نقاط على الحروف

نفاد الوقت: معادلة السيد نصر الله

ناصر قنديل

– في كلمته الثانية في حرب طوفان الأقصى، قبل شهر بالتمام، ختم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كلامه برسم معادلة النصر بصفتها معادلة الوقت، فقال «نحن في معركة المقاومة، في معركة الصمود، معركة الصبر، معركة تراكم الإنجازات، معركة جمع الإنجازات والنقاط، معركة الوقت، دائمًا الوقت هو حاجة لحركات المقاومة وشعوب المقاومة. الوقت هو الذي يُساعد على إلحاق الهزيمة بالغزاة والطغاة والعتاة، وهكذا كان الأمر طوال التاريخ». ثم حدد الآليات التي يعمل عليها الوقت ويتفاعل معها، فقال «الوقت لا يلعب لمصلحة العدو، الفشل العسكريّ الميدانيّ، الفشل في إخضاع شعب غزة بالرغم من المجازر المهولة التي تعرّض لها شعب غزة حتى الآن، التحوّل كما قلنا في الرأي العام العالمي، في الرأي العام الدولي، في موقف الدول، الفشل العسكري الميداني، الخشية من انفتاح الجبهات باتجاه أوسع، هذه كلّها عوامل، ضغط المهجّرين في الداخل، الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، ضغط عوائل الأسرى الإسرائيليين الموجودين لدى المقاومة في غزة. كل هذه العوامل ستجعل الوقت ضيّقًا وستضغط على هذا العدو، ولذلك هذه العوامل يجب أن تستمر. هذا الضغط يجب أن يتواصل. هذا الصبر والصمود يجب أن يتواصل، يجب أن نتحمّل جميعًا وأعظمنا تحمّلًا هم أهل غزة وقطاع غزة وشعب غزة والمقاومة في غزة، ولذلك نحن نتطلّع إلى أفق تنتصر فيه المقاومة والقطاع وفلسطين، إلى أفق يفشل فيه هذا العدو من تحقيق أي من أهدافه، بالرغم من كلّ الجراح والمجازر الكبرى التي ارتكبها حتى الآن».
– خلال شهر وضعت قوى المقاومة معادلة الوقت على الطاولة، وابتكرت فيها جديداً هو إيجاد منصة استنفاد للوقت على الجبهة الأميركية التي تعتبر صاحب الحرب ومموّلها ومشغّلها وحاميها، إضافة لمنصة نفاد الوقت على الجبهة الإسرائيلية التي ذكرها السيد نصرالله. والمنصة الأميركية تستخدم ما هو مشترك مع المنصة الإسرائيلية، لكنها تضيف اليه، فهي تستخدم الفشل العسكري في العملية البرية لإيصال الأميركي بإقامة الميزان بين كفتي الرهانات على الحرب والخسائر المترتبة على هذا الرهان، إلى الاقتناع بلا جدوى مواصلة هذا الرهان، لكن المقاومة في المنصة الأميركية تستثمر بصورة أكبر على تأثير الرأي العام العالمي والغربي خصوصاً، والأميركي على الأخص، وما ينتج عنه من تأثيرات على التوازنات الانتخابية والشعبية والحزبية في أميركا، وما يتركه من تأثير على سياسات الحكومات الداعمة للحرب، وقد راجع الكثير منه مواقفه كما أظهر تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع وقف إطلاق النار، وصولاً الى شعور أميركا نفسها الى الشعور بالعزلة، بدلاً من لفت نظر حكومة الاحتلال الى العزلة. وقد اضطرت أميركا للتصويت وحيدة ضد مشروع القرار، لكن قوى المقاومة أضافت جديداً الى هذه المنصة ما يتكفل بتسريع عامل الوقت، وهو هنا تآكل قوة الردع الأميركية التي تمّ استحضارها أول الحرب لمنع فتح جبهات المساندة.
– ما جرى على جبهات لبنان وسورية والعراق واليمن، منذ بدء الحرب ومجيء حاملات الطائرات وما رافقها من موفدين وتهديدات لمنع فتح الجبهات، يقول إن الردع الأميركي قد سقط، فقد تحوّلت جبهة لبنان إلى حرب استنزاف حقيقية لجيش الاحتلال والمستوطنات والتحدّي يرتفع منسوبه كل يوم أكثر في عمق المدى ونوعية النيران وحجم الاتساع على مدى الجبهة، والتهديدات أنتجت استهدافاً منتظماً وتصاعدياً للقواعد الأميركية في سورية والعراق، أما البحر الأحمر فقد تحوّل إلى مصدر كبير لتحدّي الردع الأميركي الخاص بأمن الملاحة وأمن الطاقة، وفرض أنصار الله حضورهم الشرعيّ كبلد ودولة في الشراكة في أمن مضيق باب المندب، لتحديد من يعبر ومن لا يعبر من المضيق، وبات على الأميركي الاختيار بين الدخول في حرب شاملة مع قوى المقاومة تتحوّل إلى حرب يابسة وبحار، حيث لا أمن ملاحة ولا أمن طاقة ولا قواعد أميركية، وخطر تعرّض كيان الاحتلال لتداعيات لا يصمد في مواجهتها.
– نفاد الوقت يسابق بعضه على جبهتي أميركا و»إسرائيل»، وكلام الرئيس الأميركي جو بادين الموجّه الى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يقول بوضوح إن الحرب فشلت وإن الوقت ينفد وإن خيار الحرب الشاملة خاسر، وإن الحل هو إيجاد مخرج من الحرب بحكومة جديدة، يعرف بايدن أن دعوة نتنياهو لتبنيها بإخراج حلفائه منها تعني عملياً دعوته للتنحي، لأنه في تحالف ليس فيه ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لا مكان لنتنياهو على رأس الحكومة. وهذا ما يبدو أنه التضحية التي يقول بادين إنه لا بد من تقديمها كي لا تتعرض «إسرائيل» لهزيمة استراتيجية، كما حذر وزير الدفاع الأميركي أوستن لويد.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى