غالنت لمستوطني الشمال: لإبعاد حزب الله إلى ما بعد الليطاني سياسياً أو عسكرياً / المقاومة في غزة ولبنان لمزيد من الأهداف… وفي العراق واليمن مزيد من التحدّي / واشنطن تزيد دعمها العسكري لجيش الاحتلال وتزوّده بقنابل قتل النساء والأطفال /
كتب المحرّر السياسيّ
أكد الناطق بلسان مجلس الأمن القومي الأميركي مواصلة إرسال الدعم العسكريّ لجيش الاحتلال، تحت شعار توفير ما يحتاجه لتنفيذ مهامه، ووفقاً لأقوال مصادر أميركية عسكرية نقلتها الصحف الأميركية، تضمنت شحنات الأسلحة والذخائر القنابل التي تزن ألفي رطل التي تفجّر مجمعات سكنية، وتلك التي تهدم أبنية كاملة من عدة طبقات، وهي القنابل التي استخدمها جيش الاحتلال في استهدافه للمجمعات السكنية وتسببت بقتل آلاف النساء والأطفال، فيما تطلب من واشنطن من تل أبيب الانتباه لتخفيض عدد القتلى من المدنيين، دون أن تترجم ذلك تغييراً في أنواع وأحجام القنابل.
في ميادين الحرب على جبهتي غزة ولبنان، واصلت قوى المقاومة استهداف مواقع جيش الاحتلال ودباباته وجنوده، ودمّرت عتاده، وقتلت جنوده، وقدّرت مصادر عسكرية خسائر جيش الاحتلال في اليوم الستين من الحرب بثلاثين آلية وعشرين قتيلاً وأكثر من مئة جريح.
في السايسة برز كلام لوزير حرب كيان الاحتلال يوآف غالنت خلال حديثه أمام مستوطني الشمال على حدود لبنان، يعدهم خلاله بالعودة القريبة لأن إبعاد حزب الله عن الحدود الى ما وراء نهر الليطاني سيتم حكماً، إما بالطرق الدبلوماسية أو بالقوة. وترافق كلام غالنت مع تسريب تقارير ومعلومات عن مساع غربية فرنسية وأميركية لتقديم عروض لحزب الله يطال بعضها الاستحقاق الرئاسي وبعضها الآخر يطال مزارع شبعا وسائر النقاط العالقة في تطبيق القرار 1701، فيما قالت مصادر متابعة إن جواب حزب الله معلوم سلفاً وهو أن الأولوية هي للتهدئة في غزة كي يتسنى البحث في أي مقترحات للتهدئة على جبهة لبنان بجدية.
يتّجه الوضع في الجنوب الى مزيدٍ من التصعيد العسكري ويرتفع معه منسوب الخطر من الانزلاق الى حرب موسّعة في ضوء النيات الإسرائيلية العدوانية المبيتة بتوسيع عدوانها على لبنان ليشمل كامل المنطقة الواقعة ضمن جنوب الليطاني وقد يطال بنى تحتية وأهدافاً ومرافق حيوية وفق ما يهدّد المسؤولون في كيان الاحتلال وينقله دبلوماسيون أوروبيون، بخاصة الفرنسيين عن الحكومة الإسرائيلية الى لبنان التي بلغت عشرات الرسائل، وفق معلومات «البناء». ويشكل الاعتداء على مركز معروف ومكشوف للجيش اللبناني في العديسة مؤشراً لانتقال الاحتلال الإسرائيلي الى مرحلة أخرى من عدوانه ورسالة بالنار الى الجيش والحكومة اللبنانية بأنه إذا لم تعمل على تطبيق القرار 1701 وإلزام حزب الله بوقف عملياته العسكرية والتراجع عن جنوب الليطاني، فإن «إسرائيل» ستقوم بذلك بالقوة العسكرية، وفق ما تشير أوساط سياسية لـ«البناء».
