هل تستطيع الولايات المتحدة ضبط الأوهام الإسرائيلية؟
} رنا العفيف
إذا كانت واشنطن تريد أن تمرّر هدنة طويلة أو ممتدة كما تقول لوقف الحرب، فعلى «إسرائيل» ووكيلتها أميركا، أن تغيّر من نمط السياسة الهمجية في غزة، لذا استوجب طرح السؤال التالي، هل هناك فرصة لنجاح أيّ مبادرة أو صيغة ما لهدنة ممتدّة في ظلّ ما يجري في غزة من تصعيد وسخونة في الجبهات المرتبطة بهذة المعركة؟
واشنطن وحليفها الإسرائيلي يبحثان عن صورة إنجاز جديدة بعدما فشلا في بلورة ما يسعون إليه في خضمّ سياسة الأهداف، ومن ضمن جولة البحث المتواصلة عن تحقيق الأهداف يسارع نتنياهو إلى الإعلان عن السيطرة على مناطق جديدة في جباليا وغزة، لكن دون أدلة موثقة بالصوت والصورة، على اعتبار أنّ معركة الصورة لا تقلّ أهمية من المعركة العسكرية، فعندما رأى نتنياهو أنّ المقاومة الفلسطينية لم تبتلع طعم الهدنة المؤقتة، عاد إلى لعبة سياسة الأهداف الوهمية ضمن بازار السياسة الأميركية بالقضاء على حماس ليواصل عنجهيته، وطبعاً هذا مردود عليه من خلال ما أكدته المقاومة الفلسطينية للوكيل والأصيل والمنفذ، أيّ للوسطاء، بأن لا تفاوض على الأسرى قبل إعلان وقف إطلاق النار الدائم، وإنْ كان الاحتلال يريدهم أحياء، وهذا يوحي بأنّ مسار المفاوضات لن يكون على مقاس الإسرائيلي لطالما الترويج لهذه الهدنة هي أميركية، كما يوحي بأنّ لهذا الترويج الأميركي له خلفية ربما تقلق واشنطن على مستوى الفشل الدبلوماسي الذي يتموضع حول عزلة واشنطن في المنطقة بشكل كلي وليس جزئياً…
لذلك فإنّ داعمي «إسرائيل» وأميركا نراهم في عجالة من أمرهم، والأمر الآخر الذي وضعهم في مثل هكذا موقف لا يحسدُ عليه هو تلك الجبهات المساندة نصرة لغزة وتحديداً في جبهة جنوب لبنان التي أخذت عملياته العسكرية منحى نوعياً في التصعيد عكسَ صورة الاحتلال، بالإضافة إلى جبهة اليمن التي جددت العهد بأن لا أمن للملاحة المطلة على الاحتلال في البحر الأحمر حتى وقف العدوان الوحشي بالكامل على غزة.
هذا كله مرتبط بهذه المعركة الدبلوماسية والعسكرية، ما يعني أننا في لحظات حاسمة يكون فيها العمق الرابط ما بين نجاح أيّ مسألة تخصّ الهدنة مع ردود التصعيد وما بينهما، قد يؤدي إلى الفشل في هذا المسعى، ورأينا تحوّلات بدءاً من التحالف البحري الذي أعلنته واشنطن مروراً للحراك السياسي في القاهرة بالتوزاي مع توالي سياسة التسخين…
وبالتالي الصيغة الجديدة لهدنة ممتدّدة وهي مصطلحات أميركية مطاطة تعني ربما صعوبة في مخرجات ما يدور في فلك المباحثات أو المبادرة التي ربما تمّ وضع خطوط عريضة لها سواء في وارسو أو في القاهرة، وذلك لإقناع المقاومة الفلسطينية بها.
في مقابل ذلك نلاحظ الصمود الأسطوري الفذ للمقاومة الفلسطينية بالرغم مما تمارسه «إسرائيل» من قتل وإبادة ووحشية، وهنا نتحدث في الميدان وحضور المقاومة في القتال، وهو حضور صلب يقاتل بذكاء ومهارة، كما أن هناك فنوناً قتالية يُحتذى بها في الأكاديمية العسكرية لفنون القتال كما ظهر ويظهر في كلّ فيديو تنشره القسام لحظة بلحظة، وهذا بالمعنى العسكري له دلالة في إدارة المعركة التي تتحدث عن المعنويات والدقة والتخطيط والتركيز على كافة المستويات بنجاح،
الأمر الآخر هو في ما يتعلق بمؤشرات الوصول إلى هدنة أو صيغة جديدة، قد يكون هناك مؤشرات تدلّ على ذلك ولكنها بشروط المقاومة حصراً، وقد تكون أميركا و»إسرائيل» بحاجة فعلية لهذه الهدنة بعد الفشل الاستراتيجي الكبير بالرغم من المساندة الاستخبارية من بريطانيا وفرنسا وغيرهم، أو ربما هناك خيار أميركي يتمحور ربما حول تعليق وقف إطلاق النار ولكنه شكلي، أو في حال وافقت «إسرائيل» على شروط المقاومة بالكامل وهذا ربما لا يزال بعيداً عن الواقع قليلاً، وربما هناك سيناريو قد تكون المقاومة على دراية به كما تعلم ماهية ودلالات الحاجة الأميركية والإسرائيلية لهذة الهدنة، لذلك ربما تعود «إسرائيل» إلى الخارطة الأميركية لغاية في نفوس المستكبرين وهذه الغاية يستحيل تحقيقها لأنّ المقاومة في المرصاد، لهذا هناك أسباب كثيرة مفتاحية يصعب على واشنطن ضبط أوهام «إسرائيل»، ولا يُعتقد أنّ الرئيس الأميركي لديه نفوذ لمنع «إسرائيل» من الإبادة الجماعية، لأنّ ذلك يترتب على وقف الدعم والإمداد بكميات هائلة ناهيك عن الخسارة الربحية في سياسة كلّ منهما على مستوى فساد الجسم السياسي والعسكري.