موقف الراعي جدير بالاهتمام
– من غير الإنصاف التسرع في تقييم كلام البطريرك بشارة الراعي خلال زيارة الجنوب أمس، من خلال موقف مسبق تحكمه تقييمات مواقف سابقة. فما قاله البطريرك الراعي خلال الزيارة يشكل تعبيراً عن موقف يؤسس لمقاربة وطنية موحدة للمشهد في المنطقة وفي الجنوب.
– لم يتطرق البطريرك الراعي خلال زيارته للجنوب لأي عناوين خلافية كانت محور مواقف سابقة له، دون أن يستنتج من ذلك أنه تخلى عن هذه المواقف، لكن مجرد عدم ذكرها يعني الحرص على التأكيد على ما يجمع ولا يفرّق، فلم يلمح ولو تلميحاً لكلام سابق عن الحياد وعن سلاح المقاومة ولم يوفر الغطاء لمواقف أطراف سياسيّة تريد فتح سجال حول أداء المقاومة في الجنوب، يصل بعضها حد تحميل المقاومة مسؤولية الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب.
– قال البطريرك الراعي إنّ «هذه الزّيارة باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، هي دعوة لنصمد ونضع أيدينا بأيدي بعض، ونعرف أنّ العدو ليس فقط في الحرب، بل أبعد من ذلك». وشدّد على «أنّنا يجب أن نتشبّث بوحدتنا في تنوّعنا، وفي عيشنا معًا، ويجب أن نحافظ على لبنان رغم كلّ شيء. هم يضعون لنا قشرة الموز، ولكن يجب ألّا ندوس عليها».
– قال البطريرك الراعي «الإمام المغيّب موسى الصدر ترك لنا إرثًا كبيرًا في ما يختصّ بالرّوح اللّبنانيّة والثّقافة اللّبنانيّة وفلسفة لبنان»، معتبرًا «أنّنا لا يجب أن نخاف من أعدائنا، ولا أحد يمكنه أن يبتلعنا ما دمنا صامدين في هذه الأرض». وأضاف: «ننحني أمام دماء شهدائنا، لكنّ الحقّ يعلو ولا يُعلا عليه، وعلينا أن ندرك الخطر ونعرف من أين يأتي، ولا خلاص لنا إلّا بوحدتنا وتضامننا».
– قال البطريرك الراعي إنّ «هذه الحرب المدمّرة ليست محصورة في غزة، بل هي حرب نخاف كلّنا من امتدادها، لأنّ ما نراه لا يخضع لأيّ شريعة دوليّة أو إنسانيّة، وهو خارج عن كلّ شيء، وكأنّ العالم ليس في القرن الحادي والعشرين».
– قال البطريرك الراعي إن «الحرب الضّروس الإباديّة الجارية في غزة والضفة الغربية، وكأنّنا أمام محو لشعب»، مشدّدًا على «أنّنا هنا لنعلن أنّه لا يمكن أن نقبل لا بثقافتنا الرّوحيّة ولا الوطنيّة، بسحب حقّ أيّ إنسان وأيّ شعب. ونعلن تضامننا مع إخواننا المتألّمين، ونقول إنّ القضية الفلسطينية لم تمُت، والحلّ هُم يريدونه ونحن معهم، وهو حلّ الدّولتَين؛ وإلّا فلا سلام في المنطقة».
– ثمة تحية واجبة لهذه المواقف ودعوة لترجمتها بالتأسيس لموقف موحّد يعبر عن الإجماع الوطني حولها. ولعل مسعى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب لعقد قمة روحية تقدم الحصانة لوحدتنا الوطنية تكلل بالنجاح لتصدر عنها مثل هذه المواقف.
التعليق السياسي