فشل إسرائيلي ذريع في تقديم مرافعة متينة تفكك مرافعة جنوب أفريقيا الاتهامية/ غارات أميركية بريطانية على اليمن… صنعاء تتعهد بالرد ومنع سفن الكيان/ تضامن حكومي وشعبي عربي وعالمي مع اليمن والمقاومة تعلن توسيع الأهداف/
كتب المحرّر السياسيّ
سجل الخبراء القانونيون الذين واكبوا من أنحاء العالم مشهد محكمة العدل الدولية في لاهاي، ثبات وتفوق المرافعة الاتهامية التي قدمتها جنوب أفريقيا بحق «إسرائيل»، حيث قدم الفريق الإسرائيلي مرافعته أمس، رداً على مرافعة جنوب أفريقيا التي تتهم جيش الاحتلال بجرائم إبادة عن سابق تصور وتصميم. وأجمع الخبراء على الطابع الإنشائي والانفعالي للمرافعة الإسرائيلية، مقابل النص القانوني المتين لمرافعة جنوب أفريقيا، وتوقعوا أن تخرج المحكمة بقرار يستجيب لدعوى جنوب أفريقيا. واذا تدخلت السياسة ونجحت بالتدخل، فسوف تسعى إلى تخفيض سقف الاستجابة، حيث لن يكون ممكناً الذهاب إلى أبعد من ذلك في التسييس.
بعيداً عن لاهاي، كانت واشنطن ولندن تشنان فجر أمس، غارات تستهدف مواقع عديدة للجيش اليمني في أكثر من مدينة ومحافظة يمنية، وفيما أعلنت الحكومتان الأميركية والبريطانية ظهراً أنهما نجحتا بتحييد القدرة اليمنية عن إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، كان اليمن بعد الظهر يستهدف سفينة تتجه نحو موانئ الكيان بخلاف قرار أنصار الله وترفض الاستجابة للإنذار، فيلحق بها أضراراً. وكانت صنعاء والمدن اليمنية تشهد تظاهرات شعبية مليونية دعماً لقرار القيادة اليمنية بالرد على العدوان ومواصلة المهام العسكرية المقرّرة لنصرة غزة حتى وقف العدوان عليها.
العدوان على اليمن أثار ردود فعل مستنكرة على مساحة العالم، وشمل الاستنكار والتنديد حكومات عديدة في العالم من موسكو إلى القاهرة ومسقط، بينما خرجت تظاهرات في عمان تندّد بالعدوان وتهتف لليمن. وقالت مصادر في المقاومة العراقية إن كل قوى المقاومة سوف ترفع سقف أهدافها في المواجهة، وإن الاستهدافات التي تطال الأميركيين سوف تشهد تحوّلاً نوعياً تضامناً مع اليمن ورفضاً للعدوان عليه.
وفيما غادر كبير مستشاري الريس الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين لبنان بخفي حنين وخالي الوفاض، بقي الميدان سيد الموقف في ظل التطورات الخطيرة ليل أمس الأول في البحر الأحمر ودخول القوات الأميركية والبريطانية و»التحالف» الذي شكلته واشنطن، على خط الحرب في غزة واستهدفت عدة أهداف في اليمن بعد استصدارها قراراً من مجلس الأمن الدولي للتحرك عسكرياً ضد اليمن، الأمر الذي سينقل المواجهة الى مرحلة جديدة وخطيرة ستلقي بتداعياتها على كافة ساحات المنطقة ومن ضمنها لبنان وفق ما يشير خبراء عسكريون لـ»البناء»، حيث اعتبروا أن دخول واشنطن وتحالفها في الحرب سيعقد الوضع أكثر. وهذا دليل إضافي على الدور الأميركي في الحرب على غزة ورفضها أي قرار لوقف الحرب. فواشنطن عطلت وتعطل أي قرار في مجلس الأمن لوقف الحرب على غزة فيما تستصدر قراراً يبيح لها شنّ عدوان على اليمن، ما يدخل المنطقة في حالة فوضى ويضعها على فوهة انفجار كبير إذا لم يستدرك الغرب الخطأ الذي ارتكبه ويسارع الى وقف العدوان على غزة قبل انفلات الأمور. لكن الخبراء يوضحون أن القصف الأميركي لليمن لن يحلّ المشكلة ولن يوقف تحرك قوات الجيش اليمني وحركة أنصار الله في البحر الأحمر في منعها مرور السفن الإسرائيلية. ورجح الخبراء أن تقوم القوات اليمنية برد قاسٍ على الأميركيين مثل استهداف ناقلات نفط أو تجارية في باب المندب أو البحر الأحمر أو بحر العرب وخليج عدن. ولفت الخبراء الى أن الأساطيل البحرية الأميركية الغربية لا تستطيع منع اليمن من ممارسة سيادته أمنياً على البحر الأحمر.
