كشف الستار… وبقيَ الأمل في أبطال غزة الأحرار
} وفاء بهاني
ما كانت الهدنة إلا استعداداً لمرحلة من الجرائم البشعة التي ينوي كيان العدو الإسرائيلي ارتكابها بحق المدنيين في غزة من الأطفال والنساء، فمعاودة كيان العدو لسياسة العقاب الجماعي بعد الهدنة لم تكن حصراً إسرائيلية، بل بإشارة وتفويض من أميركا ودول الغرب، ولكن معاودة الجرائم هذه المرة أزاح الستار عن أبعاد أكبر من مجرد مصالح «إسرائيل» وتنفيذ سياستها.
فكلا الحربين سواء… حرب غزة وحرب أوكرانيا، هي بمثلية أوراق تمثل تهديداً وزعزعة للولايات المتحدة الأميركية من الناحية الاقتصادية، والناحية العسكرية، ويزحزح أقدامها عن عجلة القيادة التي تسيطر عليها من بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية هي وحلفاؤها من الأوروبيين.
فالهدنة كانت عبارة عن تحليلات، قرارات، بدرت عنها نتائج وخططاً تنوي قوى العالم من أميركا وحلفائها تنفيذها بأيادي الإسرائيليين في غزة، وذلك لحفظ ماء الوجه بعد هزيمتهم!
نعم هزيمتهم، فـ تفوّق روسيا عسكرياً رغم التهديدات والعقوبات الاقتصادية وغيرها من المحاولات من دعم أوكرانيا، يعدّ هزيمة مدوية كشفت مدى ضعف أميركا وحلفائها من الغرب أمام الدب الروسي.
أما الهزيمة الثانية فهي عدم قدرة كيان العدو الإسرائيلي على السيطرة على قطاع غزة وتعرّضه لخسائر فادحة في العتاد والعديد على أيدي المقاومة، وهذا يعدّ صفعة على وجه الكيان، ووجه الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، هذا ما يجعل أميركا وحلفاءها الأوروبيين يمنحون كيان العدو الضوء الأخضر لارتكاب أبشع الجرائم في حقّ المدنيين، وذلك لأنّ الولايات المتحدة لا تستطيع تقبّل الخسارة مجدّداً.
نعم فمجرد صمود المقاومة وتكبيدها للكيان المحتلّ هذه الخسارة، يُعدّ خسارة لأميركا وللكيان معاً، وهو ما لن تقبل به أميركا أو حلفاؤها بأيّ شكل، لن يقبلوا بالهزيمة أو مجرد بقاء الوضع كما هو عليه، وهو ما رتب خططاً أكبر، تتضح من خلالها مدى خسّة هذه الكيانات جميعها، ومدى أهمية مصالحها فوق كلّ حقوق، أو أيّ اعتبارات دولية، على الرغم من الاحتجاجات الدولية، والمظاهرات التي عمّت الدول الغربية تنديداً بهذه الإبادة الجماعية التي يقومون بها بأيادي «إسرائيل»، فهي كالدمية التي يحركونها ويحمونها.
ما المشهد المتوقع في ظلّ تمكّن المقاومة وعزمها على صدّ العدوان مهما كانت الأثمان؟ وهل لم تعد مجدية فكرة الاجتياح البري، أو تصفية المقاومة من قبل الصهاينة؟ علماً أنّ المقاومة يشتدّ ساعدها يوماً بعد يوم.
المشهد المتوقع هو إشعال النار على أوسع نطاق، من أجل أن يكون هناك تدخل من أميركا وحلفائها الأوروبيين بحجة حفظ السلام، وتوسيع دائرة الحرب لتشمل إيران، باعتبار إيران داعمة للمقاومة. وانتصار المقاومة يعدّ انتصاراً لإيران، وتوسيع دائرة الحرب تشمل أيضاً لبنان وحزب الله. ففكرة السيطرة على العراق من أجل التوقف عن إعطاء إيران حقوقها في الغاز سيشعل فتيل الحرب في المنطقة بأكملها وهو ما ستفعله الولايات المتحدة بالضغط على العراق.
انّ الموجة الثانية التي تخوضها «إسرائيل» من حرب وجرائم قتل وإبادة جماعية في قطاع غزة تظهر أنها غير مهتمة بالرأي العام الدولي. والتصريحات التي أطلقتها العديد من الدول العربية ستجعل المنطقة بأكملها على أعتاب حرب كبيرة. خاصة أنّ إيران بعد استشهاد اثنين من حرسها الثوري نتيجة اعتداءات كيان العدو على سواحل دمشق يجعل رغبتها في تكبيد الصهاينة خسائر كبيرة مما سيزيد من دعمها للمقاومة، ورغبتها في ردّ الصاع صاعين للصهاينة.
هذا التدخل الإيراني الواضح، وتوريط إيران في الحرب هو ما ترجوه أميركا وحلفاؤها. وهناك الكثير من الخطط والاستراتيجيات، والعديد من المخططات، والأجندات التي تنفذ بأيد خفية كي يتمّ تضييق النطاق على المجاهدين، وتحقيق مصالح الكيانات الكبيرة سواء العسكرية أو السياسية.
فلم يبقَ لغزة غير رجال المقاومة الذين عاهدوا الله على النصر أو الشهادة في زمانٍ قلّ فيه الرجال، ومالت فيه الرقاب، وبقي اخوانهم من مجاهدي اليمن ولبنان هم العون الوحيد فيما باقي قادة العرب صمّ بكم لا يفقهون…