الحرب على غزة خلل طفيف في التغطية
} حمزة البشتاوي
يبدع الإعلام حين يكون صاحب رسالة وحين يستنهض الهمم ويقوّي العزائم، خاصة خلال الحرب والعدوان الحالي على قطاع غزة، حيث يحدث خلل في التغطية الإعلامية للحرب، وسط حاجة الشعب الفلسطيني القصوى، كلما أعتمت عليه الدنيا للحقيقة المضيئة الكاملة والمواكبة لشغفه الكبير بالصبر والكفاح من أجل الحرية والخلاص من قيد وظلم الاحتلال الذي يرتكب أبشع المجازر.
وبما أنّ الإعلام هو السلاح الأمضى الذي يمكنه تسليط الضوء على عدالة القضية الفلسطينية، ووحشية ما يرتكب من جرائم في حرب الإبادة التي تشنّها حكومة الحرب الإسرائيلية بدعم أميركي ضدّ غزة التي تعاني من الحرب والخذلان.
فإنّ واقع الإعلام العربي ومأزق التعاطي العربي مع الحرب البربرية، توقع الكثيرون بأن يتجاوز الإعلام العربي أزمته ويكون واحداً وموحداً، بعيداً عن الحرج السياسي والرمادية المتأرجحة تبعاً لسير الأحداث.
ولكن الإعلام العربي خلال الحرب لم يخرج عن حالته المنقسمة إلى قسمين، رسمي وخاص، يعبّر الرسمي منه عن الأنظمة والدول المنقسمة أيضاً إلى قسمين أو محورين، محور المقاومة ومحور الاعتدال العربي الذي يهتمّ بمواسم وأولويات، لا تتأثر بالأحداث والحروب والتحديات إلا وفق الحاجة والأوامر. أما إعلام محور المقاومة فهو يأخذ على عاتقه نشر ثقافة المقاومة ومواجهة التضليل الإعلامي، وبناء وعي إعلامي لصالح القضية الفلسطينية، ويركز خلال الحرب على صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني وقدرته على الصبر وتحقيق النصر.
وينقسم أيضاً الإعلام العربي الخاص إلى قسمين الأول أعلن انحيازه الكامل للشعب الفلسطيني بمواجهة العدوان، ولعب دوراً أساسياً وموضوعياً في إيصال الحقيقة وساهم في صناعة الرأي العام، وإعلاء صوت الرواية الفلسطينية، ومن الأمثلة في هذا السياق قناة «الميادين» التي لها دور بارز في مواجهة أرتال غزاة الضوء والأحلام، وتحظى بنسبة مشاهدة عالية خاصة في الداخل الفلسطيني.
وفي هذا السياق قال الكاتب والباحث الإسرائيلي ضابط الإستخبارات السابق يوني بن مناحيم، الذي يقرأ يومياً جريدة «الأخبار» عبر موقعها الإلكتروني ويشاهد كثيراً قناة «الميادين»، بأنّ صديقاً له في جهاز الشاباك أخبره بأن من أسباب قرار منع عمل «الميادين» في الداخل والضفة، التقارير التي تتحدث عن أرتفاع نسبة مشاهدتها في المنازل والمقاهي والمحلات العامة ومواقع التواصل، وهذا لا يناسب «الإسرائيليين» بل يناسب الفلسطينيين، حيث أصبحت القناة ذات الضوء البرتقالي الذي يعكس الواقع كما هو حاضرة عندهم مع قهوة الصباح وشمس الظهيرة وشاي المساء.
وأما القسم الآخر من الإعلام الخاص، فهو يخضع لمفهوم الحياد ومتطلبات التطبيع، ويعتمد على تحليلات سطحية ومصادر غير دقيقة في نقل الأحداث، إضافة لتركيزه خلال التغطية على البعد الإنساني وخاصة البكاء والحصار والجوع، على حساب القضية الفلسطينية باعتبارها قضية سياسية وكفاح من أجل الحرية وتقرير المصير.
وفي سيناريو ما بعد الخلل في التغطية ورداً على انضمام أليدا تشي جيفارا إلى أسرة «الميادين» لتقديم برنامج (ببساطة)، يتوقع بمشهد سواداوي أن يطلّ أفيخاي أدرعي رئيس قسم الإعلام العربي في وحدة الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي، ليقدّم برنامجاً يطرح فيه أسئلة علينا مثل: بكم تبيع رأس أخيك وساق طفلك وعين حفيدتك، وقد يحظى بطله بشهرة أكبر في وسائل الإعلام العربية، ذات الميول الصارخة في التضليل والشعوذة والترفيه!