وعلمت «البناء» أن محور المقاومة بكل ساحاته رفع درجة التنسيق وعلى أهبة الاستعداد للمرحلة الجديدة من المواجهة، وستتحرّك كل الجبهات وفق مقتضيات المرحلة، ولن يتراجع قيد أنملة عن نصرة غزة وأهلها ومقاومتها وستكون هناك مفاجآت ستظهر تباعاً كلما طالت الحرب على غزة.
واعتبر رئيس الهيئة الشّرعيّة في «حزب الله» الشّيخ محمد يزبك، أنّ «الحرب على غزة في الواقع هي حرب أميركيّة بأيد صهيونيّة»، سائلًا: «ماذا يحمل الموفد الأميركي آموس هوكشتاين من الكيان إلى لبنان في جعبته؟ إنّها حركة بدون بركة، ما دام إطلاق النّار على غزة لم يتوقّف». وشدّد، في خطبة الجمعة الّتي ألقاها في مقام السيدة خولة في بعلبك، على أنّه «ليعلم العدو أنّ تهديداته ستلقى جوابًا في ميدان المواجهة، وأنّ اعتداءاته على المدنيّين واستهداف الدفاع المدني واستشهاد شهيدَين كان الرّدّ عليه فوريًّا على كريات شمونة والمواقع الأخرى، وهذا الرّدّ هو رسالة حازمة على أنّ كلّ تصعيد من قبل العدو سيقابَل بأشدّ منه».
وأعرب يزبك عن إدانته «الاعتداءات الأميركيّة البريطانيّة وأتباعها على يمن العزّ والكرامة والاستقلال، والرّفض لهيمنة قوى الاستكبار والحرب الصّهيوأميركيّة على غزة. ومهما برّر الأميركي بأنّه دفاع عن قوّاته الّتي تحمي الكيان ودعمه رافضًا لحصار الكيان بحرًا، ورافضًا للإنذارات الّتي وجّهتها القيادة اليمنيّة والشعب العظيم المطالب بوقف إطلاق النّار على غزة، فإنّ هذه الاعتداءات الوحشيّة لن تنال من عزيمة الشعب اليمني وجيشه وقيادته».
كما حيّا «أبطال المقاومة في العراق وضرباتهم للقواعد الأميركيّة، فالمحور كلّه في حالة حرب إسنادًا لغزة، ما لم يتوقّف إطلاق النّار على غزة والمجازر الوحشيّة على أهلها، والإبادة الّتي قاربت يومها الـ100، وعجز المجتمع الدولي عن إيقاف إطلاق النّار». وأشار يزبك إلى أنّ «المقاومة الشّريفة في غزة تلقّن العدو الضّربات المؤلمة، الّتي تركته حائرًا بعد 100 يوم لم يستطع أن ينال من عزيمتها وصمود الشّعب الجبار، الّذي سيكتب له النّصر ويخلّده التّاريخ. إنّه شعب يستطيع بمقاومته أن يحرّر وطنه ويقيم دولته على كامل تراب فلسطين».
الى ذلك، واصل حزب الله تسديد ضرباته ضد أهداف العدو الإسرائيلي، وأعلن استهداف «تجمعات لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع حدب البستان بالأسلحة المناسبة وحقّق فيها إصابات مباشرة».
