دردشة
نصٌّ من مملكة أوغاريت
الياس عشّي
اسمحوا لي أن أفسح في المجال لهذا النص، كي يحتلً دردشتي في هذا الصباح.
ترجمة نص أوغاريتي غاية في الروعة، موجود في اللوفر، قاعة أوغاريت رأس شمرا…
(يُرجى قراءته بهدوء..)
أوغاريت مملكة دامت قرابة خمسة آلاف سنة من سنة 6000 حتى 1190 ق.م.
أسطورة تكشف عالماً من الطيبة،
تقول الأسطورة وهي محاكمة علنية للروح حسب معتقداتهم بعد تأهيلها للسان العرب:
في جلسة محاكمة علنية لروح أحد المتوفين قبل أن تلتحم نفسه بجسده مرة أخرى ليعيش السعادة والخلود في العالم الأبدي الجديد…!
سأله قاضي محكمة الأرواح:
أيها الروح هل كذبت؟
قال: نعم كذبت على زوجتي في مدح جمالها وجودة طهيها.
هل عذّبت حيواناً؟
كلا! عدا العصفور الذي أعجبني صوته فحبسته لمدة يومين ثم أطلقته…
هل أسلت مرة دماء حيوان دون ذنب؟
كثيراً يا سيدي… حين كنت أقدّمه قرباناً للاله كي أطعم الفقراء…
هل كنتَ سبباً في دموع إنسان؟
نعم… أمي حين مرضتُ بين يديها.
هل لوّثت مياه النهر؟
نعم حين سبحت فيه مرة وأنا في وقت عملي!
هل قتلتَ نباتاً او زهوراً؟
نعم… حين اقتلعت زهرة لحبيبتي.
هل سرقت ما ليس لك؟
نعم.. سرقت قلب وحب جيراني من غير ملّتي وديانتي.
هل تعاليتَ على غيرك بسبب علوّ منصبك؟
كنت أرى نفسي أضعف الخلق أمام عظمة الرب!
هل ارتفع صوتُك أثناء حوار؟
لم أكن أحاور سوى ربي باكياً هامساً!
هل خاض لسانك في شهادة زور؟
قلت زوراً حين سترت على جارة لي!
هل قبلت رشوة؟
نعم، كثيراً جداً… قبلات من طفلتي لتلبية طلباتها.
وماذا فعلت عملاً صالحاً أيضاً؟
كنتُ مرة عيناً لأعمى، وأخرى يداً لمشلول، وساقاً لكسيح، أباً ليتيم، قلبي نقيّ، يداي طاهرتان، غنّيت وضحكت وقهقهت ورقصت وعزفت على الناي في فرح جار لي من غير الأوغاريتيين…
مبروك أيها الروح: لقد نجحت في المرحلة الأهمّ! قال القاضي وهو يقفل المحضر تحت نظرات الاستغراب من الروح.
يا سيدي القاضي: ألن تسألني عن إيماني، عبادتي، صلاتي، صيامي، نسكي؟!
لا أيها الروح الطاهرة.. تلك قضية لا سلطة لأحد عليها، تلك يحدّدها الرب وحده فقط…
يحدّدها الرب وحده!
عن صفحة الأستاذة نسرين كريم عبدالله.