في «سوق واقف» بطولة من نوع آخر
إبراهيم وزنه
بعيداً عن المباريات الحماسية التي تجري على ملاعب الدوحة الموزّعة في كافة أنحائها، ملاعب تجسّد في أسمائها وأشكالها حكايا ارتباط المواطن القطري بالأرض والتراث مع تبيان الطموحات، تدور في الوقت عينه مباريات من نوع آخر، ميادينها الشوارع والساحات والمناطق العامة والأسواق، فجماهير البلدان الـ 24 المشاركة في العرس الكروي الآسيوي في حالة استنفار دائم، لمواجهة كاميرات المحطات المنتشرة في أكثر من مكان بهدف نقل مشاعرها وشعاراتها وهتافاتها وتمنياتها. وفي هذا الميدان الأصوات تصدح وتمدح، والقلوب تحزن وتفرح، فقبل انطلاق المباريات تنطلق المظاهرات العفوية في أكثر من اتجاه وتزداد الحلقات الحماسية في أكثر من موقع، التزريك والوعيد مع رفع الرايات وحدها اللغة السائدة بين طرفي المباراة المسائية، يا لروعة الأجواء الكرنفالية التي تقود قطر بجدارة للوقوف فوق منصة التتويج كعاصمة للسياحة الرياضية.
وتبقى الصورة الأجمل في «سوق واقف»، قلب الدوحـة النابض بالحياة وروعة السهر ومتعة التسوق، هناك في قلب هذا السوق الأشهر في دوحة العرب، يصطاد مراسلو المحطات أجمل الفعاليات وأصدق المشاعر … بصدق وقناعة مصحوبين بالتحدّي والانفعال تعبّر جماهير المنتخبات العربية عن تعاطفها الكبير مع القضية الفلسطينية… فالسعوديون في طواف دائم، يعلنون التحدّي ويمـنّون النفوس باحراز اللقب القاري، العُمانيون هادئون في تجمّعاتهم وهم بذلك يعكـسون صورة بلادهم وسياساتها في مقاربة الأمور، الإماراتيون يراقبون المشهد من بعيد لبعيد، فيما اللبنانيون والســوريون والعراقيــون يضفون في تجمعاتهم الفرحة على الحاضرين لجهة تمســكهم بانشاد الأغاني والأناشيد الوطنية مع تميّز واضح لأبناء بــلاد الرافدين، الفلسطينيون يرفعون أعلام بلادهم والتي باتت في هذه الأيــام محفوظة عن ظهر قلب والأشهر في كل جهات الأرض، مع إنشاد جــماعي، بعزٍّ وافتخار «أنا دمّي فلسطيني»، أما أصحاب الأرض ـ الأخوة من أبناء دولة قطر ـ فالابتسامات لا تفارق وجوههم، يرحّبون ويتمنّون دوام استضافة المهرجانات الرياضية الجامعة. فيما جماهير الدول الآسيوية منشغلون بتصوير الفعاليات الارتجالية لأبناء الجاليات العربية، وفي حالة تسوّق على مدار الساعة مع بعض المفاصلة، علّهم يحظون بتذكار يحملونه إلى بلادهم.
بالمحصلة، في سوق واقف، ترتفع الأصوات، تتواصل الحضارات، تلتقي الجنسيات، تحلو السهرات، فعــلى أرضه وفي معظم محاله ومطاعمه ومقاهيه الممتلئة عن بكرة أبيها تكثر اللقاءات مع سيطرة واضحة للغة الانكليزية على معظم الحوارات… ففي سوق واقف، حيث الأبهام الذهبي يرسم علامة الاعجاب يقف المرء طويلاً دون أن يشعر بالتعب، فالمشاعر في راحة والقلوب في نزهة، والناس في أنس مستمرّ حتى طلوع الفجر… بوركت دولة قطر ودوحتها الجامعة لكل أطياف البشر.