دبوس
الاحتمال الثالث
ربما حتى لن يُتاح لهم أن يعودوا أفقيّاً إلى بلادهم، ولا رأسيّاً، يبدو أننا بإزاء ثلاثة خيارات أمام جنود الغرب القتلة، وليس خيارين، العودة رأسيّاً على القدمين إذا اختاروا المغادرة طوعاً، أو العودة أفقيّاً محمولين، أو عدم العودة على الإطلاق لأنّ واحدة من أسماك القرش الجائعة في البحر الأحمر قد ابتلعتهم وأكلتهم وهضمتهم…
الإبداع الربّاني كما أراه في ما قرأت من القرآن، يتجلّى في ثلاث طفرات يحدثها رب العزّة، ورب غزّة، الخلق، والجعل، والفلق، ولن أخوض الآن إلّا في الفلق، فقل أعوذ برب الفلق، من شرّ ما خلق، فهو يستخلص الخير من الحالة المتاحة حينما يستفزّ عملية الفلق، ويترتب على ذلك ما نراه الآن، أمة انتفض أرباب الخير المطلق فيها، أولي البأس الشديد في لبنان وفلسطين واليمن وإيران والعراق وسورية، وترتب على هذا الاستخلاص للخير، نقيضه، حثالة هم شرّ ما خلق، يخونون ويعهرون ويتراقصون ويحتفلون ويجهرون بمارق القول بأنّ فلسطين ليست قضيتهم،
الأمة فلقت الآن إلى حالتين متناقضتين، حالة تجد فيها الرجال ينطلقون في سبيل الله والوطن والمستضعفين، يقاتلون بلا هوادة، يطلبون إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة، وهم أولي بأس شديد لا يثنيهم عن الهدف كلّ إغراءات الدنيا، وحالة نقيضة يتراقص فيها الرجال والنساء والأشلاء تتناثر في غزة، ويحتفلون ويكرعون المحرّمات ويرتزقون من الدعارة، وينسلخون عن كلّ الخير، وكلّ ما دعا إليه محمد…
نحن الآن في حالة الفلق، الخير كلّه، ضد الشرّ كلّه، استخلص الخير، فانكشف الشرّ، وانبعث يعيث في الأرض فساداً، في الموضوع وفي الكتلة الماديّة، فتنطلق ترّهات الشرّ من الأفواه العفنة، تدعو الى توحّد الأعراب وكيان الشرّ المطلق للتصدّي لمحور المقاومة، وتدعو في مكان آخر لمحاسبة حماس على “فعلتها النكراء” بالتصدي للمحتلّ وللاستيطان ولتغوّل هذا المحتلّ، ودعوات أخرى ترى انّ فلسطين ليست قضيتهم، وهكذا…
أما في الكتلة المادية النارية، فإنك ترى كل هذا التوحّش من قبل الكيان البائد، وتدفّق المساعدات الغذائية والعسكرية من قواعد الشيطان الأعظم في بلاد الأعراب، ثم يتوّج الآن كل ذلك بهجوم الأنجلوساكسون على اليمن العظيم، حيث ستبتلعهم أسماك قرش البحر الأحمر الجائعة…
سميح التايه