دبوس
فنون التوحش
هكذا في زمن العهر الإنساني وانزلاقته المزرية نحو قيعان جديدة من الانحطاط والضحالة، يندفع عامل المقدرة التفصيلية على إنتاج أجيال متفوقة من تكنولوجيا القتل، وليس أيّ شيء آخر.
لا يحمل هذا الأنجلوساكسوني أيّ قيمة أخلاقية تنويرية فلسفية فكرية تؤهّله لهذه الريادة، لا شيء على الإطلاق، سوى اختراقات دأب عليها على مدى الزمن في عالم تكنولوجيا القتل، لقد أطاح بالحضارة الإنسانية للسكان الأصليين فيزيائياً وموضوعياً، فأباد 114 مليون من هؤلاء المنسيّين وحلّ محلهم، هكذا، بالمسدس قبالة الخنجر، والبندقية قبالة السهم، لا أكثر ولا أقلّ!
لا تتراءى أية قيمة معنوية أخلاقية أو قيمية، بل انّ السردية التاريخية التي تترى عبر موجات الزمن الحقيقي، وليس السردية الهوليودية، تتحدّث عن بطولات وشجاعة فائقة أبداها هؤلاء السكان الأصليون قبالة التفوّق الأنجلوساكسوني في أدوات القتل، لا تحظى هذه السيادة المطلقة لردح طويل من الزمن، ثم بدأت تخبو، وفي ذات الوقت تنبعث قوىً أخرى لتحقيق نوع من تعدّد الأقطاب، لا تحظى بأيّ قيم فكرية فلسفية أخلاقية تنويرية أدّت بها الى تسنّم هذا الوضع القيادي للعالم، المسألة تكاد تكون بالغة البساطة، ومفرطة في تأصيلها، لا يعدو السبب في كلّ هذا التوحّش والسيطرة والإمعان في المقدرة على إرضاخ الشعوب ونهب ثرواتها وإخضاعها بصورة شبه مطلقة لهذه الإرادة الغربية، لا يعدو كونه فتحاً متميّزاً في عالم الاختراع، وبالذات الإبداع الوحشي في تكنولوجيا القتل.
لم يتغيّر شيء، ما زالت اليد العليا لمن يمسك بزمام أدوات القتل الفاتكة، وهي تتوّج الآن في غزة بالذكاء الصناعي، نتطلع الى فجر آخر قريب، نخلط فيه مبادهة وفتوحاً علمية بروحية لا طاقة لهم بها، وإنّ غداً لناظره قريب…
سميح التايه