الاغتيالات تدقّ ناقوس حرب إقليمية واسعة
وفاء بهاني
تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من التوتر المتزايد، حيث تكشف الأحداث الأخيرة عن تطورات مهمة في الساحتين العربية والإقليمية، ومن بين هذه التطورات استهداف الكيان الصهيوني لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري في بيروت، ما يظهر أن الكيان الصهيوني يتسلح بالفرص ويسعى لتحقيق أهدافه باستخدام طرقه الخبيثة التي اعتاد ممارسته، والتي كان أهمّها رصدها للشهيد العاروري كهدف رئيسي لها.
كما انّ السياق الزمني لهذا الاستهداف مهمّ جداً للتعرّف على أسباب وتداعيات هذا الاغتيال، وما يمكن أن تشهده الساحة من اغتيالات في الفترة القادمة حسب تصريحات قادة الكيان الصهيوني، مما يشير إلى تغيير في ديناميكية الوضع، وتغيرات عديدة في أوراق أطراف هذه الحرب، كما تمّ التأكيد على أنّ الاستهداف يأتي في إطار توتير العلاقات بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني حول استراتيجية الحرب والأهداف المرتقبة والطريقة التي يمكن للكيان الصهيوني محاولة ردّ اعتباره بها بعد عملية طوفان الأقصى، فالخلاف هو حول كيفية تنفيذ الكيان الصهيوني عملياته في المنطقة.
فهذه الحادثة تطرح الكثير والعديد من التساؤلات حول مدى تأثيرها على وضع المنطقة في الوقت الحاضر وفي الأيام المقبلة، وإعلان الولايات المتحدة سحب حاملة الطائرات جيرالد فورد من المنطقة ليس بسبب خلافها مع سياسة الكيان مباشرة بل هي حركة تكتيكية متخذة بذكاء وعن دراسة من قبل المخابرات الأميركية، فهي تعلم جيداً أنّ المنطقة على شفير حرب قوية يمكن استهداف هذه الحاملة بها، مما سيجعل لأميركا خيار أوحد وهي الدخول بصورة رسمية بالحرب لردّ هيبتها التي طالما تحاول الحفاظ عليها في المقام الأول، والتي ترفض المساس بها.
وعلى الرغم من أهمية الحدث في إلقاء الضوء على الأوضاع الراهنة، يظهر أنّ الهدف الرئيسي للكيان الصهيوني هو نقل رسالة إلى حزب الله وإيران بأنها مستعدة للتصعيد، حتى إلى حدّ الحرب الشاملة، ما يدلل على تغيير استراتيجية الكيان الصهيوني السابقة بأن لا تظلّ الحرب داخل غلاف غزة، واحتمالية توسعها لتشمل جبهات عدة وضعها أشبه ببرميل البارود القابل للاشتعال في أي لحظة.
وردّ حزب الله على هذه الاغتيالات كان عبر استهداف قاعدة ميرون الصهيونية والتي استهدفت بوابل من الصواريخ رداً على هذه الاغتيالات التي تمّت في لبنان سواء للقائد الشهيد العاروري، أو للقائد الشهيد وسام طويل.
ويبدو الكيان الصهيوني مستعداً للمراهنة بشكل خطير على استمرار التوتر مع لبنان، وتسعى لتحدي أميركا بأنها لن تتردّد في توسيع دائرة الصراع حتى دون دعم أميركي، مما سيجعل المجتمع الدولي متابعة هذا التطور الخطير والعمل على تهدئة التوترات وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
الجدير بالذكر أنّ استهداف الشخصيات الرئيسية في حماس وحزب الله يأتي في سياق تصعيد الكيان الصهيوني ضد محور المقاومة في المنطقة. يُعتبر حزب الله وحماس من أبرز المعنيين في هذا المحور، ولهذا فإنّ استهداف القادة يُعتبر رسالة من الكيان بأنه سيسعى دوماً بأيّ من الأفعال الدنيئة التي يمكن أن تحدث ضجة كبيرة في المنطقة من أجل صورته التي بلا شك أصبحت سيئة للغاية سواء أمام الصهاينة أنفسهم أو أمام المجتمع الدولي.
الرد الأوّلي القاسي الذي نفذه حزب الله على اغتيال القائدين العاروري وطويل سواء على قاعدة ميرون في جبل الجرمق أو على مقر قيادة المنطقة الشمالية في صفد، هذا الردّ هو عبارة عن بداية، ولا شكّ أنّ الآتي سيكون أكبر وأصعب على هذا الكيان.
كما أنّ ردّ المقاومة الفلسطينية سيكون له نصيب الأسد من هذه الأحداث التي سيكون صداها مدوياً على مرأى ومسمع من العالم الذي باتت أحداث الحرب في غزة هي المسيطرة على أحداث الإعلام في العالم الغربي والعربي، ولهذه سيكون ردّ المقاومة قاسياً وشديداً وهو المتوقع على كافة الأصعدة.
واستهداف الشخصيات البارزة لتقويض هيكلية وتنظيم حركات المقاومة لا يضعف عزيمة المقاومة بل يعززها ويؤدّي إلى تعاقب الأجيال في سعيها لتحقيق الهدف المنشود، فالجميع سواء القادة أو شباب المقاومة سيان في تقديم أرواحهم من أجل نصرة فلسطين الحرة، ولن تفيد مثل هذه الحركات الدنيئة نتنياهو أو حكومة الصهاينة لإضعاف عزيمة المقاومة، فهنا رجال يطلبون الشهادة ويبتغونها من الله في كلّ صلاة من أجل تحرير كلّ شبر من أرض فلسطين…