ليس فقط دفاعاً عن إبراهيم شريف
} معن بشور
بالتأكيد لن يهتمّ المناضل إبراهيم شريف السيد بقرار توقيفه سبعة أيام قيد التحقيق بتهمتين موجهتين له في البحرين تتراوح أحكامهما بين الأعوام العشرة لواحدة منهما، وبين الأعوام الثلاثة للثانية منهما، فإن شريف ذاق مرارة السجن لأربع سنوات (2011 – 2015) بتهمة معارضة النظام الحاكم في بلاده.
ولكنه بالتأكيد سيهتمّ ونحن معه بأنّ هذا القرار الجائر الذي أصدرته النيابة العامة بحقه يشكّل إهانة لتاريخ البحرين، «لؤلؤة الخليج»، وانتقاصاً من عروبة هذا البلد العربي العريق في نضاله الوطني والقومي ويأتي تأييداً للعدوان الصهيوني الوحشي على أهل غزّة وعموم فلسطين، وهو عدوان استنكرته شعوب الأمّة العربية والإسلامية وشعوب العالم كله.
فأن يسجن المناضل إبراهيم شريف أمين عام جمعية وعد المنحلّة، وعضو المؤتمر القومي العربي، ورفيق المناضل الكبير الراحل عبد الرحمن النعيمي، وأحد أبرز رموز الوحدة الوطنية في البحرين، بتهمة إطلاق تغريدة ضدّ انضمام بلده إلى القوة البحرية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة لحماية السفن الصهيونية والسفن المتوجّهة إلى الكيان الغاصب من القرار اليمني الشجاع باعتراضها، هو أمر لا يتلاءم مع انتماء البحرين العروبي والإسلامي الأصيل فقط، بل يعتبر خروجاً عن إجماع الأمّة والعالم ضدّ العدوان الصهيوني، إنه مخالف لإجماع دول الخليج والجزيرة العربية نفسها التي رفضت الانضمام إلى هذه القوة التي تريد تحويل البحر الأحمر وباب المندب إلى ساحة حرب إقليمية ودولية للتغطية على عدوان صهيوني وأميركي لم تعرف البشرية مثيلاً له في همجيته في العصر الحديث.
إنّ الموقف الذي أعلنه إبراهيم شريف ضدّ انضمام بلاده إلى هذه القوة البحرية المشتركة بقيادة واشنطن، والتي ما زالت بعض الدول الحليفة لواشنطن متردّدة بالانضمام إليه إدراكاً منها لخطورته على مصالحها، لا سيّما إسبانيا التي تريد موافقة الاتحاد الأوروبي، المتردّد أصلاً، وفرنسا التي تريد أن تبقي قوتها تابعة لأمرتها وحدها، هو موقف وطني وقومي و«شريف» يعبّر عن ضمير شعب البحرين الذي عبّرت 25 جمعية بحرينية، فيها المعارض للنظام والموالي له، عن رفضها لانضمام البحرين لهذه القوة، بل هو موقف يعّتز به كلّ عربي وتقدّمي وتحرّري في أمّتنا من المحيط إلى الخليج، بل كلّ مسلم من أطراف الشرق الأقصى إلى المحيط الأطلسي، ناهيك عن ملايين المسلمين في كلّ أرجاء العالم، بل يعّتز به كلّ حرّ في عالم يموج بالتحرّكات المندّدة بالعدوان الصهيوني والمطالبة بوقفه ومحاكمة مجرمي الحرب الذين يقفون وراءه داخل الكيان الغاصب وخارجه.
من هنا، إنّ أبسط واجبات شرفاء الأمّة وأحرار العالم أن يتنادوا لإعلاء الصوت مندّدين بهذا الاعتقال غير المبرّر للمناضل الكبير إبراهيم شريف، وأن يطلقوا حملة كبرى يشترك فيها كافة المؤتمرات والأحزاب والنقابات والجمعيات وهيئات المجتمع المدني المستقلة عن التمويل الغربي، بل كافة فصائل المقاومة في الأمّة، لا سيّما في فلسطين، من أجل إطلاق سراح إبراهيم شريف وإلغاء كلّ الاتهامات الزائفة بحقه، بل وتكريمه باعتباره صوتاً للأمّة ولكرامة الإنسان في فلسطين وفي كلّ مكان.
فالانتصار اليوم لهذا المناضل الشريف «أبو شريف»ص، كما لسائر المعتقلين السياسيين في البحرين وعلى امتداد الوطن العربي، هو انتصار لغزّة الباسلة والجريحة، ولفلسطين الثائرة على الاحتلال، ولكل عربي ومسلم وحرّ في العالم، لا سيّما في اليمن والعراق وسورية ولبنان وعلى امتداد الوطن الكبير الذين يواجهون هذا العدوان ويقدّمون الشهداء من أجل الأقصى والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومن أجل أطفال فلسطين ونسائها وشيوخها، في واحدة من أكبر المحارق في تاريخنا الحديث.