على ماذا تراهن المصارف لابتلاع أموال المودعين؟
} عمر عبد القادر غندور*
إذا لم تستحِ فافعل ما شئت…
مثل هذا القول المتفلّت من أدنى الواجبات الأخلاقية، ينطبق على جمعية المصارف التي رفضت مشاريع القوانين المتعلقة بإصلاح وضع المصارف، وهو المشروع الذي أعدّه مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، والذي طرح على مجلس الوزراء وتضمّن إشارات الى مسؤولية المصارف المخالفة والمفلسة خاصة الى الهيئة المصرفية العليا بوضع اليد عليها وتصفية أملاكها وأملاك مجالس إدارتها (كما ينص قانون النقد والتسليف) لتسديد المتوجبات المترتبة عليها وفي مقدّمتها أموال المودعين التي نهبتها المصارف،.
وترى جمعية المصارف المطمئنة الى علاقاتها مع السلطة انها قادرة على التهرّب من مسؤولياتها، لا بل تدفيع المودعين ثمناً إضافياً لإنقاذ هذه المصارف الناهبة وإعفائها من اي مسؤولية، بل إنقاذ المصارف الناهبة والمفلسة بالمال العام! وهي ذاتها المصارف التي حققت في العقود الثلاثة الماضية أرباحاً فاقت الـ 22 مليار دولار (نقداً)، وبعضها الآخر جرت رسملته في ملكيات مصرفية، وهرّبت الملايين من الأموال التي كان يُفترض ان تبقى محجوزة كودائع يجب أن تعود إلى أصحابها التي جنوها على مدى أعمارهم قبل ان تبتلعها حيتان المصارف الناهبة وفق تعديلات يضمن تحقيق مخطط احتيالي لسرقة ما تبقى من أموال الدولة لإنقاذ أنفسهم!
ومن المخزي ان يقول رئيس جمعية المصارف سليم صفير انّ المصارف بألف خير وليست بحاجة الى إصلاح بل بحاجة الى إعادة الدولة ومصرف لبنان ما أوْدعته المصارف لدى المركزي، ولا يُعقل تحميل الجمعية وحدها مسؤولية أموال المودعين !
طبعاً مثل هذا الكلام مردود على صاحبه لأنّ المودعين أوْدعوا جنى أعمارهم في صناديق المصارف وهي المسؤولة عن هذه الودائع وليس أيّ طرف آخر !
ولننتظر كيف ستتعامل الدولة مع جمعية المصارف التي تسعى لاستثمار علاقاتها «الحميمة» مع المتنفذين في الدولة…!
وكان مجلس الوزراء قرّر تأجيل النقاش في مشروع القانون الرامي الى إصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها الى يوم غد الثلاثاء (إذا توفر النصاب) وترى قوى السلطة تجنّب التعامل مع «توزيع الخسائر» احتراماً لقدسية الودائع وتقبّل اتهامها بـ «التلكؤ» بدلاً من ان تتحمّل إفلاس المصارف، في ظلّ خسائر مرعبة من أبرز مؤشراتها خسائر مصرف لبنان التي فاقت 73 مليار دولار، أيّ أكثر من أربعة أضعاف الناتج المحلي!
ويُخشى من تمرير مشروع القانون لأن في ذلك «باي باي» للودائع لقاء إعادة هيكلة المصارف؟ وقال وزير المهجرين عصام شرف الدين إنه يعارض تمرير المشروع الذي يسعى الى تحرير المصارف من الأعباء الملزمة بإعادة الودائع الى أصحابها…
مع العلم انّ الأجهزة المتابعة تعرف حقّ المعرفة انّ الموجودات تمّ بيعها بأساليب مشوّهة وتهريبها الى الخارج، ولم يبقَ منها سوى طوابير المودعين على أبواب المصارف كـ «الشحادين»! بانتظار ما سيقرّره مجلس الوزراء في الغد…
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي