رد حزب الله سيكون ظاهرا وعلنيا وقريبا
ناصر قنديل
– كثيرة هي العناوين التي أثارها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته المخصّصة لإحياء ذكرى استشهاد القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، لكن العالم كله سواء في الغرب وخصوصاً في كيان الاحتلال وفي البلاد العربية، وخصوصاً في لبنان وفلسطين، كان متحفزاً لمحاولة التقاط جواب صريح وواضح يمكن البناء عليه لاستنتاج كيف سيتعامل حزب الله مع عملية اغتيال القائد الفلسطيني المقاوم الشيخ صالح العاروري في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت؟
– السياق الذي اختاره السيد نصرالله في كلمته أراد التأكيد على الخلفية التي تحكم مشهد الصراع في المنطقة، منذ طوفان الأقصى، وهو سياق يتنامى ويكبر منذ العام 2000، وجوهره تقدّم قوى المقاومة وتراجع وضعية كيان الاحتلال وصورة ردعه، وقد شكّل طوفان الأقصى وما بعده نقطة التحول التاريخية فيه، حيث سقوط قوة الردع الإسرائيلية، وتآكل قدرة الردع الأميركية، وصعود محور المقاومة بصفته جبهة قتال تساندية تحترم خصوصياتها، لكنها تستند في القرارات الكبرى إلى مشتركاتها، وظهور خطين متقابلين بين المحور وأهدافه والكيان وأحلافه. خط المحور صاعد وخط الكيان والتطبيع هابط، ليقول إن المقاومة التي تراعي المصلحة الوطنية لبلدها اختارت صيغة للتعبير عن مساندتها لغزة ومقاومتها لا تذهب للحرب الكبرى مباشرة، لكنها عندما يصبح تهديد الحرب قائماً، فإن المصلحة الوطنية هي التي تقتضي منها عدم التردد في الذهاب بالحرب إلى نهايتها الأخيرة، بكل ما لديها من قدرة على مستوى مقاتليها وصواريخها دون حسابات ولا قواعد ولا ضوابط.
– هذا الإطار الذي رسمه السيد نصرالله، يجب أن يحكم قراءة معادلته لعملية الاغتيال وكيفية التعامل معها، وفق معادلة أنها جريمة خطيرة ولا يجب أن تمر دون عقاب، ولن تمر دون عقاب، لأنها أولاً إصرار على تحدّي وانتهاك معادلة سبق ورسمتها المقاومة بكلامها عن أن أي استهداف على الأرض اللبنانية لأي شخصية فلسطينية أو عربية من محور المقاومة خصوصاً، يعني أن المقاومة سوف ترد رداً قاسياً، كيف وأن المستهدف هو رمز مقاوم كبير في محور المقاومة وفي حركة حماس وقوات القسام والمقاومة الفلسطينية، ولكن الأهم هنا هو قوله إن لهذه الجريمة وجهاً آخر بكونها استهدافاً لأمن الضاحية الجنوبية. لأول مرة على هذا المستوى منذ العام 2006، بما يعنيه ذلك من محاولة إعادة تأكيد لقدرة الردع الإسرائيلية لجهة حرية العمل الأمني والعسكري في الضاحية. والعودة بمعادلات القتال إلى مرحلة تشكل هذه العمليات فيها نصف حرب، والصمت عليها يسمح لها بالتمهيد لحرب. والمقاومة المعنية بحماية بلدها، معنية بالتعامل مع هذا المستجد من زاوية أنه تهديد بالحرب، واستهانة بمقدرات المقاومة وشجاعتها وقدرتها على الردع، وجديتها في حماية معادلاتها، وأمن بلدها، والضاحية الجنوبية برمزيتها تمثل كل هذه المعاني.
– هذا الإطار يعني أن رداً قوياً من المقاومة آتٍ قريباً في الطريق، بصورة تعيد تأكيد المعادلات الأصلية، لا اغتيالات ولا انتهاك لأمن الضاحية. وكل مخاطرة هنا يجب أن يحسبها الكيان وفق حساب كلفة الذهاب الى الحرب. وهنا سوف تكون المقاومة جاهزة لمثل هذا الذهاب الى الحرب لأن المصلحة الوطنية اللبنانية تقتضي منها ذلك، ولهذا لم ترد عبارة الرد في الزمان والمكان المناسبين، ولا تفويت فرصة حاجة كيان الاحتلال لدفع الأمور نحو التدحرج الى حرب إقليمية، بل لأن الثقة بأن الردّ سوف يتحدّث عن نفسه، ولأنه سوف يكون ظاهراً وعلنياً فلا حاجة للقول أكثر، نترك الأمر للأيام والليالي والميدان.