أميركا تداري «خيبة أملها»
وفاء بهاني
تطرق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في لقاء مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة تعزيز التقارب بين الدول العربية والكيان الصهيوني، باعتباره السبيل الأمثل لعزل إيران، يظهر أنّ موضوع «عزل إيران» كان أبرز محور خلال جولته في الشرق الأوسط، وذلك على الرغم من زياراته السابقة للأردن والبحرين وغيرها من دول المنطقة.
والتحوّلات الرئيسية في هذا السياق تثير التساؤلات، خاصة أنها تعكس اهتمام بلينكن بموضوع «عزل إيران» في ختام جولته، ما يشير إلى أنّ هذا هو الأمر الرئيسي الذي ترك انطباعاً في ذهنه، ورغم التطرق إلى قضايا أخرى مثل غزة والقضية الفلسطينية بشكل هامشي، إلا أنّ الاهتمام الرئيسي كان منصبّاً على إيران.
ويظهر تخبّط الإدارة الأميركية، وبشكل خاص الدبلوماسية الأميركية، عندما يتحدث بلينكن عن التقارب العربي مع الكيان الصهيوني المغتصب دون الأخذ في اعتباره الحساسيات العربية تجاه تلك العلاقات، ويتمّ التركيز على «عزل إيران» دون أخذ بعين الاعتبار القضايا الإنسانية والجرائم التي ترتكبها الحكومة الصهيونية في غزة.
فكونه يركز على موضوع عزل إيران ويتناسى تماماً كمّ الخلافات والمشكلات بين الكيان الصهيوني، وبين العديد من الدول العربية التي تصل إلى عداوة الدم، أيّ أنّ محاولته لتصفية وتوطين العلاقات بين الكيان وبين دول المنطقة حتى وإنْ طبّعت بعض الحكومات لمصالحها مع أميركا فستظلّ الشعوب ساخطة وكارهة للكيان الصهبوني وتحلم وتتمنّى يوم زواله، فبالفعل هناك تخبّطات قي سياسات أميركا.
الجدير بالذكر أنّ هناك تضارباً بين الخطاب الأميركي حيال الكيان الصهيوني ومواقف الحكومات العربية المتصاعدة تجاهها، في ظلّ اتهامات العدوانية الأميركية ودعمها للكيان الصهيوني، يبدو أنّ بلينكن يرغب في توجيه رسالة إعلامية إلى مصر بخصوص جهود استعادة العلاقات مع إيران.
مع تأكيد أهمية القضايا الإقليمية الأخرى مثل اليمن والملاحة في البحر الأحمر، يظهر أنّ تصريحات بلينكن حول «عزل إيران» قد تأتي في سياق الفشل المحتمل لجهوده في الشرق الأوسط، حيث يبدو أنه يحاول اللجوء إلى قضية إيران كسلاح لتغطية فشل أميركا وضعفها في إدارة أمور المنطقة.
لذلك يتعيّن على الولايات المتحدة التفكير بعناية في التحديات التي تواجهها في المنطقة بشكل شامل بدلاً من التركيز على «عزل إيران» كموضوع رئيسي، لأتها تخسر الكثير من مواقعها السياسية والاقتصادية على المستوى الاستراتيجي نتيجة دعمها للكيان الصهيوني، خاصة أنّ الرأي العام العالمي يرى ويسمع ويقرأ كيف تتمّ محاكمة هذا الكيان أمام محكمة العدل الدولية لارتكابه جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وذلك بناء على دعوى قضائية متماسكة قدمتها جنوب أفريقيا بما لها من تاريخ وخبرة واسعة جداً على صعيد مواجهة الأنظمة العنصرية المجرمة…