أخيرة

دبوس

«شعب الله المختار» لا يجوع!
إذا قيّض لشخص غريب أتى للتوّ إلى منطقة الشرق الاوسط، ولم يسمع بتاتاً بما يحدث في غزة، إذا قيّض له ان يستمع الى إعلام الأردن، فسيظنّ بأنّ من يقود العمليات العسكرية الفلسطينية في الأنفاق ضدّ القوات الإسرائيلية، هو جلالة الملك عبدالله الثاني، وأنه ينطنط من نفق الى آخر، كيما يلحق بالقوات الإسرائيلية أفدح الخسائر، ولكنه حينما يتابع العواجل التي تترى على شاشات التلفزة، ويرى إحداها تقول، إنّ المواد الغذائية الطازجة، تنطلق من دبي، في جسر برّي، وتعبر حدود السعودية، ثم الأردن، لتدخل بسلاسة وأريحية بعد ذلك الى كيان الإحلال، لتعويض النقص في الغذاء بسبب نزوح سكان الشمال جنوباً نتيجة للاشتباك المتواصل مع حزب الله، فإنه سيُصاب بالذهول، وسيضرب أخماساً بأسداس، أيهما يصدّق، الإعلام الأردني الذي جعل من جلالة الملك عبدالله الثاني العدو الأول لكيان الإحلال، أم يصدّق القوافل التي تمخر عباب الصحراء، إلى السعودية ثم الأردن لنجدة المستوطنين، وللإبقاء على موائد طعامهم عامرة زاخرة بكلّ أصناف الطعام الطازج…!
وسيرى هذا الغريب، امرأة غزيّة مكلومةً تصرخ بأنّ أولادها الثلاثة، استشهدوا بالقصف الاسرائيلي وهم جياع، بينما تتدفق المواد الغذائية الطازجة من دبي عبر السعودية والأردن بسهولة وبدون معوّقات الى «إسرائيل»، سوف يلعن هذا الغريب، اليوم الذي خلق فيه عربيّاً، حينما يرى أيضاً الرجل في غزة يسوح ويجوح بحثاً عن رغيف خبز يقيم به أود أبنائه الجياع، فلا يجده، ويطرق الأبواب ويستجدي المارّة فلا يسعفه أحد برغيف خبز يملأ جوف أولاده ولو جزئياً، لأنّ أحداً لا يمتلك رغيف الخبز هذا، وسيكفر بكلّ انتماءاته في كلّ أبعادها حينما يعلم انّ المساعدات المتكدّسة على معبر رفح العربي، لا تجد طريقها الى شعب غزة حتى يأمر الصهيوني بذلك، بل انّ جنود الاحتلال الساديين الفاشيين الذين يتحكّمون بعقدة دخول المساعدات الإنسانية عند معبر رفح العربي، يقومون بإخراج هذه المساعدات وحرقها للتدفئة.
لقد بانت الحقيقة واستبانت، وتساقطت الأقنعة وتناثرت، وتراءى للناس ما تخبّئه الصدور، وما يقبع خلف الوجوه المنافقة الكالحة، كلّ شيء صار ظاهراً، ولم يعد ينفع المزيد من المراوغة…
سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى