الدوحة… الجامعة
إبراهيم وزنه
قبل أن أتوجّه إليها… كنت قد سمعت من الزملاء عن “دوحتها” الناهضة على أكثر من صعيد، عمرانياً وخدمياً وثقافياً وإعلامياً… قرأت عن إنجازاتها الرياضية والإنسانية والاجتماعية، وتابعت الكثير من تفاصيل تلك الومضات عبر محطاتها التلفزيونية “الجزيرة” و”بي أن سبورت”… إنها قطر عاصمة السياحة العربية كما يروّج لها في الفترة الأخيرة، فعلى أرضها تتلاقى أصالة الماضي مع حداثة الحاضر، حتى أصبحت مع الوقت قبلة المجتهدين والوجهة المثالية للراغبين في خوض التجارب الفريدة في كافة الميادين.
على مدى ثلاثة أيام من تواجدي في الدوحة متابعاً لفعاليات بطولة كأس آسيا لكرة القدم في نسختها الثامنة عشرة، رحت أطابق كل ما سمعته وقرأته وتابعته مع ما لمسته وعايشته ولاحظته على أرض الواقع، سريعاً أدركت مدى تواضع معرفتي حول تلك الواحة الحضارية الناهضة بتواضع وثبات، الجزيرة المحاطة باللآلئ العمرانية، العامرة بالفرح المزهوّة بطمأنينة أهلها وناسها وزوّارها.
من دون مجاملة، استنتجت بأن الدوحة، هي الجامعة بكل ما للكلمة من معنى، جامعة للناس من كافة الأطياف والألوان والأديان ومن جميع أصقاع الأرض وقاراتها، تجمعهم على دين واحد هو الانسانية وعلى خير العمل هو بناء الانسان… وفي الوقت نفس هي المدرسة والجامعة، وهنا أسمح لنفسي بأن أشيد بما لمسته من أداء متطوّر لزملائي اللبنانيين العاملين في الإعلام الرياضي والذين حطّوا رحالهم في دوحة العلم والعمل الجاد منذ عدّة سنوات، جميعهم دون استثناء، من محررين ومصورين ومعدّي ومقدّمي برامج، وأعتقد جازماً، بأنه ما كان ليتحقق لهم ذلك الارتقاء المهني فيما لو آثروا البقاء في لبنان حيث الصعاب تحيط بأبنائه وسكانه من كل الجهات. ففي دوحة المجد راكموا خبراتهم وعملوا بجد وإخلاص تحت سقف التحفيز المصحوب بمبدأ الثواب والعقاب… وما بين معرفتي بهم وبقدراتهم في لبنان قبل سنوات طوال وما رأيته وسمعته منهم وعنهم في قطر هناك فوارق كثيرة مع تبدّل ملحوظ في مقاربتهم للأمور، وما عساني إلا أن أبارك لهم نجاحهم في الانتقال من حال إلى حال، على أمل أن يعود للإعلام الرياضي في لبنان وهجه… دعونا من التمنيات، نحن لا نملك الإمكانيات.
وآخر الكلام، بوركت جهود القيّمين على تحويل دوحة قطر إلى درّة الأقطار والسلام عليكم.