في المقابل استمر الاحتلال الاسرائيلي بعدوانه على الجنوب، فأصيب المواطن ياسر مراد بطلق ناري في قدمه اطلقته في اتجاهه بندقية جيش الاحتلال قبالة مستعمرة المطلة. ونقل الصليب الأحمر اللبناني الذي توجه إلى المكان بمواكبة من عناصر الجيش اللبناني و»اليونيفيل» الجريح إلى مستشفى مرجعيون الحكومي.. وأفيد بأن دورية للكتيبة الإسبانية في اليونيفيل صودف مرورها في المكان، حمت سيارته بآلياتها من رصاص العدو، وسارع عناصرها الى تقديم الإسعافات الأولية لحين وصول الصليب الأحمر اللبناني والجيش.. كما تعرّضت بلدتا ميس الجبل وحولا للقصف المدفعي الاسرائيلي.
ولا زالت الصحافة الإسرائيلية تنشر مقالات ومعطيات عن المأزق الذي يعيشه مستوطنو الشمال بسبب الحرب مع حزب الله والتحذير من خطر الدخول في حرب مع الحزب، وأفاد موقع «القناة 12» العبرية بأنّه في ظلّ الصواريخ المضادّة للدبابات وإطلاق الصواريخ، يتزايد تهديد آخر من الطائرات بدون طيار. ففي هذا الأسبوع فقط، تعرّضت قاعدة القيادة الشمالية لهجوم بطائرات بدون طيار تابعة لحزب الله. وأضاف الموقع أنّه «وفقًا لتقديرات مركز «علما» الذي يُحقّق في التحديات الأمنية التي تواجهها «إسرائيل» في الشمال، فإن حزب الله لديه أكثر من 2000 طائرة بدون طيار من جميع الأنواع – لأغراض انتحارية وهجومية واستخبارية».
وقال مدير الأبحاث في مركز «علما» لموقع القناة 12 الإسرائيلية تال باري إن «النماذج المُنتجة ذاتيًا مبنية على النماذج التي جاءت من إيران»، وأضاف: «خلال الحرب، رأينا أيضًا أن حزب الله كان يشغّل طائرات بدون طيار صينيّة الصنع لجمع المعلومات الاستخبارية. والتي يمكن طلبها عبر الإنترنت بتكلفة تتراوح بين 3000 و3500 دولار».
وأشار إلى أنه «في البداية كان الأمر يتعلّق بالطائرات بدون طيار التي تجمع المعلومات الاستخبارية، ولكن الآن، ولأول مرة، يعمل حزب الله أيضًا ضد «إسرائيل» كطائرات بدون طيار انتحارية. ويتم تشغيلها ضد قواعد وتجمّعات القوات. النوع الأساسي للطائرات بدون طيار الانتحارية التي يستخدمها حزب الله هو مرصاد 1. لدى حزب الله أيضًا طائرات بدون طيار تستخدم للمراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية. يصل مدى الهجوم لمرصاد 1 إلى 120 كيلومترًا، وهي قادرة على حمل 40 كلغ من المتفجّرات وسرعة طيران تصل إلى 250 كم/ساعة. إضافة لذلك، هي قادرة على التحليق لارتفاع يصل إلى 10 آلاف قدم تقريباً».
في غضون ذلك، لم تنتهِ جولة الموفد الأميركي هوكشتاين بأيّ حل للأزمة على الحدود، وكشف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مستهل مجلس الوزراء عن ما سمعه هوكشتاين من المسؤولين اللبنانيين، وقال: «أبلغنا جميع الموفدين أن الحديث عن تهدئة في لبنان فقط أمر غير منطقي، وانطلاقاً من عروبتنا ومبادئنا، نطالب بأن يصار في أسرع وقت ممكن الى وقف إطلاق النار في غزة، بالتوازي مع وقف اطلاق نار جدّي في لبنان. نحن لا نقبل بأن يكون أخوة لنا يتعرّضون للإبادة الجماعية والتدمير، ونحن نبحث فقط عن اتفاق خاص مع أحد. وفي السياق ايضاً فإننا نحيي مبادرة جنوب أفريقيا برفع دعوى ضدّ «إسرائيل» أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعيّة، ونتطلّع إلى صدور حكم عادل وعاجل يعكس احترام القيم وحقوق الإنسان، لا سيّما القانون الدّولي الإنساني. بالأمس شهدنا المرافعة الأولى والنقاط الأساسية التي أثيرت فيها، وبغض النظر عما سيصدر عن المحكمة الدولية، فان الاساس أن هناك من يسأل اين هي الشرعية الدولية والقانون الدولي».