ونقلت مصادر إعلامية عن جهات مقربة من مواقع القرار الفرنسي أن «زيارة مدير المخابرات الفرنسية إلى بيروت لم تكن منفصلة بتاتاً عن زيارة لودريان بالعناوين التي حملها والأمنيّة تحديداً»، لافتاً الى أن «لقاء مدير المخابرات الفرنسية مع حزب الله حمل كلاماً عن تطبيق القرار 1701 مقابل انسحاب «إسرائيل» من الأراضي المحتلة». وكشفت أن «وفداً فرنسياً أمنياً سياسياً سيزور «إسرائيل» في الأيام المقبلة لاستكمال المسعى الفرنسي لاستقرار الجبهة مع لبنان، وترجّح المعلومات زيارته لبنان أيضاً للغرض نفسه».
وتنوّعت الرسائل بين التهديد بأن «إسرائيل» ستقوم بعمل عسكريّ لإبعاد قوات «الرضوان» في حزب الله من جنوب الليطاني، وبين الإغراءات للبنان بعرض المقايضة بين سحب حزب الله قوات «الرضوان» من جنوب الليطاني مقابل انسحاب قوات الاحتلال من النقاط الحدودية المتنازع عليها والجزء اللبناني من الغجر. وآخر رسالة تلقاها حزب الله وفق معلومات «البناء» مفادها أن «إسرائيل» لا تريد توسيع الحرب مع حزب الله ولبنان الى نطاق كبير، لكن بحال استمرّ الحزب بتوسيع عملياته في العمق الإسرائيلي فإن «إسرائيل» لن تقف مكتوفة اليدين وستقوم بردة فعل قاسية ضد لبنان.
وفي سياق ذلك، نقلت إذاعة جيش الإحتلال عن وزير الحرب في حكومة الاحتلال يوآف غالنت قوله: «سنبعد حزب الله وراء نهر الليطاني عبر تسوية دوليّة استناداً لقرار أمميّ»، وأضاف غالنت: «إذا لم تنجح التسوية الدولية فسنتحرك عسكرياً لإبعاد حزب الله عن الحدود».
إلا أن مصادر على صلة بموقف حزب الله أكدت لـ«البناء» أن «الحزب لا يعِير أي أهمية لهذه الرسائل والتهديدات الإسرائيلية وهو ماضٍ بعمله ودوره في مقاومته العسكرية للعدوان الإسرائيلي على لبنان وإسناد غزة من الجبهة الجنوبية، وكل الحديث عن تراجع حزب الله من جنوب نهر الليطاني هو هراء ونكات سمجة، فما لم تأخذه قوات الاحتلال في ذروة عدوانها في 2006 لن تأخذه الآن وهي تلملم أذيال الهزيمة في ميدان غزة ولم تستطع تحقيق أي إنجاز عسكري ولا الأهداف السياسية للحرب في الجولة الأولى للحرب وفي الأيام العشرة الأولى من الجولة الثانية»، إلا أن المصادر شدّدت على أن «المقاومة بطبيعة الحالة تأخذ بعين الاعتبار والحسبان أي حماقة إسرائيليّة تقدم عليها حكومة العدو للهروب من مأزقها الداخلي، ولذلك أعدّت المقاومة لهذا السيناريو ومستعدة للمواجهة وللحرب المفتوحة بحال فرضت على لبنان والتي تبقى فرضية قائمة رغم نتائجها الكارثية على الكيان الاسرائيلي والتي يعرفها العدو جيداً ويعرف إمكانات وقدرات المقاومة في لبنان». وأوضحت المصادر أن «العروض الإسرائيلية وغير الإسرائيلية مرفوضة وليس حزب الله من يتراجع ويتنازل عن حقوقه وحقوق شعبه وجيشه في التحرّك على أرضه أكان في جنوب الليطاني أو شماله وفي كل مناطق لبنان، ولن يقبل بالبحث بأي ملف على الحدود قبل توقف العدوان الإسرائيلي على غزة».
وتفاعل العدوان الإسرائيلي على الجيش اللبناني محلياً وخارجياً، وأوعز وزير الخارجية عبدالله بوحبيب «الى بعثة لبنان لدى الامم المتحدة تقديم شكوى جديدة الى مجلس الأمن الدولي رداً على استهداف الجيش اللبناني وسقوط شهيد وجرحى عسكريين، ورداً أيضاً على رسائل المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة لمجلس الأمن.»
وعبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان أوردته «فرانس برس» عن إدانة فرنسا لاستهداف الجيش. ولفت الى أن «فرنسا تشعر بقلق بالغ إزاء استمرار الاشتباكات على الحدود بين لبنان و»إسرائيل»»، داعياً «جميع الأطراف» إلى «أقصى درجات ضبط النفس».
بدوره، زعم جيش الاحتلال أنه «يراجع ضربة ألحقت ضرراً بقوات لبنانية في جنوب لبنان»، وادّعى الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي عبر منصة «إكس»: «عمل جنود جيش الدفاع يوم أمس لتحييد تهديد حقيقي وشيك تمّ رصده داخل الأراضي اللبنانية حيث تم رصد التهديد من داخل مجمع استطلاع وإطلاق قذائف تابع لحزب الله بالقرب من منطقة النبي عويضة – العديسة على الحدود اللبنانية، ونؤكد أن أفراد الجيش اللبناني لم يكونوا أهداف هذه الغارة وجيش الدفاع يتأسف على هذا الحادث ويقوم بالتحقيق في ملابساته».
وكانت المقاومة الإسلامية في لبنان واصلت عملياتها العسكرية النوعية ضد مواقع العدو الصهيوني وتجمّعات جنوده وحققت إصابات مباشرة، وأعلنت في سلسلة بيانات عن استهداف مواقع الرادار، الضهيرة، حدب البستان، المالكية، الراهب، رويسة القرن، الناقورة البحريّ وثكنة راميم بالصواريخ الموجهة والأسلحة المناسبة، محقّقة فيهم إصابات مباشرة.
كذلك استهدف مجاهدو المقاومة تجمعات لجنود الاحتلال الإسرائيلي في مواقع جل العلام، ومواقع كرم التفاح قرب ثكنة ميتات، وتل شعر مقابل بلدة عيتا الشعب، الرادار، ورويسة القرن في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، الضهيرة، حدب البستان، وتجمعاً لجنود الاحتلال الإسرائيلي في موقع جل العلام بالأسلحة المناسب، وكذلك استهدفت المقاومة مواقع كرم التفاح قرب ثكنة ميتات، المالكية وراميم، الراهب والموقع البحري.
في المقابل واصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على القرى الحدودية واستهدف خراج عدد من البلدات بالقذائف الحارقة.
على صعيد آخر، برزت الحركة السياسية والدبلوماسية باتجاه كليمنصو، حيث استقبل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو، المعاون السياسي للأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، بحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي وأمين السر العام في التقدمي ظافر ناصر. وخلال الاجتماع، تمّ عرض مختلف المستجدات والأوضاع العامة.
وكان وليد جنبلاط، استقبل في كليمنصو، السفير الإيراني مجتبى أماني، بحضور النائب تيمور جنبلاط، النائب وائل أبو فاعور، الوزير السابق غازي العريضي، نائب رئيس الحزب زاهر رعد، أمين السر العام ظافر ناصر، وكان عرض لمختلف المستجدات والتطورات الراهنة.
إلى ذلك لم يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود حيال أزمة قيادة الجيش في ظل انسداد أبواب الحلول أكان في مجلس النواب أو مجلس الوزراء، وسط تباين وتضارب في المعلومات بين معطيات تفيد بحصول اتفاق على التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون لمدة ستة أشهر في مجلس النواب، ومعطيات أخرى مناقضة تشير الى أن خيار التمديد تراجع الى الحدود الدنيا لوجود مطبات سياسية ودستورية وقانونية تحول دون ذلك. وعلمت «البناء» أن «الرئيس ميقاتي سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل بجدول أعمال عادي من ضمنه الإنتاجية للقطاع العام على أن يدرج ملف قيادة الجيش على الجدول».
