الجولة الثانية للعدوان: جيش الاحتلال يزداد غرقاً في رمال غزة… ويقرّ بفشله
} حسن حردان
شهدت محاور القتال في اليوم الثالث لجولة العدوان الصهيوني الثانية على قطاع غزة معارك ضارية، نجحت خلالها المقاومة في إغراق قوات الاحتلال في مستنقع من الاستنزاف يفوق بكثير ما واجهته في الجولة الأولى، حيث تمكن رجال المقاومة من قتل وجرح عشرات الجنود الصهاينة وتدمير العديد من دبابات وآليات العدو.. وكانت أبرز استهدافات المقاومة كميناً محكماً نصبته لـ 60 جندياً في جحر الديك تمّ خلاله تفجير عدة عبوات ناسفة بهم والإجهاز على ما نجا منهم.. مما عكس الأداء النوعي لرجال المقاومة ودقة ومستوى الإعداد والتدريب الذي خضع له المقاومون.. وقدرة استطلاعية وجرأة ومهارة أبهرت الأصدقاء وصدمت قادة العدو وجنرالات البنتاغون، وصحّت معها توقعات الخبراء العسكريين الأميركيين والصهاينة السابقين، الذين حذروا القادة الاسرائيليين من التورّط في غزة لأنّ ما ينتظرهم هو حرب من شارع لشارع وكمائن وعبوات ناسفة وغيرها من المفاجآت التي ظهرت في خلال المعارك.. على أنه لوحظ بأنّ المناطق التي تعرّض فيها جيش الاحتلال لهذا الكمّ من الخسائر، والتي عرضت كتائب القسام مشاهد لجزء منها، هي المناطق التي كان قد دخل إليها جنود العدو في الجولة الأولى للعدوان البري، واضطروا إلى الانسحاب منها بعد اتفاق الهدنة المؤقتة.. لهذا جاء إلاقرار المتأخر للمتحدث العسكري باسم جيش الاحتلال بحقيقة فشله العسكري والاستخباري، وبأنه فاقد السيطرة على الأرض، وانّ كتائب القسام هي من يتحكم بالميدان، وتتفوّق عليه معلوماتياً، وانّ الحرب ستكون طويلة»، وأنّ «حماس تعرف مناطق قطاع غزة جيداً، وتمتلك «قدرات معقدة ومركبة تحت الأرض»، وانّ هناك «مناطق لم يستطع الجيش الاسرائيلي الوصول إليها»، من دون تحديدها…
هذا الاعتراف المتأخر يحصل بعد أن أدرك جيش الاحتلال انه بات أكثر تورّطاً وغرقاً في رمال غزة، ولم يعد بإمكانه نكران هذه الحقيقة لأن الفيديوات التي تعرضها القسام والتي تدعم أقوالها عن حجم الخسائر التي توقعها بجيش الاحتلال فضحت أكاذيب المتحدث العسكري عن ادّعاء تحقيق إنجازات والسيطرة على الأرض.
من هنا فإنّ هذه التطورات التي يشهدها ميدان القتال تؤشر الى انّ المقاومة في وضع قتالي جيد وتتحرك بكلّ حرية وتملك اليد العليا في الميدان، وانّ جيش الاحتلال وقادته دخلوا في مأزق كبير لا يعرفون كيف سيخرجون منه، فلا هم قادرون على التراجع وابتلاع الهزيمة وتداعياتها الزلزالية على الكيان الصهيوني، ولا هم قادرون على البقاء حيث هم في مصيدة المقاومة.. لذلك فإنهم لجأوا إلى مزيد من التورّط في رمال غزة، عبر محاولة التوغل أكثر في حربهم البرية.. والانتقام لفشلهم في مواجهة المقاومة، بتكثيف ارتكابهم للمجازر الوحشية ضدّ المدنيين الفلسطينيين في محاولة يائسة لإجبارهم على هجرة قطاع غزة نحو سيناء المصرية، وإحداث شرخ بين الشعب الفلسطيني ومقاومته، والضغط على قيادة المقاومة لإجبارها على التسليم بالشروط الإسرائيلية لإطلاق الأسرى من جنود العدو من دون أيّ ثمن مقابل، وغيرها من الشروط التي يحلم قادة العدو بفرضها تحقيقاً لأهداف عدوانهم التي أعلنوا عنها منذ البداية.. لكن الشعب الفلسطيني رغم ما يتعرّض له من مجازر وتدمير لمنازله، لم تظهر عليه أيّ علامات للتخلي عن دعم مقاومته، أو رفع راية الاستسلام والنزوح عن قطاع غزة إلى سيناء، بل عبر عن ازدياد تمسكه بالمقاومة ورفض السماح للعدو بتكرار النكبة الفلسطينية…
انطلاقاً مما تقدّم فإنّ جيش الاحتلال سيكون أمام خيار تجريب التورّط أكثر في قلب قطاع غزة وتوسيع عدوانه البري ليشمل جنوب القطاع، كما يفعل حالياً انطلاقاً من خان يونس، مما سيؤدّي الى اتساع دائرة المواجهات مع رجال المقاومة من الشمال إلى الجنوب، وبالتالي زيادة كبيرة في حجم الخسائر التي يتكبّدها جيش الاحتلال في الأرواح والعتاد.. بحيث يصل إلى وقت لا يستطيع فيه:
1 ـ تحمّل مثل هذه الخسائر في الأرواح مع استمرار فشله في تحقيق أيّ هدف من اهدافه،
2 ـ تفاقم حالة التصدّع بين رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو وأعضاء مجلسه الحربي.
3 ـ اتساع حجم تظاهرات الاسرائيليين المطالبين بوقف النار وإعطاء الأولوية للتفاوض على إطلاق الجنود الأسرى، والتي أشرت إليها تظاهرة تل أبيب الأخيرة التي تجاوز عدد المشاركين فيها المائة الف.
4 ـ ازدياد العزلة الدولية من حول «إسرائيل» والضغط الدولى لوقف الحرب في ظلّ تظاهرات شعبية مستمرّة في عواصم العالم مطالبة بوقف العدوان على غزة وتندد بالمحازر الاسرائيلية.
5 ـ اشتداد الحصار الذي بدأ بفرضه الجيش اليمني على مرور السفن الإسرائيلية من باب المندب مما يجبرها على سلوك طريق رأس الرجاء الصالح وبالتالي ارتفاع كلفة النقل البضائع، وارتفاع الفاتورة الاقتصادية للحرب.
6 ـ اشتداد حرب الاستزاف التي تشنها المقاومة ضدّ جيش الاحتلال على جبهة الجنوب اللبناني مع شمال فلسطين المحتلة.
كلّ هذه العوامل سوف تجعل حكومة الاحتلال في وضع غير قادرة لوقت طويل على مواصلة تحمّل كلفة عدوانها المتزايدة، واستمرار فشلها في تحقيق أهدافها، وبالتالي ستكون مضطرة طلب المساعدة من واشنطن لإخراجها من هذا المأزق.. تماماً كما فعلت في عدوانها الفاشل على لبنان في تموز من عام 2006.