفي طريقه الى بيروت حمل لودريان مطلباً أميركياً لحث المسؤولين على التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون. إلا أن مصادر «البناء» أوضحت أن المخارج القانونية والدستورية للتمديد والتعيين لا زالت حتى الساعة مقفلة، ما يرجّح خيار تعيين رئيس للأركان ينوب عن قائد الجيش وفق ما ينصّ قانون الدفاع، أو تكليف الضابط الأعلى رتبة في الجيش اللبناني وليس في المجلس العسكري، وهو العميد زياد هيكل.
واستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وزير الدفاع موريس سليم في بكركي. وقال البطريرك الراعي لضيفه: المنطقة تغلي ونحن بلا رأس، وفي الديمان لدينا أرزة كبيرة أصابتها صاعقة فانكسر رأسها ويحاول كل غصن فيها أن يكون هو الرأس، وهكذا نحن في لبنان فكيف نحمي وطننا؟
بعد اللقاء، أعلن سليم أن «التقاعد حكميّ بموجب ما ينص عليه قانون الدفاع الوطني والحالات الخاصة التي ينص عليها القانون لا تنطبق على الاستحقاق الحالي ومن المستحيل تخطيها مهما كانت المبررات». وإذ شدّد على أنّه لا يريد ترك المؤسسة العسكرية بأي حالة من حالات الشغور، جزم أنّ «التمديد لقائد الجيش لا يسمح به قانون الدفاع والأمر يحتاج الى تعديل القانون. وهذا غير متوفر حالياً». وأضاف «التغيير في رأس هرم السلطة العسكرية يؤدي إلى تغيير واسع على مستوى كل القيادات والتعيين في قيادة الجيش لا ينتقص من دور رئيس الجمهورية العتيد». وقال: «سعيتُ مع ميقاتي لملء الشواغر في المجلس العسكري، ومصير قيادة الجيش يتوقف على خطوات الحكومة ومجلس النواب وقمت بكل ما بوسعي ضمن إطار قانون الدفاع وصلاحياتي».
وفيما علمت «البناء» أن الرئيس بري متمسك بمناقشة كامل بنود جدول الأعمال والتصويت عليها في الجلسة التشريعية المقبلة، ومن ضمن البنود بند «الكابيتال كونترول»، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى ان «رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو الى جلسة تشريعية في النصف الأول من هذا الشهر»، رافضاً ربط الدعوة بمواقف الكتل النيابية. وشدّد في حديث إذاعي، على «وجوب الحفاظ على مؤسسة الجيش»، وأوضح ان «ملفّ قيادة الجيش ومسألة تطبيق الـ 1701 هما موضوعان ملحّان طالما أن الملف الرئاسي طال أمده ولم يسجل أي تبدل في المواقف حتى اللحظة، ولذلك طرحهما المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان أثناء زيارته إلى لبنان».
وجدد لودريان دعمه «التّمديد لقائد الجيش اللبناني، لأنّ اللّبنانيّين بحاجة إلى الأمن. وبما أنّه لا يمكن استبدال قائد الجيش في ظلّ غياب رئيس الجمهوريّة، فمن الضّروري في هذه المرحلة التّمديد له، وهناك واجب وطني لإيجاد مخرج دستوريّ للخروج من هذا الوضع الصّعب».
وأوضح أنّ «دور فرنسا هو تمكين اللّبنانيّين من إيجاد مرشّح توافقي، وليس اقتراح اسم، وعلى المسؤولين اللّبنانيّين أن يتحمّلوا مسؤوليّاتهم ويتّفقوا على اسم»، مركّزًا على أنّ «بعد التّحدّث مع الأفرقاء السّياسيّين اللّبنانيّين، تبيّن أنّ أيًّا من المرشّحين المحتملين ممّا قبل 14 حزيران الماضي، ليس بإمكانه جمع ما يكفي من الأصوات ليصبح رئيسًا». وكشف أنّ «السعودية تدعم خيار المرشّح الرّئاسي الثّالث، وهي تتحرّك مجدّدًا لإخراج لبنان من المأزق».