من شمال القطاع إلى شمال فلسطين الاحتلال «بين فكي كماشة» المقاومة
} وفاء بيضون
بعد فشل الردّ الإسرائيلي على عملية «طوفان الأقصى» وتخبّط جيش الاحتلال في معركةٍ بدأت بسقوف عالية حدّ وصفها بالمستحيلة وغرق ألوية الاحتلال وفرقه، وفي مقدّمتها لواء النخبة «غولاني» في وحول غزة، وانكفائه تحت وطأة قذائف الياسين، وما تسطره المقاومة الفلسطينية من ملاحم في المواجهات المستمرة، بات واضحاً للعيان أنّ حكومة نتنياهو الثلاثية الأبعاد السياسية تعيش أسوأ لحظاتها الوجودية التي تهدّد مستقبل رئيسها وفريق حربه في الكابينيت (المجلس الحربي المصغر) وتجرّهم إلى المساءلة والمحاسبة على غرار ما حصل مع رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت بسبب إخفاقهم في تحقيق أية نتيجة أو نصر عسكري، سوى التدمير والمجازر التي أزهقت أرواح عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ المدنيين الفلسطينيين، الذي ارتقوا شهداء نتيجة جريمة العصر الموصوفة، هذا بإلإضافة إلى التدمير الهائل الذي حلّ بأكثر من 60% في المباني والمرافق والبنى التحتية في غزة.
كلّ ذلك لم يمنح الاحتلال جواز تبرير للمجتمع الإسرائيلي على وجه الخصوص والرأي العالمي الدولي على وجه عام .
ومع مطلع العام الجديد يبدو أنّ الاحتلال يحاول التعويض عن إخفاقه داخل فلسطين بالاستدارة نحو جنوب لبنان، فاستهلّ اليوم الأول من السنة الجديدة بسلسلة اعتداءات استهدفت مباني سكنية ومستشفيات وشبكات كهرباء تغذي قرى الحدود مع فلسطين المحتلة.
أمام هذا التصعيد ما زال الاحتلال يراهن على تسجيل نقاط تخوّله الخروج من حربه العدوانية وبيده ما يزعم أنه انتصار، إلا أنّ المغامرة جنوباً تختلف كثيراً عما يجري داخل فلسطين، وهنا يؤكد قادة حزب الله أنّ «إسرائيل» تروّج طروحات عديدة تتعلق بشمال فلسطين وجنوب لبنان، وتحاول أن تبيّن أنها تملك الخيارات لتقوم بأداء يساعد على عودة المستوطنين إلى الشمال بشكل آمن، وإبعاد حزب الله والمقاومة عن الجنوب، لكن في سردية المشهد الميداني ومنذ ما يقرب التسعين يوماً (ثلاثة أشهر) فإنّ إسرائيل ليست في موقع أن تفرض خياراتها، بل هي في موقع أن تردّ وتواجه صلابة المقاومة في ردّ العدوان، وفي رفض تثبيت المشروع الإسرائيلي، وفي منع «إسرائيل» من تحقيق أهدافها في غزة ولبنان والمنطقة.
نعم… لن تستطيع «إسرائيل» إعادة المستوطنين إلى الشمال في قلب المعركة، ولن تستطيع الحصول على أيّ مكسب لا في هذه المعركة ولا في نهايتها، كما يؤكد قادة حزب الله، فعليها أولاً أن توقف حرب غزة لتتوقف الحرب في لبنان، ومع التمادي في قصف المدنيين في لبنان هذا يعني أنّ الردّ سيكون أقوى وسيكون متناسباً مع العدوان الإسرائيلي.
تقول بعض المصادر إنّ المقاومة اتخذت القرار بأن تكون في حالة حرب ومواجهة على جبهة الجنوب في مواجهة «إسرائيل»، لكن بتناسب ينسجم مع متطلبات المعركة، أمّا أن تتمادى «إسرائيل» فسيكون الردّ عليها أقوى، ولدى المقاومة كلّ الاستعداد والجاهزية والقدرات على القيام بذلك.
وتضيف المصادر أنّ حزب الله لم يخض هذه المعركة نزهة أو عن عبث، بل خاضها من باب الوجوب والقرار لوضع حدّ لهذا العدو الإسرائيلي وغطرسته واستمراره في انتهاك الحرمات وفي عدوانه على غزة.
من هنا يتضح أنّ تهويل الاحتلال بنقل الجبهة من غزة الى لبنان ينمّ عن ضعف حقيقي ومحاولة لرفع معنويات جنوده ومستوطنيه، وخاصة في المغتصبات السكنية على الحافة مع لبنان على حدّ سواء.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية يدرك أنّ ما فشل في تحقيقه داخل غزة لا يمكن أن ينجح فيه مع لبنان بالقياس الجغرافي والعسكري لإدراكه أيضاً حجم الردّ الذي يمكن أن يتلقاه من المقاومة، وهذا يؤكد مرة أخرى أنّ مواقف قادة العدو لا تعدو كونها تهويلاً ووعيداً أو جعجعة بلا طحين، ليبقى أسير فكي كماشة المقاومتين اللبنانية والفلسطينية…
*إعلامية لبنانية