وأشارت مصادر مطلعة على الملف لـ«البناء» الى أن «المشاورات مستمرة بين القوى السياسية لا سيما بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي للتوصل الى توافق وصيغة للحؤول دون الفراغ في قيادة الجيش إلا أنها لم تفضِ الى نتيجة حتى الساعة»، موضحة أن «العقبات لا تزال نفسها والتموضعات السياسية لم تتغير، الرئيس ميقاتي لا يُحبّذ التمديد في مجلس الوزراء لغياب التوافق حوله، كما يرفض تعيين قائد جديد للجيش في ظل الفراغ الرئاسيّ لعدم استفزاز المكوّن المسيحيّ لا سيما البطريرك الراعي، بينما الرئيس بري يفضّل أن يبتّ الملف في الحكومة وليس في مجلس النواب، أما التيار الوطني الحر فيرفض رفضاً قاطعاً التمديد لقائد الجيش لأسباب متعددة».
وأكد مصدر في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن «التيار لا يقارب مسألة قيادة الجيش من منطلق شخصيّ، بل هو ضد مبدأ التمديد وسبق ورفضه في حاكميّة مصرف لبنان والمديرية العامة للأمن العام وقيادة الدرك وغيرها، ويرفض الإملاءات الخارجيّة والتدخل بالشؤون الداخلية وفرض تعيين موظف في الدولة»، كما لفت المصدر إلى أن «الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي زار لبنان كان واضحاً بالإصرار على القوى السياسية للتمديد لقائد الجيش قِيل إنه لأسباب تتعلّق بالأمن والمصالح الأوروبية والغربية وليس لمصلحة لبنانيّة، ما يرسم علامات استفهام عدة». وعلمت «البناء» أن «التيار الوطني الحر سيقدم طعناً أمام مجلس شورى الدولة في أي مرسوم أو قرار حكومي بتأجيل تسريح قائد الجيش في الحكومة».
في المقابل تشير أجواء عين التينة لـ«البناء» الى أن «الباب لم يغلق بعد في الحكومة والوقت لا يزال متاحاً أمامها لحسم الأمر، أكان بالتمديد للقائد الحالي أو تعيين قائد جديد أو بتعيين رئيس للأركان يتولى مهام القائد كحل وسط، ولا يجوز ترك المؤسسة العسكرية للفراغ». وأوضحت المصادر أن «رئيس المجلس ينتظر الحكومة وبحال لم يبتّ بالأمر فإنه سيدعو الى جلسة تشريعية بجدول أعمال وفق «تشريع الضرورة»، لكن الدعوة إلى الجلسة من صلاحيات رئيس المجلس الذي لا يُشرّع تحت الضغط السياسي».
وأعلن النائب سجيع عطيّة، في حديث تلفزيوني أنّ «حزب الله أعطى موافقته على التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، وأن التمديد حسم، لكن لا نزال ننتظر الآلية لإنجاز التمديد والتشاور يجري مع نواب الحزب، والأرجحية هي لرفع سن التقاعد في حال أنجز التمديد في مجلس النواب، وبالتالي تشمل أكبر عدد من الضباط بينهم اللواء عماد عثمان».
ولفت عطية إلى أنّ «ميقاتي حتى الآن لا يُحب أن يتم التمديد لقائد الجيش جوزف عون من خلال مجلس الوزراء، لأن هذا الأمر يحتاج الى توافق كامل من كل مكوناتها، وهو يقول لحزب الله ان يقنع حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالتمديد لكي يسير بالأمر، علمًا أن هناك اغلبية في مجلس النواب للتمديد لعون». إلا أن أوساطاً مطلعة على موقف حزب الله أوضحت لـ«البناء» الى أن «الموقف لم يُحسَم حتى الساعة، بانتظار ما سيقوم به مجلس الوزراء أو مجلس النواب والآليات الدستورية المناسبة»، مشيرة الى أن «الحزب لم يضع فيتو على التمديد للقائد الحالي ولا أي خيار آخر، لكن لا يصرّ على التمديد والأهم بالنسبة اليه هو التوافق المسيحي والوطني حول أي خيار وعدم تعرّضه للطعن والأهم عدم حصول فراغ في المؤسسة العسكرية الضامنة الأساسية للأمن والسلم الأهلي في لبنان».