«إسرائيل» تغرق في غزة…
} رنا العفيف
صورة متماسكة قوية، تقابلها صورة عاجزة ومتورّمة بعدد قتلى الجنود الإسرائيليين على الأرض في ظلّ حلبة المواجهة بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، ما واقعية المشهد الميداني؟
بينما «إسرائيل» تغرق في غزة وتكبّدها المقاومة خسائر فادحة بالأرواح والعتاد، كان واقع المشهد الميداني يتكلم ويترجم القوة المتماسكة للمقاومة الفلسطينية في حلبة المواجهة، مقارنة بالصورتين نرى أنّ صورة الجيش الإسرائيلي تهتزّ خوفاً من ضربات المقاومة رداً على هول المجازر التي تحاصرها دولياً وإقليمياً دون أيّ إنجاز أو أهداف لـ «إسرائيل» الحائرة في أمرها، قبيل انتهاء مدة الصلاحية الممنوحة لها من قبل شركائها، كما أن هناك ما ينتظر تبعات الحلول الأميركية التي ينظر إليها البعض بعين الريبة والخذلان، إلا أنّ كلاً من «إسرائيل» وواشنطن تبحثان اليوم عن مخرج ينقذهما من المواقف الحرجة، حتى أتت خطوة فرنسا لتقديم الرؤى التي تحث على المأزق الأوروبي قبل أن تهتزّ الأرض من تحت أقدام واشنطن و»إسرائيل»، كما يبدو لهذه الخطوة الفرنسية وكأنها إسرائيلية بحتة، على اعتبار باريس تتحضّر لاحتضان مؤتمر تحضره دول غربية مساندة لـ «إسرائيل» يرفع شعار التحالف ضدّ حماس، ما يشي بأنّ الحرب لم تنته بعد، و»إسرائيل» مستمرة في تشظي الوضع عسكرياً، في مقابل هذا الأمر تدير المقاومة المواجهة بوتيرة مدروسة لأيّ سيناريو مقبل ومحتمل،
بالتالي، ربما هناك ما ينتظر هذا التحالف في حال قررت «إسرائيل» توسيع المعركة، فذلك سيكلفها أثماناً باهظة في خضمّ الرسائل والدلالات المرجوة لدى خيارات تل أبيب وواشنطن حيال الحراك الفرنسي ضدّ المقاومة الفلسطينية، لذا علينا أن ندرك جيداً واقعية الميدان المقاوم، في ظلّ تراكم الإخفاق الإسرائيلي بالحد الأدنى،
الأهم في هذه المعضلة هو أنّ محصلة الجيش الإسرائيلي صفر على مستوى العمل العسكري منذ 7 تشرين الأول، بالرغم من قتل الأبرياء من مدنيين وأطفال ونساء وخدج واستهداف البنى التحتية والمرافق العامة والمشافي وإلى ما هنالك من مؤسسات، ومع هذا كله لم يحقق الإسرائيلي شيئاً من الأهداف والطموح الصهيوني التي رفعت وتيرة سقفه الولايات المتحدة، هذا الأمر انعكس في الداخل الإسرائيلي وارتدّ على حكومة نتنياهو الفاشية وعلى مؤسساته العسكرية وسط الاحتدام الهائل، فكانت الصورة فاضحة في إسقاط مدوية الأهداف التي وصفها نتنياهو بالبداية، وهي طبعاً أهداف تلقي بظلالها على مجمل الوضع الفلسطيني وأيضاً الإقليمي،
أما الولايات المتحدة فكانت حريصة كلّ الحرص على أن لا تسقط هذه المدوية حتى تحقيق النصر لنتنياهو على اعتبار أن السقوط الإسرائيلي هو سقوط «جدار واشنطن العظيم» وسط حرب المدن والشوارع التي ينظر إليها مراقبون على أنها حرب تقليدية وكلاسيكية في مفاهيم الحرب، والأهمّ كما يتطلع البعض الى التعقيدات من ناحية الجغرافية والتضاريس في مشهد خان يونس الذي يُعتبر بمثابة الفصل أو الحسم في حال تطور الميدان وشهد بعدد القتلى الإسرائيليين من بينهم ضباط كبار، وهذا بالتأكيد بات اليوم يطرح أسئلة كثيرة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وبالتالي الخلاصة بالمعنى العسكري يكمن في الفشل الاستخباري والعسكري والأمني وحتى في الأداء بالرغم من الدعم الغربي والتحشيد والتقدّم أمام حملة البنادق والرمايات، أيضاً بعيداً عن التنظير السياسي هناك أزمة عسكرية لـ «إسرائيل» كبيرة جداً، وقد نرى انقلاب الصورة في الواقع وربما هذا ليس ببعيد داخل الكيان الصهيوني بعد أن انهارت الثقة بين الجيش ولجنة التحقيق والقيادات وجميعها متعلقة بالمؤسسات العسكرية التي كانت تطمئن هذا الجيش الذي يعاني من صدمة نفسية وعصبية، عدا عن فرار سرية عسكرية وطرد ضباط اسرائيليين لأنهم لم يلتحقوا بالقتال،
إذن «إسرائيل» غارقة في وحل غزة، بدءاً من غرز دباباتهم العالقة وصولاً لمحاصرته في الأزقة في خان يونس وجنوب قطاع غزة بالتوازي مع العامل الزمني التي تتسابق «إسرائيل» وأميركا لتوفر الشروط اللازمة، دون حال دراسة إرادة الطرف الآخر أيّ المقاومة بكلّ فصائلها جاهزة ومتحكمة في وضع السيطرة، والمطلوب عسكرياً هو استدراج إسرائيل إلى أزقة غزة حيث حطام المباني وحشر العدو في زاوية، والضرب بأيد من حديد، أمام هول المجازر التي تؤيدها دول عربية وغربية بضوء أخضر دولي لا سيما أن الاعلام الاسرائيلي ذكر بتقديرات الجيش الإسرائيلي أنه يحتاج إلى نحو شهر ونصف الشهر من أجل استكمال سيطرته على مراكز حماس في قطاع غزة، وطبعاً لهذا السيناريو تبعات وويلات لأنّ غضب الله سينزل على «إسرائيل» التي تصعّد وتيرة الحرب بلا تحقيق إنجازات…