العقرب المهزوم… نتنياهو
صادق القضماني
واضح أنّ اغتيالات هذه الفترة ليست بفعل اليد الطويلة التي تقرّر وتفعل ما تشاء، هي ردّ مجبول بالهزيمة على يد المقاومة القوية التي باتت تضرب في الميدان أساس وجود الكيان، ودوره الوظيفي كقاعدة عسكرية للغرب.
يجتهد الجمهور ومنهم ممن يُعتبرون بيئة حاضنة للمقاومة بالمطالبة بردّ كبير، مع العلم أنّ المنطقة في حالة حرب لم نشهد مثيلاً لها من قبل؟! فالمقاومة تقاتل ببأس أصحاب الحق، وبرؤية استراتيجية واحدة، من اليمن إلى العراق الى سورية، إلى جبهة لبنان التي تعادل في نتائجها جبهة حرب، وليست فقط جبهة مساندة كما سُمّيت، الى أساس المواجهة الحالية في غزة، والتي أذلّت جيش الكيان لدرجة أنّ قيادته تسعى حسب التحليل لوضع كلّ الجبهات أمام ضغط جمهورها، لتنفيذ كلّ ما لديها من أوراق، وهذا يعطي قادة الكيان تنفيذ مخططات هجومية معدة مسبقاً تعتمد الطيران الحربي والتكنولوجيا التي تملكها آلة القتل «الإسرائيلية»، حيث تكون الخسارة للجميع في مساحة أرض محروقة، ليضمن هؤلاء بأن لا يرفع الكيان راية بيضاء أحادية الجانب، مما يعطي واشنطن ومن خلفها واقعاً ميدانياً، يخوّلها الاستثمار بشكل ومضمون حلّ مستدام للمنطقة، يتحقق لها السيطرة فيه مستقبلاً.
بناء عليه، إنّ الجبهات والتي تمارس دورها ضمن استراتيجية حدّدها محور المقاومة بالعقل الاستراتيجي العسكري، والذي أُسّس على قراءة عميقة لنقاط ضعف العدو، وتؤكد أنّ الجبهات الحالية المفتوحة وطويلة الزمن، تكتيكياً ليست بصالح وجود الكيان وثباته، لأنها حرب شاملة غير معلنة وغير مرهونة بالزمن.
من المؤكد، أنّ الردّ المناسب في ظلّ المشهد المقاوم العسكري الحالي، هو ردّ على قاعدة العين بالعين من خلال استهداف مسؤولين صهاينة داخل الكيان او خارجه، وهذا يؤكد ذهنية الردع، ويثبت ذهنية الثأر، ويُفشل أهداف الكيان من استهداف قادة المقاومة ليرتدّ عليهم بردع مماثل كمعادلة وملف خارج سياق طريق القدس المبني على النصر بالنقاط لحين تصبح الضربة القاضية بحاجة فقط للكمة مركزة في رأس العدو.
مما لا شك فيه، بأنّ الحرب الشاملة بالمفهوم الكلاسيكي، قرار يتخذه قادة المحور بما يخدم الاستراتيجية، وليست ردّ فعل على فعلِ العدو، والأخير لم يتوقف منذ نشأته واغتصابه لفلسطين عن الاغتيالات من جهة، ومن جهة أخرى إجهاض ما خُطط له من وراء هذا التصعيد باغتيال قادة في محور المقاومة، ليكون المحور سيد القرار بحكمة الصبر الاستراتيجي الذي يؤكد أنّ الضربة القاضية، ستغدو قرار في الوقت المناسب.
انّ الكيان الصهيوني الان وقع في حرب تكتيكية على قاعدة الاستنزاف، ومن حسن حظ المقاومة أنّ مصلحة رئيس وزراء الكيان (نتنياهو) السعي لإطالة أمد الحرب حتى تعطيه مساحة للمناورة الانتهازية بهدف الهروب من مساءلات إخفاقه التاريخي بتحقيق ايّ هدف من الأهداف التي أعلنها في حربه على غزة، ومن ناحية أخرى لتأجيل معركة القضاء ضدّه، التي ستنهي تاريخه ومستقبله كنموذج سيّئ في مجتمع مستوطنيه.
أصبح نتنياهو الذي أراد أن يظهر كمنقذ للكيان، مكان الفاسد فيه، أحد أسباب تثبيت حرب الاستنزاف التكتيكية التي يعتمدها محور المقاومة، وهي حتماً الأساس في تآكل قوة الكيان من داخله، وربما سيسقط بلا ضربة قاضية، تكون النقاط كافية.
*نتنياهو الصهيوني الجيد الآن، الذي فرضت عليه انتهازيته، وحدّد له ملفه الفاسد اتخاذ قرارات، هي بالفعل تمدّ زمن المعارك، والتي تضرب ما تبقى من أسس الكيان المتضعضع»
بناء عليه، أنّ أفضل سلوك لجمهور أين الردّ، هو بالتكاتف كبيئة حاضنة للمقاومة على مساحة الأمة، ورفع اليد بثقة وجهوزية خلف قرارات المقاومة، فنحن في زمن فيه فرصة استثنائية، لا خيار فيها إلا النصر أو الاستشهاد، والنصر هو الخيار الأساسي في بوصلة الشرفاء وكلّ مقاوم اختار طريق القدس حتى لو ارتقى شهيداً.
على جمهور أين الردّ، أن يعتمد كلنا خلف قرارات محور المقاومة، وكلنا ثقة بالشكل الذي يرتأيه للرد.
السؤال إذاً… لماذا تعلو أصوات المطالبة بوقف دائم للعدوان، إذا كانت الحرب الطويلة في صالح المقاومة؟!
هنا ومن صلب الحقيقة، الفارق بين أصحاب القضية ومسؤوليتهم إتجاه شعبهم، تحت ذهنية ان الهدف حرية الأرض والانسان ومن يعيث دماراً وقتلاً بلا ايّ وازع أخلاقي بهدف تثبيت وجوده الاستعماري، فنرى انّ المقاومة ورغم قدرتها على المواجهة الطويلة تطالب بوقف للحرب (الإبادة الجماعية)، وما هذه المعركة إلا جولة أسّست لحرب ستفوز فيها بالضربة القاضية.
خلاصة القول، إنّ حرب الوجود أساسها، ذهنية تعتمد الصبر الاستراتيجي، ومعارك تكتيكية تضعف أركان وأسس الكيان، ليصبح عالة استراتيجية على دول الاستكبار، وفرصة خاصة لتنفيذ هجوم تحريري ينهي وجوده ككيان (الوطن القومي للشعب اليهودي) حسب البروباغندا، وهذا طريق القدس الذي سيحقق للشعب الفلسطيني الأمل في مستقبل بوطن من البحر إلى النهر…