ولفتت أوساط مطلعة على زيارة هوكشتاين لـ»البناء» الى أن الضيف الأميركي جاء للبحث عن مكاسب أمنية لـ»إسرائيل» على حساب حقوق لبنان تصرفها حكومة الحرب في الحرب على غزة برفع معنويات جيشها المنهار وتطمين مستوطنيها الذين يرفضون العودة الى غلاف غزة وشمال فلسطين. ولذلك يريد هوكشتاين انتزاع ضمانات من الحكومة اللبنانية بتهدئة الجبهة الجنوبية أو على الأقل تخفيف حدة العمليات العسكرية التي يقوم بها حزب الله ضد «إسرائيل» وقبل انتهاء الحرب على غزة، مقابل أن يبذل جهوداً لمنع «إسرائيل» من شن حرب واسعة على لبنان، فقوبل بموقف لبناني جامع برفض التهدئة من جانب واحد فقط، والإصرار على أنه يجب العمل على أصل المشكلة وهي وقف العدوان على غزة ثم التفاوض مع لبنان على الملف الحدودي لتثبيت حدوده المحددة وفق الاتفاقات الدولية المعروفة. ولذلك أي حل للملف الحدودي وفق الأوساط يجب أن يرتكز على ثلاث قواعد: وقف الحرب على غزة، وقف الاعتدءات الاسرائيلية على لبنان، وانسحاب قوات الاحتلال من كافة الأراضي المحتلة وبما فيها مزارع شبعا والنقطة ب 1 ، وأي حل لا يراعي ذلك فإن التصعيد مستمر والى مزيد من التأزيم.
ورحّب هوكشتاين «بالسفيرة الاميركية الجديدة لدى لبنان ليزا جونسون»، لافتاً عبر مواقع التواصل الإجتماعي، الى أننا «ممتنون أنه سيكون لدينا ممثل استثنائي وذو خبرة وذكي وموهوب في بيروت. لقد كنت محظوظًا بالترحيب بها شخصيًا على المدرج قبل مغادرتي».
على صعيد آخر، وفيما علمت «البناء» أن الموفد الفرنسي جان ايف لودريان سيزور لبنان أواخر الشهر الجاري أو مطلع شهر شبباط المقبل، لمتابعة اللقاءات على الخط الرئاسي، نقلت وسائل إعلامية عن مصادر في السفارة الفرنسية بأن «اللجنة الخماسية ستجتمع ما بين نهاية شهر كانون الثاني واوائل شباط المقبل على أن يزور لبنان بعد اللقاء ووفقاً لمقرارته». وأوضحت المصادر أن «الخماسية ستركز على الخيار الثالث والإصلاحي وتشكيل حكومة تعمل بمشروع إصلاحي وفقاً لبيان نيويورك الأول».
وتحدثت المصادر عن «حراك رئاسي داخلي في الأسبوع المقبل سيتقاطع مع الحراك الخارجي للذهاب إلى انتخاب رئيس وفصل مسار الرئاسة عن مسار الاشتباك على الحدود الجنوبية».
وكان مجلس الوزراء عقد جلسة في السراي الحكومي برئاسة ميقاتي. وأشار بعدها وزير الإعلام زياد المكاري الى أن «مجلس الوزراء قرّر رد ثلاثة قوانين الى مجلس النواب وهي القانون المتعلق بالهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وبتنظيم الموازنة المدرسية، والقانون الرامي إلى إعطاء مساعدة مالية لحساب صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة والقانون المتعلق بتعديل قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية».
وعن ملف التعيينات العسكرية قال: «دولة الرئيس ينتظر جواباً من معالي وزير الدفاع وهناك مهلة لذلك حتى الخامس عشر من كانون الثاني، وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه».
وأشارت معلومات الى أن «مجلس الوزراء وافق على كتاب وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض لتوقيع عقد جديد مع العراق لاستقدام الفيول».